وثيقة حماس و «الغضب المرواني»

الأربعاء، 03 مايو 2017 08:50 م
وثيقة حماس و «الغضب المرواني»
أحمد فؤاد أنور يكتب

دفع مروان كنفاني النجم الرياضي التاريخي وكاتم أسرار الزعيم ياسر عرفات بكتابه الجديد للمطبعة قبل إصدار حركة حماس لوثيقتها السياسية بأسابيع ومع هذا أتت الوثيقة لتؤكد من جديد صحة تقديرات وتوقعات مروان كنفاني؛ فالوثيقة اقتربت من مواقف ياسر عرفات ومنظمة التحرير إلى حد التماهي، في البند عشرين حين تحدثت عن قبولها «دولة فلسطينية مؤقتة على حدود 1967»،  وفي نفس الوقت أعفت نفسها من الارتباط التنظيمي بالإخوان المسلمين وأقرت بشكل قاطع «رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول»، وإذا اضفنا إلى هذا التزام حماس الكامل باتفاق التهدئة مع إسرائيل سنجد أنفسنا أمام فروق في المواقف من الصعب أن يتم اكتشافها بالعين المجردة، وبالتالي لا تستحق أن يعاني المواطن الفلسطينين العادي من أجلها.

إن وثيقة حماس، وكتاب مروان كنفاني المزمع إطلاقه رسميا في القاهرة يوم الجمعة المقبل تعد دليلا جديدا على تعقد مشكلة الشعب الفلسطيني مع تشعب المسارات بلا منطق، وبعد أن وجد الشعب الفلسطيني وحيدا أو شبه وحيدا في مواجهة إسرائيل بعد إعادة ترتيب أولويات الحركات الفلسطينية دون مبرر، وعلى حساب المواطن الفلسطيني. كتاب السيد مروان كنفاني كتاب هام فهو شاهد على عبقرية عرفات في تمسكه بالثوابت الفلسطينية وأهمها السعي الحثيث إلى التحالفات العربية والدولية، وهو ما ضيعته حركة حماس كفرع للإخوان المسلمين في غزة.

وهو كتاب لا يخلو من الصراحة الصادمة سعيا لبلورة صيغة تحقق المعجزة المتمثلة في وقف الانقسام والاتفاق على برنامج عمل موحد للمفاوض وللمقاوم إذا ما استدعت الحاجة لحمل السلاح.

يقول مروان في كتابه الجديد وربما تكون هذه الفقرة قد تم كتابتها قبل شهور من إعلان خالد مشعل لوثيقة حماس الجديدة منتصف الأسبوع الجاري: «فتح وحماس ليستا متخاصمتين ولا متصادمتين في ساحات الوغى وأتون المعارك، ولا هما مختلفتان حقيقة على مبادئ وسبل وأسلوب وأهداف إدارة الصراع مع العدو الصيهوني، وإنما هما في صراع حول السلطة ومناطق النفوذ»، والسؤال هنا هل هذا مروان الذي اقترب ورأى، أم أنه الفتى مروان الغاضب عاد ليطل علينا من جديد؟ فالكاتب الفلسطيني مروان كنفاني الذي قرر أن يحتفل بكتابه «عن الفلسطينيين فقط- جدلية النجاح والفشل» بحفل توقيع بسيط في قاعة على نيل القاهرة، نشأ في أسرة ميسورة الحال فوالده محام اشترى مكتبا في يافا ومنزلا وحقلا في قرية فلسطينية قريبة، لكن العصابات الصهيونية استولت على كل ذلك وحولت الأسرة إلى أسرة من اللاجئين، فوجه الفتى مروان -حسب اعترافه- غضبه صوب الجميع بشكل منفلت وعنيف، حتى دخل في حوار مع فتاة مثقفة أمام جمهور أظهر أن الشعارات لا تكفي وأن المطلوب هو الوعي بالاطلاع والقراءة بالعربية وباللغات الأجنبية أيضا.

بعد سنوات طويلة من الصمت، رغم أنه رافق الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في تونس واليمن وغزة باعتباره المساعد الأقرب له بعد اعتزاله كنجم متألق في صفوف النادي الأهلي، وبعد تركه للعمل الدبلوماسي في جامعة الدول العربية ليسلك طريق الكفاح الذي دفع ثمنه شقيقه غسان كنفاني حياته ثمنا له.

الكتاب الذي يصدر عن دار المركز الثقافي المصري، وكتب مقدمته الدكتور مصطفى الفقي يسعى للإجابة على تساؤلات من بينها كيف ولماذا فقد الفلسطينيون الأرض؟ وهل ستتحقق المعجزة وينتهي الانقسام؟ والواضح في هذا السياق هو أن التراشق بين الأصوات الفلسطينية الصاخبة والتي تطال حتى الرئيس الشهيد ياسر عرفات دفع المؤلف للكتابة وحسبما يقول في الكتاب، إن النقد والانتقاد والسرد التاريخي، والتجارب، الناجح منها والفاشل، التي يستعرضها الكتاب تهدف لدعم وتقوية الموقف الفلسطيني السياسي والمقاوم، تجاه القوة العاتية لإسرائيل وحلفائها.

إن قناعتي، والعديد العديد من شعبنا، تعكس إمكانية واستطاعة وقدرة الفلسطينيين على أن يكونوا في وضع أفضل مما نحن عليه اليوم، وأن السلاح الأمضى لنا، قبل البنادق والصواريخ، هو وحدتنا، هكذا يقول الواقع والتاريخ، وهذا ما يقوله الكتاب.. الذي لم يضن على القراء بسرد تاريخي لتاريخ النضال الفلسطيني تم دمجه مع لمحات من سيرة مروان الذاتية، وأيضا توجهات الحركة الصهيونية وأهم محطاتها.  

الخلاصة هي أن الواقع الفلسطيني المرير يدفع المواطن والمفكر المستقل إلى الغضب من الجمود الحالي والتراجع الراهن بعد تمترس كل طرف فلسطيني خلف مواقف يرى أن ستحمي مصالجه الضيقة، رغم أن مساحة العمل المشترك شاسعة ونهج ياسر عرفات سيحسن الأحوال بشكل ملموس في زمن قصير لو خلصت النوايا، فالوضع الراهن المؤلم لن يتم تجاوزه إلا بالتجرد ووحدة الصف، لأن الانقسام يضعف المفاوض والمقاوم على حد السواء ويدفع ثمنه -بلا مبرر- المواطن الفلسطيني المنهك من نير الاحتلال، وضياع الفرص.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة