هل استفادت مصر من زيارة بابا الفاتيكان؟

السبت، 06 مايو 2017 05:08 م
هل استفادت مصر من زيارة بابا الفاتيكان؟

قل ما شئت عن الزيارة وأوصفها بما شئت من أوصاف.. بأنها تاريخية واستثنائية وفى لحظة غير عادية ومن بابا شجاع وصاحب قرار مستقل.  بالفعل زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس لمصر لمدة 27 ساعة حققت كل أهدافها المرجوة منذ إعلان الفاتيكان نية البابا زيارة مصر تلبية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى زاره فى الفاتيكان فى نوفمبر 2014.

ربما لأول مرة يلتقى بابا الفاتيكان رئيس دولة فى أقل من 3 سنوات والحال نفسه مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس.
 
أقول إن البابا فرنسيس شجاع لأنه لم يصغ للتحذيرات والمطالب بإلغاء أو تأجيل الزيارة، فخفافيش الظلام ودعاة العنف والإرهاب حاولوا بكل ما أوتوا من قوة إفساد وإفشال الزيارة ودبروا حادث تفجير الكنيستين فى طنطا والإسكندرية للإيحاء بحالة عدم استقرار الأوضاع فى مصر وأن مصر لا تتمتع بالأمن وأن هناك خطورة على حياة البابا لو زار مصر، وانتهزت آلة الدعاية السوداء لجماعة الإرهاب الدولى وأعوانها الحادث لتحذير الفاتيكان من زيارة مصر، لكن شجاعة الباب حطمت أحلامهم ودمرت آمالهم وأعلن البابا تمسكه بإتمام الزيارة إلى مصر أرض السلام وحاضنة الأنبياء ومنبع العلم والحضارة وبوتقة التسامح والسلام والتعايش والوحدة.
 
كان قرار البابا لطمة قوية وصفعة مدوية على أقفية أعداء الإنسانية والحضارة ومن وراءهم، فجاء البابا فرنسيس رسول المحبة والسلام إلى أرض السلام فى أمن وطمأنينة وأمان لأنه بخلفيته الثقافية يدرك أهمية هذا البلد وجغرافيته وتاريخه وحضارته، فهو ينتمى إلى مدرسة مختلفة عن باقى باباوات الفاتيكان، فهو الدارس للتاريخ والجغرافيا والفلسفة والعلوم الإنسانية والمنتمى إلى دولة قريبة الشبه من دول العالم الثالث الذى يعانى ويلات الحروب والدمار والإرهاب على أيدى تجار الدم والسلاح.
 
قل ما شئت بأنه لأول مرة يلتقى كبار الرموز والقيم الدينية فى العالم على أرض مصر، الفاتيكان الذى يمثل مليارا و300 مليون مسيحى فى العالم، والأزهر الذى يتبعه مليار و400 مليون مسلم حول العالم، والكنيسة الوطنية المصرية ممثلة بمئات الملايين فى لحظة تاريخية للتقارب والاقتراب الفكرى والحوار الدينى الصحيح، وعودة حوار الأديان الرافض للعنف والتعصب الأعمى والإرهاب والقتل باسم الدين.
 
فضيلة شيخ الأزهر تجلى فى كلمته أمام بابا الفاتيكان، وكانت دليلا على استمرار حركة التنوير والإصلاح التى ينادى بها دائما علماء الأزهر على مدى التاريخ، وكسر البابا التقاليد والبروتوكولات الباباوية وعانق شيخ الأزهر فى مشهد تاريخى فى دلالة على التقدير، والاحترام المتبادل بين قطبى الدين الإسلامى والمسيحى فى العالم، وأن كل منهما يمثل أكبر رموز الديانتين، وهى دلالة على عدم وجود خلاف على أساس الدين مثلما يسوق أصحاب العقول المتخلفة التى لا ترى أمامها سوى الهدم والعنف.
 
زيارة الباب حملت عدة رسائل أولها أنها دليل على استقرار مصر، واعتراف قوى بقدرات الدولة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، واعتراف بقدرة مصر أو الأرض المقدسة كما قال بابا الفاتيكان على قيادة الحوار بين الأديان ومحاربة الإرهاب، وتأكيد على محورية ومركزية الدولة المصرية الساعية إلى قيادة الإقليم، وأن الدولة المصرية هى دولة تقدم نموذجا للاستقرار والتسامح للعالم، كما أنها حملة للسياحة الدينية فى مصر.
 
كلمات البابا فرنسيس أمام مؤتمر الأزهر وفى لقائه مع الرئيس هى كلمات عميقة المغزى وتستحق أن تدرس، وتنم عن معرفة وثقافة كبيرة وحب أيضا لهذا البلد العظيم، قال «مصر أرض التآلف والتآخى، وفى مصر لم تشرق شمس المعرفة فقط، بل أشرقت شمس الدين أيضًا على هذه الأرض، فالأحداث الدينية أثرت تاريخ وحضارة هذا البلد»، «ندعو أن تشرق شمس أخوة جديدة على هذه الأرض التى تمثل مهد الحضارة والسلام». 
 
إذن قل ما شئت عن الزيارة.. وما سوف تحققه من نتائج وتداعيات إيجابية للغاية لمصر، ولكن يبقى أن نقول إن الاستفادة من الزيارة يجب أن تتم ولا نضيع هذه الفرصة الذهبية بقدوم بابا الفاتيكان إلى مصر وتجوله فى شوارعها ومشاهدته نيلها الخالد، والاستفادة ليست مسئولية وزير السياحة فقط، وإنما بتشكيل فريق عمل موسع للترويج والتسويق الجيد وفق المعايير والأسس الدولية لجذب السياحة مرة أخرى وبقوة إلى مصر، وطمأنة كبريات الشركات العالمية على الأوضاع المستقرة لضخ استثماراتها، لا تتركوا الأمر لوزير السياحة فقط.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق