جرائم الانترنت

الأحد، 14 مايو 2017 10:00 ص
جرائم الانترنت
حالة تلصص
د. نجاح أحمد عبد اللطيف

يكاد لا يخلو مسلسل صينى حديث من توظيف للإنترنت، بحيث يلعب دورا حاسما فى الحبكة الدرامية للمسلسل، أحاول جاهدة أن أتذكر مسلسلا لم يكن للإنترنت فيه دور فلا أجد، اختراق الخصوصية يحدث كثيرا بشكل أو بآخر، فها هو مشهد يسلم فيه ساعى بريد إحدى الشخصيات ورقة طلاقها وهى راقدة على فراش المرض وقد علقوا لها المحاليل، انهارت المسكينة وراحت تصرخ فى هيستيريا، وقريبتها تصيح طالبة طبيب، وساعى البريد يخرج موبايله على عجل ويلتقط لها صورة.
 
ساعى بريد له مهمة محددة، مرسال يحمل رسالة، فلماذا يقتحم خصوصية المسكينة ويلتقط لها صورة وهى فى أشد لحظات انكسارها وضعفها، صورة ستصبح مشاعا بعد قليل واللى ما يشترى يتفرج.
 
يحدث نفس الشىء عندنا، بعد أن جعلتنا العولمة نشبه بعضا كصور بالكربون، فكاميرا الموبايل لا تتوقف عن التلصص والبحث عن كل جديد ومثير، لتصبح لحظات انكسار البشر فرجة، وكل من هب ودب يعلق وفى أحسن الأحوال يمصمص الشفاه.
 
شعرت بالغثيان وأنا أرى على الفيس منذ أيام صورة لفنانة اعتزلت منذ زمن بعيد وقد ذهب الجمال وولى الشباب.
 
لم يرحمها من التقط لها الصورة وهى على فراش المرض، والزمن قد فعل بوجهها ما فعل. ولم يكتف المجرم -هكذا أراه- بأن نشر الصورة مزهوا بفعلته بل ووضع إلى جوارها صورة أخرى للفنانة نفسها وهى فى أوج شبابها وجمالها لتزداد حسرتها.
 
لمَ لم تتركنا نذكرها كما تحب هى أن نذكرها؟ أى انتصار قد حققت؟ وأى سبق؟ وأى فائدة جنيت؟ والأهم، هل استأذنتها فأذنت لك؟
مجرم.
 
مدرسة بكلية الألسن جامعة عين شمس

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق