مصر ضد الأحلاف العسكرية .. فماذا يريد ترامب..؟

السبت، 20 مايو 2017 02:10 م
مصر  ضد الأحلاف العسكرية .. فماذا يريد ترامب..؟
عادل السنهورى يكتب:

مخاوف عديدة من الأفكار والترتيبات التى تحملها ملفات الزيارة المرتقبة الأولى للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب للمنطقة العربية وعقد ما يسمى بـ"  القمة العربية الاسلامية الأمريكية" في المملكة العربية السعودية  وبحضور مصر.

فما يتردد فى الدوائر السياسية للبيت الأبيض وفى عواصم الدول الكبرى فى المنطقة أن ترامب والادارة الأميركية الجديدة لديها أفكار خاصة بتشكيل الحلف العربى الأميركى وبالطبع بوجود اسرائيل، الهدف منه مواجهه ايران. وبشكل صريح تشكيل " التحالف السنى فى مواجهه التحالف الشيعى فى المنطقة بقيادة طهران بما يعنى اذكاء الصراع المذهبى فى المنطقة واشعال حرب الفتنة السنية الشيعية  بتمويل خليجى وبقيادة عسكرية للجيش العربى الأكبر فى المنطقة.. هكذا هى رؤية المحللين والمراقبين والمتابعين للترتيبات الجديدة التى يتم طبخها- أو تم بالفعل – داخل البيت الأبيض.

فالتحالف السنى  فى مواجهه التحالف الشيعى هو المرحلة الثانية المقرر لها فى المنطقة بعد نظرية " الفوضى الخلاقة" وما تبعها من " ثورات الربيع العربى" .. وتدمير  جيوش دولة وطنية بل تدمير دول وطنية واغراقها فى الفوضى مثلما حدث فى العراق وسوريا واليمن وليبيا . والآن جاء دور المخطط الجديد لخدمة المشروع الصهيونى فى المنطقة وطى صفحة الصراع العربى الصهيونى واستبداله بالصراع السنى الشيعى بين العرب والمسلمين.

باقى الملفات فى الحقيبة الترامبية معروفة واستبقها الاعلان عن صفقات عسكرية بين الرياض وواشنطن بقيمة 100 مليار دولار وتعاون عسكرى أميركى اماراتى. فترامب بطبيعة رجل الأعمال يسعى لعقد صفقات هى " ثمن الحماية"  بحجة التخويف من " البعبع الايرانى"  وكلها تهدف الى انعاش المجمع الصناعى الأميركى وخاصة شركات السلاح وبالطبع انعاش الاقتصاد الاميركى وتم الاعلان عن صفقة بين الشركات الأميركية وارامكو السعودية بقيمة 50 مليار دولار وصفقة لجنرال اليكتريك بقيمة 15 مليار دولار.

ترامب ياتى اذن بخطة واضحة وبحلف جديد فى المنطقة ولكنه وعلى مدار تاريخ الأحلاف العسكرية منذ الأربعينات هو الحلف الأخطر  لأنه صراع قومه المذهب الدينى وليس السياسى أو الاقتصادى كما كان فى الماضى.

ومصر الدولة الكبرى فى المنطقة والجدار الصلب الذى تحطم على اسواره كافة الاحلاف والمؤامرات وأخرها فى 30 يونيو 2013 ، ظلت طوال تاريخها الحديث رافضة للارتباط بالأحلاف العسكرية بقيادة القوى الاستعمارية الكبرى.. وبالواقع يؤكد أن مصر لن تتخلى عن مبدأها وتخالف تاريخها الوطنى فى الدخول فى أحلاف جديدة تدرك قيادتها هذه المرة أنها احلاف تستهدف جيشها الوطنى الذى لديه عقيدته العسكرية الراسخة والثابتة  ولا يتورط فى حروب خارجية الا دفاعا عن مصالح مصر  وأمنها القومى.

ولنذكر الادارة الأميركية مع زيارة ترامب اليوم السبت المقبل بمواقف مصر ومقاومتها للأحلاف القديمة، فمصر الشعب والقيادة  قاومت مشروع قيادة الشرق الأوسط الذى طرحته الولايات المتحدة فى مطلع الخمسينيات لتجميع دول الشرق الأوسط مع كل من بريطانيا وفرنسا بهدف تطويق الاتحاد السوفيتى السابق فى إطار ما كان يُعرف بسياسة «الاحتواء»، كما أجهضت مصر حلف بغداد الذى تكون عام 1955من العراق وتركيا وإيران وباكستان وبريطانيا برعاية أمريكية لمنع انتشار النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط، ورغم أن مصر كانت تُقدر الموقف الأمريكى من العدوان الثلاثى إلا أنها تصدت لمشروع أيزنهاور عام 1957 الذى كان يتماشى فى نفس اتجاه المشروعين السابقين. وعندما شاركت مصر فى التحالف الدولى لتحرير الكويت عام 1991 تحت قيادة الولايات المتحدة جاء موقفها من منطلق دفاعى .

الأحلاف السابقة كانت عابرة للصراع الدينى الى الصراع السياسى والعسكرى وكانت ايران حاضرة فيها ولاعبا أساسيا  ربما بحكم العلاقة الوثيقة بين شاه إيران والولايات المتحدة، لكن هذه المرة فالقضية خطيرة وتهوى بالمنطقة الى جحيم الصراع المذهبى واسقاط قضية العرب المركزية والأساسية، قضية فلسطين، الى غير رجعة. ومصر الملكية والجمهورية رفضت وقاومت كل الأحلاف وكل محاولات الاحتواء والاندماج.

ولن ينجح اى حلف فى التشكل طالما رفضته مصر  التى تعى جيدا أين مصالحها الاستراتيجية  وتعى النوايا الخبيثة وراء هذه الترتيبات. فالخلاف مع ايران ليس خلافا مذهبيا على عكس ما يتم ترويجه والبرود فى العلاقات المصرية الايرانيه له اسبابه المعروفة وأبعاده السياسية الواضحة  وليس من المصلحة القومية الدخول فى حروب مذهبية  لا يعرف مداها  أحد والخاسر فيها جميع أطراف اللعبة ماعدا الولايات المتحدة واسرائيل. فالحرب العراقية الايرانية راح ضحيتها أكثر من مليون شخص وتسببت فى خسائر للدولتين المسلمتين بحوالى 500 مليار دولار.

الزيارة المقبلة لترامب لا تحمل خيرا .. وعلى الجميع أن يتحسس عقله ومواقفه ومصالحه.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق