كارثة رفع أسعار الفائدة

الخميس، 25 مايو 2017 11:31 ص
كارثة رفع أسعار الفائدة
صبرى الديب يكتب:

 
لا أدرى لمصلحة من اتخذت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، قرارها برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، ولاسيما وأن القرار لن يعالج مشكله التضخم الرهيب الذي حل بالاقتصاد المصري منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي، والذي قفز بأسعار السلع ومستلزمات الإنتاج إلى ضعف ما كانت عليه خلال السنوات الماضية .
 
ولعل الغريب فى الأمر، أن البنك المركزى فسر قراره، بأنه "يتسق مع تحقيق المسار المستهدف لخفض معدل التضخم، وتقييد الأوضاع النقدية لاحتواء التضخم الضمني" على الرغم من أن خبراء البنك ومعهم كل الاقتصاديين يعلمون جيدا أن التضخم الموجود في مصر ليس "تضخما مدفوع بطلب" ناتج عن زيادة الأسعار نتيجة زيادة السيولة في الشارع، والذي تجدي معه قرارات رفع أسعار الفائدة لامتصاص السيولة من الأسواق، وبالتالي إنخفاض الأسعار نتيجة قله الطلب، وبالتالي انخفاض التضخم، وأن الموجود فى مصر "تضخم مدفوع بالعرض"ناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد، نتيجة لقرارات تحرير سعر الصرف الأخيرة
 
ولعل العجيب في أمر قرار رفع سعر الفائدة الأخير، أن البنك المركزي ذاته كان قد اعترف منذ أيام، أن التضخم الحالي ناتج عن قرارات اقتصادية، أدت إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستيراد بعد تعويم الجنيه، وبدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وخفض دعم الوقود، ورفع الجمارك على بعض السلع، وهو ما يعنى أنه تضخم ناتج من ارتفاع تكلفة
 
ومن المحير فى قرار البنك المركزي، أنه كان قد أقدم منذ 6 أشهر على رفع سعر الفائدة على الودائع وصلت إلى نسبة 20% وهى نسبة مرتفعه ومغرية للغاية، ونجحت في جذبت أكثر من 450 مليار جنيه، وحققت ومازالت تحقق المستهدف منها، وتغرى كثيرا من أصحاب رؤوس.
في حين أن القرارات الأخيرة ستؤدى إلى الإضرار بشكل مباشر بالموازنة العامة للدولة، بعد أن رفع البنك سعر الإقراض الداخلي للحكومة لسد عجز الموازنة ليتجاوز ال20 %، في عطاءات أذون وسندات الخزانة المقبلة، وهو ما يعنى أن موازنة العام المالي الجديد 2017/2018، التي كانت تستهدف خفض العجز الذى تجاوز الـ 370 مليار جنيه، ستعانى من زيادة تكلفة الإقتراض، الذي سيضيف عشرات المليارات الإضافية على بند خدمة الدين، ويزيد بالتالي من مستويات العجز في الموازنة، إلى جانب زيادة الدين العام 
 
ولعل ما يدعو للعجب في قرار رفع سعر الفائدة، أن خبراء لجنة سياسات البنك المركزى يوقنون جيدا، أن القرار سيؤدى بشكل مباشر إلى عزوف المستثمرين عن الاقتراض من البنوك، بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وهو ما قد يؤدى إلى ركود وتوقف للنشاط الإقتصادى، أو اللجوء للإقتراض وما يتبعه من ارتفاع لتكلفة الاستثمار، وبالتالى ارتفاع لتكلفة الإنتاج، وارتفاع للأسعار، ومزيدا من التضخم، على عكس ما يستهدف البنك المركزي.
 
للأسف أن القرارات الأخيرة للبنك المركزي لن تخدم سوى المستثمر الأجنبى، الذي يستثمر في أدوات الدين الحكومية "أذون الخزانة وسندات" من أصحاب "الأموال الساخنة" التي تحقق أرباح سريعة ومضمونة، ولا تضخ في شرايين الاقتصاد أو في القطاع الصناعي، وأن ما يستهدفه جهابزة البنك من خفض لمعدلات التضخم لن تتحقق سوى بتشغيل المصانع المتوقفة، ودوران عجلة الإنتاج، وإزالة المعوقات إمام حركة التصدير، واستعادة حركة السياحة، وجذب مزيدا من الاستثمارات، وعودة الحياة لحركة التجارة بالداخل، وبالتالى انخفاض الأسعار، وخفض معدلات التخضم.
 
ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق