محافظ كركوك: رفع العلم الكردي بالمدينة «دستوري».. ومن حقهم الاستقلال عن العراق (حوار)

السبت، 27 مايو 2017 07:58 م
محافظ كركوك: رفع العلم الكردي بالمدينة «دستوري».. ومن حقهم الاستقلال عن العراق (حوار)
محافظ كركوك ومحرر صوت الامة
أجرى الحوار في كركوك: السيد عبد الفتاح

هناك تفهم دولي لحق الكرد في تقرير مصيرهم .. وننتظر الكثير من مصر باعتبارها الدولة القائدة في المنطقة.. ولسنا أعداء للعرب ولدينا تاريخ طويل معهم

داعش مازال يسيطر على نصف كركوك.. والعلاقة مع إسرائيل ليست "جريمة أو كفر".. والدولة العراقية منذ تأسيسها في حرب مع أبنائها

أكد الدكتور نجم الدين كريم، محافظ كركوك، أن رفع العلم الكردي بالمحافظة والذي أثار غضبًا وأزمة في العراق، هو إجراء دستوري، مستنكرًا المواقف الرافضة له، ومشددًا على أنه قرار مجلس المحافظة الذي يمثل كل مكوناتها البشرية.

ونفى كريم في حواره لـ"صوت الأمة"، أن يكون الاستفتاء المقرر إجراءه نهاية العام في إقليم كردستان، معناه انفصال الكرد عن العراق، موضحًا أن تقرير المصير حق مشروع لكل الشعوب، وأن ما ينوي الكرد القيام به ليس انفصالًا وإنما استقلالًا.


- ألا ترى أن رفع العلم الكردي في المحافظة كان له تداعيات سلبية؟

ـ بالنسبة لرفع العلم، نحن كمحافظة وحسب دستور العراق لنا كل الحق أن نرفع علم آخر بجانب علم الجمهورية العراقية، وفي هذه الحالة كركوك كونها أرض كردستانية ـ وطبعًا جميع كردستان العراق هي جزء من الدولة العراقية ـ فرفع علم كردستان فيها لا يعني الانفصال أو التجزئة للدولة العراقية. والحفاظ على وحدة العراق وتقوية الدولة العراقية يعتمدان على السياسات التي تتبعها الأكثرية الشيعية بالأخص، والأكثرية العربية في العراق تجاه القضية الكردية.

وعندما نتكلم عن العلم، فليس هناك في الدستور ما يمنع أو يعارض رفع العلم الكردستاني في كركوك، والمكونات الموجودة في كركوك من تركمان وعرب وكرد وكلدان متعايشين مع بعض، ولم تحدث أي حادثة تُذكر بالنسبة لرفع العلم. وما تسمعونه أو يُنشر هو غير حقيقي وغير صحيح، لأن كركوك محافظة فيها تعايش وأخوة وتزاوج بين مختلف المكونات سواء طوائف أو مذاهب أو أديان أو قوميات. هناك تعايش جيد، ونحن نحرص عليه، ونتمنى أن يكون هناك تفهم لإرادة مواطني كركوك لأن الدولة العراقية فدرالية، وفي الدستور هناك ضمان لعدد من الأمور منها مسألة رفع العلم، وهناك حق تشكيل أقاليم الذي ترفضه الحكومة العراقية إلى الآن، لكن إذا سُمح للمحافظات أن تشكل أقاليم، خاصة المحافظات السنية، نحن على اعتقاد أن ما حدث من قبل داعش ما كان يحدث.

-أنت تؤكد أن رفع العلم هو إجراء دستوري.. لكن المواقف من الحكومة والبرلمان وبعض الأحزاب ومنها ذات العلاقات القوية معكم رأت غير ذلك فما تفسيرك؟


ـ التفسير أن قسم من هذه المواقف جهل للدستور ورفع العلم، يعني إذا نحن نتطلع إلى دولة ديمقراطية تعددية فيها الحرية واللامركزية أو الفيدرالية الحقيقية، لما كان يحدث مثل هذا الرد على رفع علم. إذا أنت تروح أمريكا وبريطانيا التي فيها ديمقراطية ستجد أعلام الولايات بجانب العلم الأمريكي. والجانب الآخر شوفيني عنصري، هم ينظرون إلى موضوع الكرد باعتبارهم عقبة كأداء للدولة العراقية، لكن الحقيقة أنه لم يكون هناك دولة بعد 2003 وكانوا يمكن للكرد أن يتجنبوا العراق كاملاً، لكنهم ذهبوا إلى بغداد، الرئيسين طالباني وبارزاني، لإيجاد نظام حقيقي فيدرالي يقوي الوحدة في العراق، لكن مع الأسف المسائل الطائفية طغت على المصالح الوطنية، والآن المصالح العنصرية تغطي على المسائل الديمقراطية والدستور.

- هل تتوقع أن تقوم هذه الأطراف بتصعيد الأمر؟

ـ طبعًا، هناك تدخلات إقليمية في الموضوع. وسيكون هناك انتخابات لمجالس المحافظات ولبرلمان العراق، وهناك مزايدات، وإذا تنظر إلى كركوك التي قسمها صدام حسين بالنصف وأضاف إليها مناطق عربية صرفة واقتطع منها مناطق كردية صرفة، ونحن نسمي هذا "تعريب". ولكن الآن في كركوك بعد مجئ داعش استضفنا أكثر من 700 ألف نازح كلهم من العرب السنة. وهؤلاء الذين يعبرون عن اعتراضهم على رفع العلم واتهامنا باتهامات مختلفة يدّعون بأنهم يمثلون العرب السنة، لم يأتوا في يوم من الأيام لمساعدة هؤلاء النازحين.

-ما رأيك في تصريحات السيد عمار الحكيم حول رفع العلم ومسألة الاستفتاء، وقوله إنه ليس هناك دولة ستعترف بكردستان إلا إسرائيل؟  

 أولاً إسرائيل لها علاقات مع مصر والأردن، ودول أخرى عربية ربما ليس عن طريق السفارة، فالعلاقة مع إسرائيل ليست جريمة أو كفر.

ثانياً السيد عمار الحكيم طبعًا يمثل التحالف الوطني ورئيس حزب فيه، هذا الحزب كان من أبرز الداعين إلى تشكيل أقاليم وكان والده المرحوم عبد العزيز الحكيم يتمنى أن يشكل إقليمًا شيعيًا من 9 محافظات، ولكن عندما دخلوا انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 خسروها، فتصورهم أنهم إذا دعوا للفيدرالية فإن شعبية الحزب تتراجع. وأنا أتصور أن السيد عمار الحكيم يفكر في الانتخابات القادمة لمجلس النواب ويحاول الحصول على أصوات ومقاعد أكثر في البرلمان العراقي.

ونحن لا نستغرب لأن في السياسة هناك دائمًا تغيير للمواقف وفقًا للمصالح وحسب الوقت، ولدينا تاريخ طويل مع عائلة الحكيم والمجلس الإسلامي، لكن هذا لا يعني أن تستمر هذه السياسات في الأجيال اللاحقة، والآن السيد عمار أوضح رأيه ورأي الحزب كرئيس للتحالف الوطني، وهذا أعتبره أمرًا جيدًا حتى يعرف الكرد مواقف الآخرين بالنسبة لاستقلال كردستان. يجب ألا يسمى إنفصال وإنما استقلال، لأن الانفصال في حالة أن تكون جزءً من الكل وتنفصل، أما الاستقلال فنحن لنا الحق في الاستقلال.

- هناك أطراف عدة ترى في الاستفتاء بداية لانفصالكم عن العراق وتفتيت له؟

ـ أولًا الانفصال يختلف عن الاستقلال، نحن كشعب لنا تاريخنا ولغتنا وأرضنا والآن نحن أثبتنا لكل العالم أن الشعب الكردي يقاوم الإرهاب أكثر من أي فئة أخري في سوريا والعراق، المقاومة ضد تنظيم داعش الإرهابي تصدرها الكرد في الدولتين. وللكرد الحق كما للعرب، فالعرب لهم 22 دولة مستقلة، وفي فترة من الفترات في زمن المرحوم جمال عبد الناصر كان هناك محاولة لوحدة عربية، وحزب البعث الاستراكي كان شعاره وحدة  حرية اشتراكية. وهناك اعتراف وكتب رسمية ورأي واضح بالنسبة لحزب البعث قبل توقيع بيان 11 مارس 1970 بأن للشعب الكردي الاتحاد وتشكيل دولته القومية كما للعرب الاتحاد وتشكيل دولة واحدة عربية. لماذا يحق للعرب أن يكون لهم دولة وليس للكرد؟ نحن لنا نفس الحقوق. والانفصال يختلف لأن دولة العراق تشكلت بعد سقوط الدولة العثمانية وانتهاء الحرب العالمية الأولى، وتشكلت من 3 ولايات. حتى الملك فيصل الأول عندما كتب لبيرسي كوكس قال أنتم شكلتم لي دولة ليس فيها انتماء قومي ولا وطني. فبهذا الشكل تشكلت دولة العراق، وهي من أول يوم لتشكيلها وحتى الآن في حرب مع أبنائها سواء مع الشيعة أو الكرد.

- تقومون بتحركات لتوضيح موقفكم داخليًا وإقليميًا وخارجيًا. هل لمستم تفاهم لما تنوون إجراءه؟

ـ من خلال لقاءاتنا المغلقة ومع ممثلي دول كثيرة لها تمثيل في إقليم كردستان أو الذين يزورونا في العراق، لسمنا تفهمًا بأن من حق الكرد أن يبينوا رأيهم في مصيرهم، إذا كانوا يريدون الاستقلال أو البقاء في الدولة العراقية.

خاصة بعد 2003 أعطيت كل الفرص لإظهار نية الدولة بالنسبة للكرد، لكن ممارساتها  مع الأسف لم تكن بالمستوى المطلوب، ونحن لم نر المساواة في مواضيع كثيرة، وهناك أمور تدل على أن النية ليست صادقة معنا.

وأخيرًا أقولها كما من حق العرب تشكيل دولهم أو الوحدة بين بعضها فإن للكرد نفس الحقوق، وهو شعب مكون من أكثر من 40 مليون من المجحف أن تخرج دولة عربية مواطنيها أقل من مليون وتنكر على الكرد حقهم في تشكيل دولتهم.

-البعض بتصور أنكم ستعلنون دولتكم بمجرد إعلان نتائج الاستفتاء؟ وماذا إذا اتجهت الأمور إلى الصدام مع الدولة العراقية وبعض القوى فيها مع الكرد؟

ـ أتوقع أن يتم التصويت لصالح الاستقلال بأغلبية ساحقة. ولكن بعد الاستفتاء يجب إعلان فترة سنة أو سنة ونصف أو سنتين للدخول في مباحثات مع الحكومة العراقية لكيفية استقلال كردستان وندخل في مفاوضات كما هو الحال مع البريكست والاتحاد الأوربي .

والصدام سيضر الكل، وقد ذكرت كيف أن نكران حق الشعب الكردي أدى إلى مآسٍ وكوارث في تاريخ العراق، وهذه كلها لايريدها العراقيون ثانية. وأتمنى أن تفكر الأكثرية في بغداد بنفس الطريقة.

- رأيك في المواقف العربية تجاه طموحاتكم ومطالبكم؟

ـ حقيقة هي ليست على المستوى. وأكون صريحًا فأقول إن علينا قسمًا من المسئولية في ذلك، بتثقيف الاخوة العرب بالنسبة للقضية الكردية. أنا قرأت كتابًا منذ سنوات «محضر جلسات الوحدة العربية بين مصر وسوريا» وفيه الرئيس عبد الناصر يحكي عن موضوع القضية الكردية، فالسوريون يردون بقوة.. فقال لهم: المرة الوحيدة التي تحررنا والقدس كانت متحررة كانت على يد كردي يقصد صلاح الدين الأيوبي. ونحن نريد أن يفهم العرب أننا أصدقاء لهم، فنحن لدينا نفس الدين ونؤمن بنفس المقدسات ولكن لنا خصوصيتنا بالنسبة للغة والمنطقة التي نعيش فيها، وعلينا أن نستمر مع الأكثرية العربية خاصة النخبة السياسية الموجودة ومع الإعلام العربي والصحافة.


- مع خصوصية العلاقة بمصر، هل تنتظرون منها لعب دور أكبر في القضية الكردية؟

ـ طبعًا فمصر أكبر دولة عربية وهي قادت الحركة التحررية في المنطقة لعقود، ولها ثقلها في المنطقة، والعلاقة مع مصر قديمة وليست حديثة، كان هناك ممثل للثورة الكردية في مصر المرحوم شوكت عقراوي، وكان هناك إذاعة باللغة الكردية في مصر في الستينات. فالعلاقة قديمة ويجب أن نقويها ونوسعها لكي نصل إلى النخبة السياسية والمثقفة في مصر لتفهم موضوع الشعب الكردي، الشعب الكردي ليس خصمًا أو عدوًا للعرب.

- هل تحرير الموصل يعني أنه تم القضاء على داعش تمامًا؟

 لا.. فنصف محافظة كركوك مازال تحت يد داعش. وحتى في المحافظات المحررة مازال موجودًا وهناك خلايا نائمة وعمليات في ديالى وتكريت.. التخلص من داعش يأتي من خلال تطبيق الدستور والمصالحة الحقيقية.

مؤخرا وجهت انتقادات بسبب ما وصفته بعدم الرغبة في تحرير الحويجة من داعش، هل ترى ضرورة وجود جهود مشتركة لتحريرها تسير بالتوازي مع تحرير الموصل أم ننتظر إلى تحرير الموصل وبعدها كركوك؟

ـ نرى أهمية تحرير الحويجة لأنها بؤرة للدواعش قبل ظهورهم الكبير، نحن عانينا من إرهاب داعش وغيره الذي كان يأتينا من مناطق الحويجة . وعندما نتحدث مع القيادة العسكرية الكل يوضحون أن لايمكن إجراء أي عملية عسكرية في الحويجة قبل الانتهاء من معركة الموصل.

- هل ترى أن ذلك يساعد داعش على التمدد والتقوي في كركوك؟

ـ عدد عناصر داعش في الحويجة زاد مع وعقب عمليات تحرير تكريت وغيرها، وحتى بعد بدء معركة الموصل بدأوا يتسللون إلى هذه المناطق، ومنها يتسللون إلى صلاح الدين وديالى والأنبار وحتى إلى بغداد. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق