سيظل البشير رئيسا حتى لو حكم ربع السودان

الأحد، 28 مايو 2017 09:00 ص
سيظل البشير رئيسا حتى لو حكم ربع السودان
كتب عبدالفتاح علي

لا جدال أن كل من يعيش تحت سماء السودان «الشمالى» يدرك تماما أن البلاد تتجه بأريحية شديدة نحو منحدر لا قاع له
 
أنصار الكنبة، الراضون بالأمر الواقع، المنساقون خلف شعار «الاستقرار أفضل من المجهول»، ينافقون النظام لتجنب بطشه، وينافقون الثوار لتجنب التورط معهم.
 
لكن لا جدال أن كل مَن يعيش تحت سماء السودان «الشمالى»، يدرك تماما أن البلاد تتجه بأريحية شديدة نحو منحدر لا قاع له، ومستقبل أشد سوادا من الغراب.
 
خاصة أن المجتمع لم يخرج بعد من حالة الإحباط الراسخة بعد أن فرط عقد وحدة البلاد، بانفصال السودان «الجنوبى»، وبات الطريق ممهدا لاستقلال السودان «الغربى» أو ما يسمى بدارفور.
 
النظام الحاكم منذ 1993 ليس فى يده سوى ورقة واحدة، كلما ضاقت عليه الدنيا بما رحبت، يخرجها، مثل الساحر الذى لا يملك سوى «حركة» إخفاء العملة المعدنية بين أصابعه، ثم يستخرجها من أذن أحد المتفرجين، وفى كل مرة ينتزع آهات الجمهور «أنصار النظام والكنبة»، الذى ينبهر كل مرة بنفس الحركة.
هذه الورقة هى تصعيد العداء ضد مصر، لإثارة الرأى العام، بعد أن تقاعست مصر فى كل مرة، عن استعادة مكانتها فى قلوب السودانيين، أو حتى محاولة توضيح الموقف الملتوى عن سبق إصرار وترصد.
 
أبدع النظام فى تسويق سلبيات ثورات الربيع العربى ومزجها بكل ما هو مشين ومقزز، فآمن أنصار النظام بالفكرة، واقتنع أنصار الكنبة بمزيد من الاسترخاء، وفشل أنصار الثورة فى تغيير الحال.
 
وكلما طالت فقرة الساحر على مسرح الحوار الوطنى، كلما ابتعد أكثر سودانيو «الغرب» فى إقليم دارفور، وسودانيو «جنوب الشمال» فى إقليم كردفان وإقليم النيل الأزرق.
 
وفى ظل الفشل المركب «نظام عاجز، معارضة ساذجة، شعب مغلوب على أمره» لم تخرج فكرة واحدة، تمنح السودانيين الأمل فى حل لا ينسف كيان الدولة، ولا يعقد صفقة مع النظام بليل.
 
ثم جاءت القمة الإسلامية الأمريكية بالرياض، وما أن أوشك النظام على التقاط هدية السماء، حتى اضطر الرئيس عمر البشير للاعتذار عن عدم حضورها، بفعل مكالمة تليفونية، من ولى ولى العهد يطالبه بتقديم الاعتذار.
 
صحيح أن البشير، نفذ ما طلبته الرياض «كالعادة»، لكن ظلت فى حلقه وحلق السودانيين، غصة، بسبب الأخبار المتواترة لقتلى الجيش السودانى فى اليمن، الذين جعلهم البشير قرابين لهدية السماء، التى لم ينلها.
 
لا شىء يبقى سرا فى السودان، فأحاديث النميمة الليلية، تنقل أشد الأسرار فتكا، وخطورة، وبات الرأى العام، يقرأ بالنهار، أخبار قتلاه فى اليمن، وفى المساء يسمع أخبار الاستبعاد من قمة الرياض.
 
وكالعادة أخرج الرئيس البشير الورقة المستهلكة، وصعّد باتجاه مصر، واتهمها بالتدخل فى الصراع لصالح المتمردين فى دارفور ضد الحكومة فى الخرطوم.
ورغم النفى الرسمى سواء من الخارجية المصرية، أو من الرئيس السيسى نفسه، إلا أن شيئا لن يتغير، لأن الجميع يعلم، وهو نفسه «البشير» يعلم، أن وجود أسلحة بلغارية فى أيدى الإرهابيين فى سوريا، لا يعنى أن بلغاريا تدعم الإرهاب فى سوريا، حتى ولو كانت مسئولة عن توضيح الموقف، وهو ما حدث.
 
إنما المسئولية تقع على عاتق مَن اشترى من البلغار، ونقل السلاح إلى الدولة الثالثة، ومنها إلى الدولة المستهدفة.
 
الرئيس البشير يُدرك أهمية مصر للسودان، «والعكس بالقطع صحيح» لكنه يُدرك أيضا أن بقاءه فى الحكم، ما دونه كل الأزمات، حتى ولو جلبت الويلات على الدولة الممزقة.
 
يكفى الرئيس البشير عارا، أن حكمه وطريقة إدارته، وأنانيته، شقت السودان نصفين، وأن استمراره فى نفس طريقته، لن يؤدى سوى إلى شق النصف إلى رُبعين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق