عن كارثة زواج القاصرات

الأحد، 28 مايو 2017 11:00 ص
عن كارثة زواج القاصرات
زواج القاصرات
كتبت عايدة السمنودي

حرصت دومًا على ألا تنقطع صلتى بقريتى، فمهما تباعدت زياراتى فى بعض الفترات إلا أنها تعود للانتظام مرة أخرى. 
 
فى زيارتى الاعتيادية- من عدة أسابيع- دعانى أحد أقربائى لمناسبة خطبة أصغر أبنائه، لوهلة اعتقدته يمزح لأن هذا الابن بالكاد بلغ عامه الثامن عشر، كما أنه ما زال تلميذًا بإحدى المدارس المتوسطة يتلقى مصروفًا من أبيه، أما العروس فأكملت الـ 15 عامًا منذ أيام قليلة، لم أستطع السيطرة على أعصابى فقرّعتهم واتهمتهم بعدم المسئولية، عدت إلى منزلى مثقلة بالشعور بالذنب لنبرة التعالى التى شابت حديثى، ولكن الأمر كان يستحق وقفة جادة لأن هذا الحدث أصبح سائدًا فى عموم مصر، فقد أصبحت مدارس البنات المتوسطة والتجارية والزراعية فى القرى تعج بعدد هائل من الفتيات المتزوجات، بل والحوامل! وبعضهن يأتين المدرسة بطفلها أو طفلتها، رغم عدم قانونية ذلك، ويتخلص مديرو هذه المدارس من المسئولية الثقيلة بتقنين الغش، فتمنح الفتاة شهادة الدبلوم الفنى وهى لا تجيد القراءة، ولا الكتابة، ويتخرج كل يوم جيل جديد من أمهات صغيرات جاهلات يكن مسئولات عن تربية جيل آخر لا يقل جهلا فى دائرة جهنمية لا تنتهى.
 
أتذكر أمى التى لا تقرأ ولا تكتب والتى كانت أكثر كلماتها تكرارا أن التعليم سلاح الفتاة فى مواجهة الزمن وليس الزواج، ولكن كلماتها كانت فى زمن تتحمل فيه الدولة كامل مسئوليتها فى توفير فرصة تعليم وعمل لا بأس بهما لمعظم أبنائها، وكان التعليم فرصة عادلة أمام الفقراء والطبقة المتوسطة، ووسيلة للارتقاء الاجتماعى فكانت لكلماتها صدى يشعل الطموح ويولد الأمل، فما الحافز الذى تقدمه الدولة الآن للفتاة تشجيعا لها يحرضها على التفوق أو حتى السعى لتعليم بائس بعد أن أصبح التعليم الجيد لا يقدم إلا لمن يملك المال ليدفع مصروفات المدارس الخاصة ومدارس اللغات والتكاليف الباهظة للدروس الخصوصية وأصبح ظل الرجل أفضل من ظل الحائط المعلق عليه شهادتها الدراسية عديمة الجدوى.

محامية بالاستئناف العالى 
ومجلس الدولة

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة