البحيرة تتزين بموائد الرحمن (صور)
الثلاثاء، 30 مايو 2017 03:44 م
انتشرت موائد الرحمن في مصر في السنوات الـ15 الأخيرة، وصارت متنفسًا للفقراء يتناولون فيها طعامهم، وصارت ساحة تنافس محببة بين الأغنياء لتقديم ما لذ وطاب في موائده، بالرغم من الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وتتجدد في مثل هذه الأيام من كل عام خلال شهر رمضان المُبارك، مظاهر التلاحم والتسابق على تقديم الخيرات، في موائد الرحمن التي تزدان بها أغلب الميادين والمساجد لإطعام الصائمين، فتُجمع البسطاء، وعابري السبيل ممن فاجأهم آذان المغرب قبل الوصول للمنزل على مائدة واحدة.
وتتكون مائدة الرحمن، من العديد أنواع مختلفة من الأطعمة والمشروبات، كما يجلس عليها أفراد يمثلون كافة أطياف الشعب لتناول الفطور، فضلاً عن وقوف على رأس كل مائدة أحد العاملين بها يدعو السائرين في الشوارع خلال آذان المغرب، إلى تناول الإفطار لدرجة قد تصل في بعض الأحيان إلى حد الإلحاح رغبة في الحصول على الثواب الديني والثناء الاجتماعي.
وترصد «صوت الأمة»، في جولتها بالعديد من مدن وقرى البحيرة توافد العشرات على موائد الرحمن، لتناول الإفطار عقب آذان المغرب.
ويقول راضي أبو مضاوي، صاحب شركات استزاد وتصدير، وأحد منظمي موائد الرحمن بكفر الدوار: إنه يجهز لإعداد المائدة كل عام، وتكون أولى الأمور التي يحرص عليها خلال الشهر، كما يحرص على الإشراف على الطعام بنفسه ، لتجميع المارة و عابري السبيل.
ويضيف أبو مضاوي: أنه يأتي له مجموعة من المواطنين كل عام ينتظرون المائدة، ويحرصون على تواجدهم ، بالإضافة إلى بعض المحتاجين والبسطاء، مشيرًا إلى أن الأعداد هذا العام في تزايد لاسيما من كبار السن والشباب ذو العشرين عامًا، إضافة لاصطحاب بعض العائلات لضعف المعيشة وسوء الحالة الاقتصادية وارتفاع الأسعار التي تمر بها البلد
إما عن محتويات المائدة يقول أحد المهتمين بتنظيم المائدة كل عام خالد حامد، برغم غلاء الأسعار احرص على أن تستمر المائدة عامرة حيث تتكون الوجبة من الأرز واللحوم، والخضار المطبوخ، والفطائر، ناهيك عن العصائر المثلجة، والتمر فنبدأ في تجهيز المائدة من الساعة التاسعة صباحًا بإحضار كافة مستلزمات الطهي، وبمساعدة أسرتي وبعض العاملات في المحال يبدأن إعداد الطعام ويتفننون فيه، لاسيما وهو لعباد الرحمن كما وصفه، وقبل انطلاق الآذان بربع ساعة يبدأ هو والجميع في تجهيز الموائد بالشارع، وعقبها يبدأ في تحضير الأطباق وتجهيز الطعام على المائدة، وهكذا إلى أخر الشهر.
ويقول سامى البحراوي: أحد منظمي موائد الرحمن بأيتاى البارود، أنه اعتاد على وهب مائدة الرحمن من فترة طويلة وكان والدى هو الذي يقيمها فى البداية، لافتًا إلى أن تلك الموائد ليست للطعام فقط بل تظهر الخير بداخل الجميع، حيث يعكس المنظر مسارعة الكل لبذل الخير والجهد ومساعدة المحتاجين والفقراء بكل وسيلة.
وأشار البحراوي، إلى أن جميع أسرته والجيران يسعون بكل طاقتهم، لتجهيز الموائد مع الطباخ قبل مدفع الإفطار، فضلًا عن جلوس جميع المصريين على مائدة واحدة، إضافة إلى العمل كأسرة واحدة قبل وبعد الافطار في تجهيز وتنظيف المكان، مؤكدًا على الاستمرار في عمل المائدة وحرصه عليها بصرف النظر عن الوضع الاقتصادي.
وعبر البحراوي، عن سعادته بعمل المائدة كل عام، قائلا: «ربنا بيجايزني خير وبيعوضني، وكفايا أشوف الناس بتفطر وفرحانة، للأسف في البلد الغلبانين كنار وده رزق ربهم أللي بعتهلهم ومش هنبخل عليهم به».
فيما قال رضا خطاب، أحد الطباخين في نفس المائدة: أنه يعد أكلات كثيرة ومنوعة؛ نظرًا لأنها هبة لله عز وجل، قائلًا: والناس الفقيرة بتكون طالع عينها طول اليوم ومن حقها ترتاح وتأكل لقمة نظيفة، ده غير أن الجميع بياخد حسنات فيه.
وأوضح خطاب: أنه يأتي يوميًا عقب آذان الظهر، ليبدأ في التجهيزات بعد شراء جميع الخضروات واللحوم والأرز من قبيل صاحب المائدة، ويبدأ هو وابنته الصغيرة وبمساعدة أسرة صاحب المائدة إلى قبل المغرب بنصف ساعة يكون الطعام جاهز وبحاجة إلى تحضيره على المائدة، وإلى أن يتم مدفع الإفطار يبدأ الجميع في تجهيز المائدة للحاضرين.
وبالمرور على مائدة أخرى كان هناك ازدحام شديد من قبيل المواطنين البسطاء على الطعام، لكي يفوزوا بقطعة لحم لهم ولأبنائهم لسد رمقهم مسرعين على الرصيف لتناول واجباتهم، نظرًا لقلة الأماكن عقب شغل كل الموائد، كل آمالهم أن يحصلوا على وجبة يكون اللحم هو العنصر الأساسي فيها لتعويض يومهم بعد صيام دام الكثير من الساعات.
وعلى النقيض ففى بعض المراكز والمدن الاخرى بمحافظة البحيرة، وجدنا اختفاء تام لموائد الرحمن من أول يوم في شهر رمضان الكريم، وكان ابرز الأسباب ارتفاع الأسعار، القائمين على هذه الموائد لإلغائها لحين إشعار آخر.
قال صابر عبد الناصر تاجر: أنه كان يقوم سنويًا بعمل مائدة رحمن على مدخل مدينة دمنهور ، مشيرًا إلى أن هذا العام قام بإلغائها نظرًا لارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك والخضروات.
وقال: إن سعر كيلو اللحمة تخطي 130 جنيهًا، وسعر كيلو الدواجن تخطى 35 جنيهًا، وكيلو الأسماك تخطى 30 جنيهًا.
وقال صلاح سعيد، سائق: إنه كل عام يداوم على عمل مائدة الرحمن لوجه الله، لإفطار الصائمين والمحتاجين من الفقراء، ولكن هذا العام، نشهد اختفاء لجميع موائد الرحمن في جميع أنحاء المحافظة، حيث كنا نرى في الشارع الواحد مائدتين يقوم عليها أهل الخير.
وأوضح: الآن الذي يقوم بعمل أي مائدة تكلفه العديد من المصاريف اليومية، في ظل عدم وجود استقرار للدخل لدى جميع الأسر المصرية، وقال: «أي حد دلوقتي هيعمل مائدة لازم يكون رجل أعمال، ومعاه فلوس ومقتدر».




اقرأ أيضا..