" زرالجنة..ومولد سيدي يوليو"

الثلاثاء، 30 مايو 2017 11:07 م
" زرالجنة..ومولد سيدي يوليو"
الحسانين محمد يكتب

نصل في مرحلة ما من العمروالقناعات ، إلي تساوي كل الأشياء ، فلافرح ولا حزن ولا ألم ولا سعادة ، البعض يصل لهذه المرحلة بعد عمرطويل من التعايش مع مالايرغبه، وسلسلة طويلة من التنازل كرها عما يتمناه ويحلمه ، وسعي إليه بكل جهده ولم يحصد إلا مراره ، والبعض يصل إليها ضمن موجة يائسين لفظهم بحرالحياة لشواطئ العدم ، وتطول هذه الفترة أو تقصر حسب تغير المناخ العام والخاص  الذي لا يتغير بالطبع بما يكفي للخروج من هذه الحالة العدمية.

يتسحضرني في هذا المعني قول جوزيف كامبل"  إن ما نبحث عنه هو أن نعطي للحياة معنى، أن نشعرأننا أحياء حتى نسمع صدى خبرات حياتنا في المستوى المادي الظاهري على كياناتنا الداخلية العميقة، ما نبحث عنه أن نستشعر فعلا المتعة الهائلة بأنناأحياء"..

 توقفت مندهشا أمام مشهد مؤثر في المسلسل المثير للجدل " غرابيب سود " يدور فيه حوار بين أطفال جندتهم داعش في خلية انتحارية يقول أحدهم للآخر سوف نذهب للجنة بقطار فائق السرعة فيرد الثاني.. لا.. غير صحيح ..بل بطائرة بدون طيار.. ويقاطعهم الثالث أيها الحمقي إن لدينا صواريخا للجنة وعندما استبد بهم الحيرة وكان معلمهم الداعشي علي مقربة منهم ، وجهوا صوبهم نحوه فقال لهم بابتسامة ثعلبية " يا أبنائي الذهاب للجنة لا يحتاج سوي الضغط علي زر الحزام بعدها بلحظة واحدة سوف تستمتع بكل مالا يخطر لك علي بال من خيرات الجنة "

 حاولت معرفة تفاصيل حقيقية أكثرعن فكروحياة الدواعش ولم يكن أمامي إلا فيديوهات وكالة "أعماق" التي يبثها تنظيم الدواعش علي اليوتيوب ووجدت الواقع أكثرصدمة من الدراما ، في أحد الفيديوهات عن الإنتحاريين من " شباب الجنة" صوروا نحو 12  شابا قال كل منهم كلمة قبل انطلاقه بالسيارة المفخخة التي " يلحمون " أبوابها حتي لا يكون أمامه مفر للهروب أوالتراجع ، فقال أحدهم بثبات وابتسامة عجيبة قبل انطلاقه لأبشع موتة " إلي متي يامسلمين لا تبغون الجنة والحور العين ؟ إلي متي تنصاعون وراء الطواغيت و والروافض وأتباع الكفرة والملاحيد ؟ هل نحن فقط مسئولين عن إحياء الدين ورفع راية الدولة الاسلامية وإنا ان شاء الله لمنتصرون " وانطلق الي الجحيم لينفجر بعربته المفخخه بعد دقيقتين لينهي حياة المآت من الأطفال والنساء الأبرياء ممن كتب لهم القدر أن يموتو بغتة بجريمة عقل تم برمجته بلغة عشق الموت طمعا في السراب .

تساءلت مع نفسي وماذا بعد؟ وتصورت هذا الأحمق بعد تفتت عظامه ولحمه وهو في العالم الآخر ينتظر قدوم الحورالعين كما وعدوه لكل منهم 700 حورية أو يزيدون ،  فإذا به يجد نفسه في الطريق للدرك الأسفل من النار ويتساءل مع روحه الإفتراضية لماذا ونحن جند الله وحراس العقيدة ؟ وكأنه يسأل روح من فخخ عقله.. هل ضحكتم علينا ؟ فيرد المفخخ في اصرار علي التضليل حتي في الآخرة قائلا له " يا أخي كان لديك زرين لدائرة التفخيخ للانفجار أنت من أخطأت وضغطت علي الزر الذي يؤدي للنار بدلا من الجنة ويستشهد أيضا بقوله تعالي" وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ".

تفخيخ العقول ليس بالتطرف الديني فقط ولكننا نعيش مرحلة فيها كوكتيل" تفخيخ بالوطنية – تفخيخ بازدراء كل الأديان وتعظيم الإلحاد وعبادة الذات – تفخيخ بالماسونية – تفخيخ بتعظيم النظرية الديكاتورية  كضرورة للخروج من العنق الزجاجية الممتدة بطول الألفية " ويمكنك الجمع بين كل ذلك لتحيا الأمة العجمية ، عندما يصبح التفكيرهتك عورة والمعارضة خيانة  ، والتغريد بعيدا عن السرب عمالة تستحق السحق بالقانون ، فإننا نعيش في دائرة تفخيخ عامة لو لم تكن فيها فاعلا ستكون مفعولا به أو عليه .

وإذا كان هناك اتهام من الدولة للإخوان بأنهم يخلقون مناخا تشاؤميا ، فبماذا نسمي المناخ المفخخ الذي صنعه طارق عامروعشيرته من قيادات البنوك والإقتصاديين ،أصحاب السياسات النقدية ، المفخخة بعشق الإستدانة من البنوك والهيئات الدولية ، بعد أن أغرقتنا ساساتهم  في الديون بدعوي تعويم الجنيه والحد من التضخم،  ليعلن عمرو الجارحى وزير المالية بلا حرج أن الدين العام تخطي  3.4 تريليون جنيه بنسة تصل إلى 104% من الناتج المحلى الإجمالى، في الموازنة العامة للدولة عن العام المالى 2017 \ 2018، كما كشف مشروع الموازنة العام المالى ارتفاع فوائد الدين المحلى بقيمة 71 مليار جنيه ليصل إلي 355.2 مليار جنيه ؟!! ويدفع فاتورة هذه الترهلات المتراكمة الغالبية العظمي ممن فقدوا الستر بفعل الغلاء الذي لا يرحمهم يوميا ، ويطحن عظامهم في مولد" سيدي يوليو " السنوي للتأديب والتهذيب والإصلاح. 

مشاهد التاريخ تتكرر بكل تفاصيلها ولا نتعلم الدروس ، ولا نغير من نهج مواجهتنا للأزمات خردلة، عاش جبران خليل جبران في أيام مشابهة فكتب  "ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين ..ويل لأمة تلبس مما لاتنسج وتأكل مما لاتزرع .. وتشرب مما لا تعصر وتحسب المستبد بطلاً" اللهم اكفنا شركل مفخخ وفخاخ ومفخوخ .

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة