رمضان زمان وحكايات الجدات: اﻷرز المعمر.. وفوالة الفول

الأربعاء، 31 مايو 2017 11:54 م
رمضان زمان وحكايات الجدات: اﻷرز المعمر.. وفوالة الفول
ارشيفيه
الشرقية - سها الباز

من ليس له ماضي لن تجد له حاضر، ومن له ماضي يعش على استدعاءه وقتما سنتح الفرصة، وما أحلى ليالي شهر رمضان التي يتمزج مذاقها بحكاوي الجدات، حيث تمر اﻷيام وتتعاقب السنون، وتظل حكايات الجدات عن ذكريات الماضي الجميل، شئ محبب للجميع نستمع لهن بإنصات ونغوص في أعماق الماضي البعيد وهن يحكين عن ذكريات رمضان زمان.

تقول الحاجة سكينة علي 71 عاما، كان الريف جميلا، فالمياه نظيفة شفافة، وﻻ أحد يلقي بالقمامه فيه، وكان الرجال يصطفون على ضفافه بعد صلاة العصر يتسامرون في أمور كثيرة حتى قبيل المغرب، أما نحن السيدات، فنقوم بإعداد الخبز الطازج يوميا حتى يوضع على مائدة اﻹفطار في رمضان وهو ساخن.

وتابعت: كان طاجن اﻷرز المعمر من الوجبات الرئيسة علي المائدة، وكنا نقوم بوضعه في الفرن بجانب الخبز.. كنا أكثر من سلفة بالبيت، فواحدة تقوم بإعداد العصير، ولم يكن موجود الخلاط وقتها وﻻ الثلاجات، فكنا نحضر ألواح التلج، الكبيرة، نبرد بها الماء، ونقوم بعصر المانجو باﻷيدي، وعمل الكنافة علي الموقد، فتوضع علي صنيية ونقوم بقلبها حتي تحمر، واﻵخريات يساعدن بطهي الطعام وإعداد الخبزوتابعت الجدة، بعد تناول اﻹفطار نقوم للصلاة مباشرة، ثم نجلس نحتسي الشاي، ونتجاذب أطراف الحديث حتي صلاة العشاء، ثم نقوم للصلاة، وبعد أن نفرغ منها نخرج إلي خارج المنزل، ونجلس أمامه وتتجمع الجارات، ويحكين كيف كان يومهن وماذا أعدت كل منهن ﻹفطار اليوم، ثم يمر الوقت، وتبدأ كل واحدة تتسلل تلواﻵخرى ذاهبة إلى البيت، فقد تركت إحداهن فوالة الفول المدمس فوق اللمبة نمرة (10) كماكنا نسميها زمان، بعد غلي القدر، نضعه من بعد صلاة المغرب فوق اللهب الضئيل المتصاعد من اللمبة ونتركه حتي ساعة السحور، ويكون قد نضج تماما، ليتم تناوله مع الفلفل الحار وقطع الخيار المخلل، الذي نقوم بعمله بالبيت.

وتبتسم الجدة قائله، ذات مرة كنت متعبة جدا بعد يوم شاق في الحقل والبيت وكنا في النصف الثاني من رمضان، وإحدي سلفاتي كانت وضعت مولودها الثاني في ذلك اليوم، والسلفة اﻵخري كانت تراعيها وغلبها النوم، وقمت متأخره ﻹعداد السحور، وقد وضعت بطتين من النوع السوداني، وهو يستغرق وقتا في الطهي، وكان فطور اليوم السابق متواضعا فالكل مشغول، لذا قمت بإعداد الخبز والبيض، والبطاطس المقلية والقشدة، والباذنجان المشوي، لذا قررت أن اعد سحورا دسما لهم ولكن الوقت داهمني، والبط لم ينضج بعد، وتابعت الجدة وجدت نفسي في مأزق، فماهي اﻹ دقائق ويتبين الخيط اﻷبيض من الأسود من الفجر، فتسللت إلي السرير وتظاهرت بالنوم، ثم ضحكت الجدة ، وقالت قام زوجي ورأي نور الصبح قد تسلل من بين فتحات النافذة، وبدأ في الصراخ وإيقاظي، ونهرني وأمسك بتلابيب شعري، وقال لي أنت زوجه مش نافعة، خيبانة وصفعني على وجهي، ولكن مالبث ان قام بمصالحتي، مبررا غضبه بأنه لم يتناول إفطاره جيدا.

وأردفت الجدة: «قال لي مازحا، محاولا إرضائي أنا اصلا متجوزك عشان تسحرني.. وبنبرة حنين علي الأيام الخوالي قالت الجدة، زمان كل حاجه كانت حلوة، خضار زمان كان ليه ريحة وطعم جميل، قعدة زمان كانت الضحكة بتطلع فيها من القلب، والناس كانت طيبة، والجيران كانوا أكتر من الأهل».

 
مستكملة: «أما اﻵن فكل حاجه صناعي، الضحكة متصنعة، والسلام أصبح مجاملة، واﻷكل طعمه تغير، والقلوب الصافية، ولت مع ماولي من الزمن الجميل، وترحمت الجدة علي زمان وليال زمان قائلة، كل شئ جميل كان زمان يرحم زمان وناس زمان».

اقرأ أيضا:

إياد نصار لـ «أروى جودة»: «كمان جالك نفس تتسحري»

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق