من قمة الرياض.. السيسي حدد الرؤية الصحيحة لمكافحة الإرهاب العالمي

الإثنين، 05 يونيو 2017 12:19 ص
من قمة الرياض.. السيسي حدد الرؤية الصحيحة لمكافحة الإرهاب العالمي
الرئيس عبدالفتاح السيسي
محمد الشرقاوي و محمود علي

11 دقيقة ونصف، تمكن خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، من الاستحواذ على اهتمام العالم أجمع، ذلك خلال كلمته بالقمة العربية الإسلامية الأمريكية في 21 مايو الماضي، والتي اعتد بها العالم كميثاق جديد لمكافحة الإرهاب.

من مجتمع أسهم بحضارته الممتدة عبر آلاف السنين بمسلميه وأقباطه، وأرضه التي كانت ملتقى للإسلام والمسيحية واليهودية، وإسهاماتها البارزة فى تاريخ الإنسانية والعلم، حتى أصبحت رمزًا من رموز الاعتدال والوسطية والتنوير، حمل السيسي تحية المصريين جميعًا إلى قمة الرياض بقاداتها.  

هناك قيمة رمزية لقمة الرياض، قال عنها السيسي، إن اجتماع قادة دول العالم العربي والإسلامي بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يؤكد على تجديد الشراكة بين الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية، غير أنه يقطع الطريق على أوهام دعاة صراع الحضارات، أمام الذين لا يتصورون العلاقة بين الشعوب إلا كصراع يقضى فيه طرفٌ على الآخر، ويعجزون عن إدراك المغزى الحقيقي لتنوع الحضارات والثقافات، وما يتيحه ذلك من إثراءٍ للحياة وللتجربة الإنسانية، من خلال إعلاء قيم التعاون والتسامح وقبول الآخر واحترام حقه في الاختلاف.

«من مصلحة الجميع ترسيخ هذه القيم الإنسانية» أكمل السيسي كلمته: بأن هناك دورًا أساسيًا في التصدي لمسببات الشقاق والصراع والتطرف، أقصد تحديدًا خطر الإرهاب الذي بات يمثل تهديدًا جسيمًا لشعوب العالم أجمع.

الرئيس السيسي وضع إجابة لسؤال يطرح نفسه على الساحة العالمية وبقوة، وهو كيف يمكن تفعيل  المقاربة الشاملة على أرض الواقع ووفق أي أساس لمواجهة الإرهاب؟، إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية وجميع ما يصب في استئصال الإرهاب من جذوره.

إجابة السيسي اختزلها في أربعة عناصر اعتبرها «ضرورية»، أولها: إن الحديث عن التصدي للإرهاب على نحو شامل يعني مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فلا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية، تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم.، تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني، من هنا فلا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات واحد دون آخر وإنما يقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.

واستدل السيسي بموقف مصر من مكافحة الإرهاب بقوله: إنها تخوض يوميًا حربًا ضروسًا ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء، نحقق فيها انتصارات مستمرة وتقدمًا مطردًا، نحرص على ضبط وتيرته ونطاقه بحيث يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة، مع الحفاظ على أرواح المدنيين من أبناء شعبنا العظيم، وأن المعركة التي تخوضها مصر ليست بعيدة عن الحرب العالمية ضد الإرهاب، فالقاهرة ملتزمة  ونحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية وحريصون على مد يد العون والشراكة لكل حلفائنا في المعركة ضد تلك التنظيمات في كل مكان.

المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي، يضيف: أن الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي.

بـ «5 أسئلة» كشف السيسي عن المتهمين بدعم التنظيمات الإرهابية، وهي: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول مثلاً؟ مَن الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟، مشيرًا إلى أن كل من يقوم بذلك هو شريكٌ أصيلٌ في الإرهاب، وأن هناك بكل أسف دولاً تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم، كما أن هناك دولاً تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب حتى مع الإنتربول.

وعدّ الرئيس المحور الثالث، بقوله إن عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب، هي القضاء على قدرة تنظيماته على تجنيد مقاتلين جدد، من خلال مواجهته بشكل شامل على المستويين الأيديولوجي والفكري، فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز، والمواجهة الناجحة للتنظيمات الإرهابية يجب أن تتضمن شل قدرتها على التجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيراتٍ مشوهة لتعاليم الأديان، تُخرجُها عن مقاصدها السمحة وتنحرف بها لتحقيق أغراض سياسية.

تحدث الرئيس عن تجديد الخطاب الديني وأنه قاد ذلك الفكر لدوره في مكافحة الفكر المتطرف: «لعلكم جميعا تذكرون أنني طرحت منذ عامين مبادرة لتصويب الخطاب الديني، بحيث يُفضي ذلك لثورة فكرية شاملة، تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح، وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيراتٍ خاطئة، وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها في عقيدتنا وتعاليم ديننا»، مضيفًا: «أتابع تنفيذ هذه المبادرة مع المؤسسات الدينية العريقة في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطى المعتدل وبالتعاون مع قادة الفكر والرأي في العالمين العربي والإسلامي».

وحدد الرئيس الشرط الضروري الذي يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية، وهو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية في المنطقة العربية، فالمنطقة العربية واجهت محاولات ممنهجة وممولة تمويلًا واسعًا لتفكيك المؤسسات وإغراقها في فراغٍ مدمر، لتوفير البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية.

 لابد من بذل الجهد لملء الفراغ الذي ينمو وينتشر فيه الإرهاب، وهو ما يستلزم بذل كل الجهد من أجل استعادة وتعزيز وحدة واستقلال وكفاءة مؤسسات الدولة الوطنية في العالم العربي، بما في ذلك تلبية تطلعات وإرادة الشعوب نحو النهوض بالدولة، من خلال تكريس مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والوفاء بمعايير الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وترسيخ مفاهيم دولة القانون والمواطنة واحترام المرأة وتمكين الشباب.

 أشار السيسي إلى أن مصر قدمت نموذجًا تاريخيًا؛ لاستعادة مؤسسات دولتها الوطنية بشكل سلمي وحضاري عن طريق تفعيل الإرادة الشعبية الجارفة التي رفضت جميع محاولات اختطاف الدولة المصرية العريقة وتجريف هويتها الوطنية التي تشكلت على مدار زمان طويل، بِطولِ تاريخ مصر الراسخ في الزمن، وأن الشعب المصري بعد استعادته لدولته في بناء وزيادة كفاءة مؤسساته الوطنية متقدمًا يومًا بعد يوم على مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 وأكد الرئيس أن مصر بكل قواها تدعم كافة الجهود الرامية لتسوية أزمات المنطقة، بما يحافظ على وحدة وسيادة الدول الوطنية وسلامتها الإقليمية وحمايتها من قوى التطرف والتشرذم الطائفي، وترفض رفضًا قاطعًا كل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية أو إزكاء وتأجيج الفتن الطائفية التي تمثل البيئة الخصبة لنمو الإرهاب وانهيار الدولة الوطنية.

يرى السيسي أن في حال تم حل القضية الفلسطينية حل عادل وشامل على أساس حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة، سيكون سببًا في أن يكتب النجاح لجهود مكافحة الإرهاب، خاصة وأنه يوفر واقعًا جديدًا لكافة شعوب المنطقة، تنعم فيه بالازدهار والسلام والأمان، فضلًا عن هدم أحد الأسانيد التي يعتمد عليها الإرهاب في تبرير جرائمه البشعة.

 العناصر الأربعة السابقة قال السيسي إن رؤية مصر لدحر الإرهاب تقوم عليها، وذلك إيمانًا بأنه الخطر الأكبر الذي يواجه العالم أجمع، وبأن المواجهة الشاملة معه، على أساس المحاور الأربعة التي ذكرتها، يجب أن تمثل أساسًا لمرحلة جديدة من التعاون بين دولنا وشعوبنا.

اختتم السيسي كلمته بـ: «يطيب لي أن أعرب عن تقديري للرؤية الثاقبة للرئيس ترامب، الذي طرح منذ بداية ولايته سياسة صارمة إزاء التعامل مع التحديات الإرهابية، وأكدها أمامنا اليوم ولا يخالجني أدنى شك في أن الولايات المتحدة قادرة على المساهمة في إحداث النقلة النوعية المطلوبة دوليًا فيما يتصل بتنفيذ الاستراتيجية الشاملة التي تناولتُ عناصرها اليوم، بحيث يتم صياغة خطة عمل واضحة بإطار زمني محدد، تجتث الإرهاب من جذوره تمويلًا وتسليحًا وتحرم شبكاته من ملاذاتها الآمنة، بما في ذلك من خلال التصدي الفعال للتيارات التي تحاول أن تختبئ وتسوق نفسها ككيانات سياسية، وما هي إلا الحاضنة الطبيعية للإرهابيين وللتغلغل في المجتمعات، ليتسنى لها استغلال الفرصة المواتية للانقضاض على الإرادة الشعبية وممارسة سياساتها الإقصائية المتطرفة.

إن مصر كانت رائدة دائمًا في السلام والانفتاح على مختلف الشعوب والثقافات، وسيبقى الشعب المصري دائمًا سباقًا في مد يد التعاون والتواصل لجميع الأصدقاء والشركاء، في المنطقة والعالم بأسره.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق