قطر البداية.. مصر والسعودية معا

الأحد، 11 يونيو 2017 05:43 م
قطر البداية.. مصر والسعودية معا

دون السعودية فلا قيامة للعرب، ودون مصر فلا وجود للعرب.
 
دون مصر، الوتد الذى يمنع انهيار ما بقى من دول عربية، فستتحول الكثير من الدول العربية إلى قبائل ذات أعلام متناحرة ومتصارعة.
 
دون السعودية، القوة الرافعة للمنطقة العربية، فسنظل كيانات ضعيفة نسأل الأغنياء هبة أو منحة أو قرضاً نعيش على ما يجود به الآخرون علينا.
 
تساءلت من قبل: إذن، ما المطلوب؟
المطلوب هو التطابق فى إدراك مصادر التهديد المشتركة، لأن مصادر التهديد فعلاً مشتركة ومتطابقة.
 
إن العاهل السعودى والرئيس المصرى رجلان يعيان خطورة المأزق الذى تعيشه الأمة العربية. نحن بصدد «سايكس بيكو» جديدة سواء بالمعنى الحرفى أو بالمعنى المجازى، سواء كان هناك من يجلس فى مكان ما على بعد آلاف الأميال، كى يعيد تقسيم حدود المنطقة أو من تقاطعت مصالحه والتقت أهدافه مع أهداف قوى محلية أو إقليمية، قد تكون لها أهداف مشروعة على المستوى الإنسانى، لكن يمكن استغلال أهدافها هذه لتحقيق مخطط أكبر، هى لم تكن على وعى به.
 
الرجلان يعلمان أن الأمة العربية تعيش اختباراً لا يقل قسوة أو خطورة أو أثراً عن اختبار رسم حدود المنطقة، الذى حدث منذ مائة عام حين تم الاتفاق ودياً بين المستعمرين على إطلاق يد فرنسا فى المغرب العربى مقابل أن تبتلع إنجلترا مصر والسودان، وأن يتم تقسيم إرث الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ، بحيث تكون سوريا ولبنان من نصيب فرنسا، والعراق من نصيب إنجلترا، وهكذا.
 
هناك خطر إقليمى داهم لا يتجاهله إلا ساذج، وهو ما سماه الملك الأردنى منذ فترة «الهلال الشيعى» الممتد من إيران إلى المنطقة الشرقية فى الجزيرة العربية امتداداً إلى العراق وسوريا ولبنان. نحن العرب، فى أضعف أحوالنا يقيناً. وما كان متماسكاً، حتى ولو شكلياً قبل 2011، تعرت عنه ورقة التوت بعد أن أصبح ضعف دولنا ومجتمعاتنا حقيقة يعلمها من لا يريدون لنا خيراً ويروننا فريسة سهلة، كى يعيدوا تشكيل حدود دولنا. هناك أربع دول عربية انتهت فعلياً؛ هى الآن أشباه دول داخل كيانات جغرافية ودبلوماسية لها أعلام وحكومات شكلية احتفالية أكثر منها كيانات سياسية وقانونية قادرة على أن تسيطر على أمنها وحدودها، وهى فلسطين المحتلة ولبنان المنقسمة والصومال المنسية والسودان المهدد. وتسير فى نفس الوجهة وبدموية أكثر أربع دول أخرى: العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن.
 
هم يريدون منا أن نظل نتقاتل ونتقاتل، نتفتت ونتفتت. ولو بدت علامات هدنة أو هدوء أو تسوية، فسيفعلون كل ما يستطيعون من أجل استمرار الحرب والاقتتال والاستنزاف. وهذا ما فعله الأمريكان حين كانوا يعقدون صفقات الأسلحة مع العراق، ويبلغون إيران، عبر وسطاء، بأماكن تخزينها. مصر بحاجة لدعم أشقائها فى فترة صعبة نعيشها ولا ينبغى أن تطول.
 
أتمنى على الملك سلمان أن يتبنى مشروع «مارشال عربى» لمساندة مصر يقوم على استثمار 100 مليار دولار فى مصر خلال السنوات الخمس المقبلة. إن المملكة باحتياطيها النقدى المهول الذى يتخطى 750 مليار دولار يمكن أن تستثمر جزءاً من أرصدتها السيادية فى مشروعات تعود عليها، وعلى مصر بخير كثير.
 
هنا لا أتحدث عن منح أو هبات أو مساعدات وإنما عن مشروعات استثمارية لها طبيعة طويلة المدى وتعود على المملكة بالعائد الملائم وتعود على مصر باستغلال مواردها الطبيعية والبشرية التى تحتاج العنصر المالى والتمويلى.
 
أكرر أن مصر آخر عمود فى المنطقة العربية؛ كان شائعاً أنه دون مصر فلا حرب مع إسرائيل، ودون سوريا فلا سلام مع إسرائيل. ويمكن أن أعيد صياغتها لأقول: دون السعودية لا قيامة للعرب، ودون مصر لا وجود للعرب.
 
وبناء عليه، فإن محور «القاهرة - الرياض» مطلوب منه أن ينتشل بقية أمتنا العربية مما هى فيه.
 
«التطابق فى إدراك مصادر التهديد المشتركة، لأن مصادر التهديد فعلاً مشتركة ومتطابقة»، عبارة قد تبدو إنشائية لمن لا يعرف الكثير عن العلاقات الدولية. هذا هو مثلاً نمط العلاقة بين الولايات المتحدة وإنجلترا. نحن بحاجة لأمر من هذا فى واقعنا هذا، وفى وقتنا هذا.
 
كما أننا لا بد أن ندرك حتمية التطابق فى إدراك الفرص المتاحة أيضاً، مصر هى الجزء الآمن من حدود المملكة، وقوة مصر تصب بالضرورة فى استقرار المنطقة. ولا ازدهار ولا تقدم ولا تراكم فى القوة الشاملة للمملكة أو لمصر إلا بالاستقرار السياسى والاقتصادى والعسكرى فى الدولتين وفى محيطهما.
 
لولا مشروع مارشال الأمريكى لكانت ضاعت أوروبا فى غياهب الشيوعية، وتحولت إلى عدو للولايات المتحدة. وبعد الاستثمارات الضخمة الأمريكية فى أوروبا عادت عوائد هذه الاستثمارات بالخير الكثير على أمريكا. وبنفس المنطق أقترح على أشقائنا السعوديين أن يدخلوا فى شراكة كاملة مع مصر لرفع حجم الاستثمارات السعودية فى مصر لأرقام غير مسبوقة، وستصبح بذلك «ضربة معلم» لأعداء المملكة وأعداء مصر.
 
المعادلة بسيطة: التحالف أو الانهيار.
 
وبصورة أبسط: البقاء أو الفناء.
 
وكما قالها مارتن لوثر كنج: إما أنا نعيش معا كالإخوة أو نغرق معا كالحمقى.
 
وهناك من يريد أن يغرقنا، ونحن مع الأسف نساعدهم.
 
اللهم ألّف بين قلوبنا، واجمع شتات أمرنا، واجعل غدنا أفضل من يومنا. آمين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق