الفيزياء قضت على حلم ارتداء هبة للبالطو الأبيض.. فقفزت منتحرة

الإثنين، 12 يونيو 2017 08:00 م
الفيزياء قضت على حلم ارتداء هبة للبالطو الأبيض.. فقفزت منتحرة
امتحانات الثانوية العامة
إسلام ناجي

«هتدخلى علمى ليه بس».. لم تأبه هبة لكلمات زميلاتها المتشائمة، وملأت استمارات الثانوية العامة قبل عامين من الآن، مبينة بها رغبتها فى الإلتحاق بالشعبة العلمية، آملة أن تتمكن من تحقيق حلم طفولتها، وتتفوق فى دراستها، وتحصل على مجموع كبير يمكنها من الإلتحاق بإحدى كليات الطب، فلطالما تخيلت نفسها ترتدى «بلطو أبيض» وتمسح أروقة مستشفيتها الخاصة ذهابًا وأيابًا؛ للتحقق من سريان الأمور على النهج السليم، والمرور على المرضى، للتأكد من تطور حالتهم الصحية.
 
بذلت هبة قصاري جهدها لتحقق حلمها، وحلم أسرتها البسيطة، التى لم يبخل ربها فى توفير كل سُبل الراحة لصغيرته طبيبة المستقبل، وحرم نفسه من متاع الدنيا ليدفع آلاف الجنيهات فى الدروس الخصوصية على مدار 10 أشهر متواصلة، بنفس راضية، وقلب أب محب، يستمد سعادته من ضحكات أبناءه، ويستشعر نجاحه فى تفوق فلذات أكباده، الأمر الذى دفع هبة إلى تحدى نفسها، والابتعاد عن كل أسباب التشتيت المختلفة، فاتخذت فى غرفتها مكانًا بعيدًا عن ضجة العالم، وعلاقاته المتشعبة، وانهالت على كتبها فحصًا وتمحيصًا، حتى اطمئن قلبها إلى الإلمام بكل أجزاء منهج المواد السبع.
 
مع اقتراب أيام الإمتحانات، خفق قلب هبة بشدة، وهابت الموقف، وأحست باقتراب النهاية، وتقاذفت المعلومات خارج عقلها، فشعر بها والدها، وبث على أذنيها كلمات التشجيع والتفائل حتى استعادت حماسها، وواصلت الليل بالنهار أمام الكتب حتى ليلة إمتحان اللغة العربية، الذى جاء ملائمًا لتوقعات الأساتذة، وتمكنت من إجابته بسهولة ويسر، الأمرالذى زاد من حماستها، وطمس قلقها، وشجعها على مراجعة اللغة الإنجليزية، لتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، وتفاجئ هبة بفوازير الامتحان التعجيزية، وتعود إلى المنزل محملة بخيبتها، ليتلقفها والدها بابتسامة عريضة، ويهدئ من روعها.
 
تكررت صدمة هبة فى امتحان اللغة الفرنسية، ولاحظت إنقشاع الإبتسامة من على وجه والدها، واستبدالها بملامح القلق والخوف، فدب التوترإلى فؤادها، ومع ذلك حرصت على التحضر جيدًا لـ"بعبع" الثانوية العامة، فحلت جميع نماذج الوزارة التجريبية فى مادة الفيزياء، بالإضافة إلى إمتحانات السنوات السابقة، وإمتحان السودان والأزهر، وراجعت على كافة توقعات الأساتذة، ودخلت الإمتحان بفؤاد مرتجف لتصعق من الأسئلة الغير مباشرة، فتسرب الشلل إلى عقلها، وعجزت عن تذكر أى معلومة تنجيها من غيابة الفيزياء، حتى انتهت الساعات الثلاث، وخرجت مع رفيقاتها يزفهن صوت الصراخ والعويل، وتغرقهن الدموع.
 
سيطر اليأس على قلب هبة، ورأت مستقبلها ينهار أمامها، بعدما قضت الفيزياء على أملها الأخير فى الالتحاق بكلية الطب، فخشيت على والدها من الصدمة، ووسوست لها نفسها الأمارة بالسوء بعدم العودة إلى المنزل مرة أخرى، وقتل نفسها، للتخلص من حياتها، وإنهاء معانتها إلى الأبد، فتوجهت إلى بحر شبين الكوم المجاور لمدرستها، وصعدت كوبرى المشاة، ووقفت دقائق تستجمع شجاعتها، وترتب أفكارها، قبل أن تلقى نظرة أخيرة إلى العالم، وتقفز إلى البحر معلنة إضافة ضحية جديدة للثانوية العامة.
 
اقرأ أيضا
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق