أمسية رمضانية فى المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى

الخميس، 15 يونيو 2017 02:39 م
أمسية رمضانية فى المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
حسين عثمان يكتب :

تجمعنى بنيافة الأنبا إرميا، الأسقف العام، رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، عضوية مجلس أخلاقيات البحث العلمى بمستشفى سرطان الأطفال 57357، وذلك وسط نخبة من علماء مصر وشخصياتها العامة، وبرئاسة الأستاذ الدكتور شريف حماد وزير البحث العلمى الأسبق، ومن قبلها أتابع كتابات نيافته الدورية فى الصحف القومية والمستقلة، فالأنبا إرميا أحد القلائل ممن يجيدون إعادة قراءة التاريخ بتجرد، وما أحوجنا جميعاً إلى مثل هؤلاء، فتاريخ مصر على طوله وعرضه، لم يكتب إلا على هوى حكام كل مرحلة كان يكتب فيها التاريخ، والتاريخ لا يكون تاريخاً، إلا إذا كتب بتجرد، بعيداً عن أى وكل أهواء، المؤرخ الحقيقى هو من يوثق الوقائع ويتناول ملابساتها كما حدثت، دون أى تحريف أو تشويه أو إيحاء أو تأثير، تاركاً لنا حكاماً ومحكومين، قراءة العبر واستخلاص الدروس.
 
وكنا قد لبينا الأسبوع الماضى، دعوة كريمة للأنبا إرميا، لعقد جلسة مجلس أخلاقيات البحث العلمى الدورية لشهر يونيو، بالمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، بالكنيسة المصرية بالعباسية، وحتى نلتقى بالمناسبة – كما أفاد نيافته وقت الدعوة - على مائدة إفطار رمضان فى ضيافته، فتاريخ الجلسة المحدد يتزامن مع ذكرى نصر أكتوبر المجيد فى العاشر من رمضان، وبحيث ننتهى من جلسة العمل قبل الإفطار، ونلتقى بعده فى جولة ثقافية اجتماعية نتجاذب فيها أطراف الحديث من هنا وهناك، وأشهد أن نهار الإثنين هذا ومساءه، مثلا أمسية رمضانية خاصة جداً، تركت أثرها فى نفوس وطنية نقية، تؤمن أول ما تؤمن، بفطرتها الإنسانية التى خلقها الله عليها.
 
فلم نكد ننتهى من جلسة العمل قبل أذان المغرب بقليل، حتى بدأ صوت الشيخ محمد رفعت يتهادى إلى أسماعنا بقرآن الله الكريم، ولم نملك وقتها إلا الخشوع اللا إرادى المعتاد أمام صوت قيثارة السماء، إلى أن رن أذان المغرب بصوته الملائكى فى المكان مصاحباً لصوت مضيفنا الكريم قائلاً: "اتفضلوا يا جماعة.. صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً"، ومؤكداً أن المكان المعد لصلاة المغرب فى انتظارنا حال الانتهاء من تناول الإفطار، والذى لم يخل من حديث الذكريات الرمضانية الجامعة لمسلمى مصر ومسيحييها أجيالاً وراء أجيال، ولم يكن انتهاءنا من صلاة المغرب إلا إيذاناً بصحبة الأنبا إرميا فى جولة تاريخية بالمركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.
 
المركز تأسس عام 2008.. ورسالته تهيئة المناخ المناسب للتعليم، وتعزيز العملية التعليمية، والتبادل الثقافى، والحفاظ على التراث التاريخى الفريد، وحث الشباب على تنمية الشعور بالهوية المصرية، وإعلاء القيم الأخلاقية والمبادئ والمثل العليا اللازمة لاستقرار بلادنا ونموها، وإيجاد قناة تواصل شفافة بين الكنيسة والمجتمعات المحيطة.. بدأت جولتنا بقاعة المخطوطات، وتضم أكثر من ألفى مخطوط قبطى تاريخى نادر، ومنه إلى مكتبة تزدحم بالشباب الدارس والقارىء، وتضم العديد من الكتب المصنفة فى الدين والتاريخ والسياسة والأدب والعلوم ومختلف أفرع الثقافة، وجزء منها رقمى حديث التأسيس، كما تضم مكتبة إسلامية متكاملة، كانت تخص البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية السابق، وأهداها إلى المركز قبل وفاته.
 
بعدها انتقلنا إلى المتحف الخاص بمقتنيات البابا شنودة الثالث، تغمده الله بواسع رحمته، أحد أشهر رموز الكنيسة المصرية على مر تاريخها، والذى يضم كذلك بعض مقتنيات معلمه، المصلح الشهير حبيب جرجس، وما أن دخلنا متحف الشهداء، شهداء الوطن من مواطنينا الأقباط، حتى شخصت أمام أعيننا مقتنياتهم، تقف شاهدة على سقوطهم على أيدى الإرهابيين أعداء الإنسانية، بداية من الدواعش فى ليبيا، ونهاية بإخوانهم فى الإسكندرية وطنطا، ومروراً بحادث الكنيسة المصرية الأم الشهير، ولم ينس القائمون على المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى هنا، توثيق جهود الدولة ورئيسها فى هذا الخصوص، بداية من مشاطرة الأحزان، وحتى إعادة ترميم الكنائس، على أيدى القوات المسلحة المصرية. 
 
وانتهينا فى جولتنا إلى Me Sat، القناة الفضائية الخاصة بالمركز، والتى تعزز من تفعيل رسالته، رغم قلة إمكاناتها من أستوديوهات وديكورات، وأجهزة صوت وصورة وإضاءة، وأبى الأنبا إرميا أن تنتهى زيارتنا إلا وهو يهدينا كتابه الوثيقة عن قناة السويس الجديدة، ومعه بعض مؤلفاته فى الحياة والحكمة والعدل، وباقة من مطبوعات المركز، تستعرض ما يقدمه من أنشطة ثقافية وعلمية وتنموية ترتقى برواده من الشباب، وأخرى إجتماعية تمد يد العون للمحتاجين، وغادرت وزملائى متفائلين بتجاوز كل المحن، بمشيئة الله، وبقدر ما تلتقى جهود النفوس الطيبة من مواطنى مصر، مسلمين ومسيحيين، على العودة بها إلى إعلاء قيم الإنسانية، فهى بحق وطن يعيش فينا.        
 
 
      
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق