أب يلقي بطفله المعاق في الشارع.. والزوجة تخلعه

الجمعة، 16 يونيو 2017 08:31 م
أب يلقي بطفله المعاق في الشارع.. والزوجة تخلعه
ارشيفيه
إسلام ناجي

وقفت مها أمام قسم شرطة الجيزة، تتأمل بنايته القصيرة فى هدوء بعد أن أنحنت، وأعطت لسائق «التاكسى» ورقة مطوية فئة 20 جنيها، ودارت محركات سيارة الأجرة البيضاء مبتعدة، وما هي إلا لحظات قليلة حتى استجمعت الشابة شجاعتها، ودلفت إلى داخل القسم، وهى تهندم حجابها الزهري، وتجفف عبراتها الساخنة، وتسمع طقطقة حذائها الأسود اللامع الذى توقف صوته برهة مع خروج صوتها المرتعش من بين شفتيها الجافتين سائلة أحد العساكرعن طريقة تحرير محضر، فأشار لها إلى مكتب الضابط النبطشي دون أن ينبس ببنت شفة.
 
خرجت من «مها» تنهيدة بسيطة ملأت بها صدرها بهواء الثقة المستمدة من اللاشىء قبل أن تبدأ فى قص حكايتها المؤلمة على مسامع الضابط، محاولة تمالك نفسها، والسيطرة على دموعها من الإنحدار على وجهها المرهق لكن دون جدوى، فبمجرد أن فتحت فمها لتحضر الكلمات، خرجت الحروف منه متلعثمة، لشدة ارتباكها، ودخلت فى نوبة بكاء طويلة، لم يتمكن الضابط خلالها من فهم كلمة واحدة، فزفر فى ضيق، وهو يطالبها بالكف عن البكاء، وشرح مشكلتها بالتفصيل حتى يتمكن من مساعدتها.
 
مد الضابط يده إلى الشابة بكوب ماء بارد، فتناولته منه على استحياء بيدين مرتعشتين، وارتشفت منه قليلاً، فهدئ روعها، وجففت دموعها بحجابها، وعادت تقص عليه روايتها مرة أخرى بنبرة متوترة يتخللها الكثير من الألم والوجع، فمها تزوجت بنادر قبل ثلاث سنوات، بعدما خدعها برومانسيته الكاذبة، ووعدها بتحويل أحلامها كافة إلى واقع ملموس، لتستيقظ من وهمها على الحقيقة المرة، فالزوج بخيل جدًا، هوايته كَنز الأموال وإدخارها، لا يعرف الرحمة، يتفنن في إهانتها، وإذلالها دون سبب أو دافع.
 
ظهرت على مها أعراض الحمل بعد فترة من زواجهما، وبإجراء التحاليل اللازمة، تأكدت من ظنونها، فسعدت كثيرًا، وشعرت بفضل الله عليها، ودعته أن يتم عليها نعمته، ويهدى لها زوجها ويصلح حاله إلا إنه لم يتغير بل زاد جشعه، وطمعه، ووجد فى الحمل طريقة جديدة لتعذيب زوجته المسكينة، فرفض دفع ثمن كشفها، ومنعها من متابعة حملها مع طبيبة متخصصة، خوفًا من إنفاق أمواله، كما أجبرها على الولادة لدى طبيبة مبتدئة، وكاد طفله أن يفارق الحياة حتى يوفر 300 جنيه.
 
بعد 9 أشهر، رزق الزوجان بطفل جميل، يحمل قسمات وجه والدته الهادئة، وشعر والده المموج، ففرحا به كثيرًا، لكن سرعان ما تحولت سعادتهما إلى خوف وقلق عندما فحصا الصغير، واكتشفا عجزه عن السمع والكلام، فضاقت الدنيا فى وجه مها، وسعت جاهدة لبدء رحلة علاج الطفل، وبحثت عن أمهر الأطباء لمتابعة حالته، وفور استقرارها على طبيب، عرضت الأمر على نادر، ففوجئت بموقفه الغريب، وقلبه المتحجر حيث رفض إنفاق جنيهًا على فلذة كبده المريض، قائلاً: «هنكسب منه إيه»، وقرر التخلص منه.
 
عارضت مها زوجها، وأصرت على الاحتفاظ بصغيرها، والاعتناء به، والإنفاق على علاجه وتربيته، فلم يقبل نادر الرفض، وزاد جنونه، فكان يفتعل معها المشكلات، ليتعدى عليها بالضرب، ويسلبها أموالها، ومجوهراتها حتى فاض بها الكيل عندما ساوم أهلها على دفع مبالغ شهرية له ليستمر الزواج، فرفضت الشابة، وصارحت والدها برغبتها في الانفصال عنه، فسرق نادر طفله، وألقى به إلى الشارع بقلب متحجر، ولولا عناية الله وبعض أهالي المنطقة التي تقطن فيها مها لكان الطفل ضاع للأبد.
 
ذُهل الضابط من قصة الشابة، ورق قلبه رأفة بحالها، وحرر لها المحضر اللازم، وأثبت فيه كل ما ورد على لسانها، لكنها لم تكتفى بذلك فقط، بل توجهت إلى محكمة الأسرة بإمابة واقامت قضية خلع برقم 3567 لسنة 2017، وأعادة رواية حكايتها على القاضى، والحاضرين الذين لم يتمالكوا أنفسهم، وخانتهم أعينهم، وبكت على حال الطفل المسكين، الذى لم يختاره والده، وأوقعه القدر فى يد رجل لا يعرف الرحمة، ولا يستحق نعمة الأبناء.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق