عبدالناصر والإخوان.. وجماعة وحيد حامد

السبت، 17 يونيو 2017 02:20 م
عبدالناصر والإخوان.. وجماعة وحيد حامد
عادل السنهورى يكتب:

عبدالناصر كان عضوا فى جماعة الإخوان.. لا.. عبدالناصر لم يكن عضوا بالجماعة.. الناصريون اتهموا وحيد حامد بقلب وتزييف حقائق التاريخ والمغالطات فى ذكر الوقائع فى الدراما، وهو اتهمهم بالحساسية المفرطة.
 
مسلسل الجماعة فى الجزء الثانى أثار انتقادات وغضبًا وضجة كبرى وخاصة من الناصريين والسبب الإخوان وما جاء فى الحلقات الأولى من المسلسل من الصداقة غير الموثقة بين سيد قطب وجمال عبدالناصر، واستناد المؤلف إلى مراجع لا سند لها، وكتب عبارة عن حوارات لقيادات إخوانية فى توثيق هذه العلاقة غير المفهومة، حتى أن الأستاذ وحيد حامد نسب مصطلح «الثورة» وإطلاقه على 23 يوليو وحركة الضباط الأحرار فى بدايتها إلى سيد قطب، رغم أن المتعارف عليه والثابت والمنشور أن أول من أطلق لفظ الثورة على يوليو هو عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين.
 
القضية تجاوزت المسلسل الذى يرصد تطور العمل السياسى لجماعة الإخوان وعلاقتها بالثورة والضباط الأحرار حتى وقع الصدام بداية من حادث المنشية ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر رئيس الوزراء فى ذلك الوقت.
 
فالخلط بين ما هو سياسى وتاريخى ودرامى هو ما أثار الجدل والنقاش والسجال حول دور المؤلف أو الكاتب بانحيازاته ومواقفه وتوجهاته فى إصباغ ذلك على حقائق تاريخية لفترة تاريخية قريبة وما زالت موضع جدل وخلاف وما زالت محل بحث وقراءة وما زال بعض شخوصها وأبطالها حاضرين. فالتاريخ حقائقه ثابتة والدراما خيوطها متغيرة وقماشتها فى المعالجة للأحداث متسعة. والكاتب -كما يتفق مؤلفو الدراما الكبار- من حقه تقديم رؤيته لكن بشكل لا يتعارض أو يصطدم مع أحداث التاريخ الثابتة.
 
هنا تبرز الإشكالية التى أدت إلى «غضب الناصريين» من الرؤية والمعالجة للأستاذ وحيد حامد واعتبرت العلاقة بين ناصر وقطب فبركة درامية لم تجر على أرض الواقع وبالغت فى التجاوز إلى حد حضور قطب اجتماع مجلس قيادة الثورة، وهو ما لا يوجد دليل واحد عليه رغم تأكيد وحيد حامد بوجود أسانيد له.
 
فهل اختلط ما هو سياسى بما هو درامى فى الحلقات الأولى من مسلسل الجماعة إلى الحد الذى اعتبر كتاب ناصريون وحيد حامد له موقف معادٍ من ثورة يوليو أو تحديدا من الناصريين.
 
يوم الثلاثاء الماضى التقيت الأستاذ وحيد حامد ودار نقاش حول اتهامات الناصريين له. قلت له لماذا تبدو غاضبا رغم أن أى عمل درامى عندما يحقق هذا الكم من الجدل يعنى أنه حقق الهدف منه كعمل جاد ومهم وسط هذا الكم من العبث الدرامى، وسوف يعد ضمن كلاسيكيات الدراما المصرية مثل ملحمة «ليالى الحلمية»! فالمبدع أسامة أنور عكاشة -رحمه الله- هوجم أيضا منذ الجزء الأول من كافة التيارات السياسية «شيوعيين وناصريين ووفديين»، ومع ذلك كان عاشقا لعبدالناصر وتجربته ولكنه أضفى رؤيته الدرامية على المسلسل واستقبل الهجوم بصدر رحب وتجاوز الهجوم.
 
وجه الخلاف أن الأستاذ وحيد حامد قرر الصدام مع الناصريين وتمسك برؤيته الدرامية ورأيه فى أن عبدالناصر خرج من عباءة الإخوان على عكس ما ينفيه الأستاذ سامى شرف وزير شئون الرئاسة فى عهد الزعيم الراحل وما رآه أخطاء وقع فيها المسلسل ومؤلفه، فعبدالناصر لم يكن أبدا إخوانيا حسب مذكرات عبداللطيف البغدادى وكمال الدين حسين وخالد محيى الدين، أعضاء مجلس قيادة الثورة، وحسب رواية سامى شرف ومذكراته، وحسب رواية عبدالناصر نفسه.
 
وأرجو من الأستاذ وحيد حامد ألا يغضب من الانتقاد والهجوم، فالدراما الجيدة محفزة للتفكير والخلاف والاختلاف والاتفاق معها أيضا. 
 
وحتى لا ينسينا الانتقاد السياسى للمسلسل والمواقف وانحيازات مؤلفه، فـ«الجماعة 2» ضم مجموعة رائعة من الفنانين الكبار والشباب، وتدور خلال الأحداث مباراة فنية راقية فى الأداء العالى من النجمة العبقرية صابرين فى دورها عن زينب الغزالى، وأصبح لديها الكثير من الخبرة والنضج الفنى فى أداء السير الشخصية لشخصيات تاريخية وفنية، والمبدع عبدالعزيز مخيون فى دور المستشار حسن الهضيبى، والذى أظنه تفوق على نفسه فى هذا الدور، والفنان العربى الأردنى ياسر المصرى الذى قام بدور عبدالناصر، إضافة إلى التصوير والإخراج العالى المستوى.
 
عموما مسلسل الجماعة يعيد مرة أخرى الجدل حول مسئولية الكاتب عن الأحداث التاريخية والمساحة المتاحة دراميا له فى تناول وقائع سياسية ما زالت تعيش فى الأذهان.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق