«عدد خاص» من صوت الأمة الورقى بمناسبة عيد الفطر المبارك

عطر النبى فى مصر.. «السيدة سكينة» حياة حافلة بالتساؤلات والحكايات

السبت، 24 يونيو 2017 08:00 م
عطر النبى فى مصر.. «السيدة سكينة» حياة حافلة بالتساؤلات والحكايات
عطر النبى فى مصر
كتبت - أمنية فايد

فى أحدى أركان شارع الخليفة تختبئ مقامات آل البيت على طول الشارع، ومع تناثر المقامات يبقى مقام السيدة «سكينة» حفيدة رسول الله «صلى الله عليه وسلم» واحدا من أهم المقامات التى يتردد عليها الآلاف والذى تدور حوله الشائعات، ولعل أهم سؤال يُطرح منذ زمن بعيد هو: «هل أسفل القبة النحاسية جثمان السيدة سكينة بالفعل أم أنها لم تأت إلى مصر؟». 

واختلفت الإجابات حول هذا التساؤل، فهناك مقام لها فى دمشق بمدفن.
 
أخيرا مقامها فى شارع الأشراف فى مصر، وعلى الرغم من اختلاف الإجابات حول وجودها فى أى من هذه الأماكن فإن مريديها وزوارها يأتون إليها فى كل مكان ليلقوا بهمومهم أمام مقامها طالبين من الله أن يزيح عنهم همومهم ويفرج كربهم.
 
قد يصعب على الكلمات والحروف وصف السيدة «سكينة» فهى بنت سيدنا «الحسين» بن على بن أبى طالب، أمها «الرباب» بنت «امرئ القيس بن عدى الكلبى»، اشتهرت باسم «سكينة» نظرا لهدوئها وسكونها وطول تأملها وإشعاعها الجميل، ونرى كل هذه المعانى فى مسجدها الذى يحتوى على ضريحها فى مصر، ولكن اسمها الحقيقى اختلفوا عليه أيضا، قيل إن اسمها «أميمة» وقال آخرون اسمها «أمينة»، ورجح آخرون اسم «أمية»، ولدت فى رجب عام 47 هـ، وتوفى والدها «شهيد كربلاء» وكان عمرها وقتها 14 عاما، عادت بعدها إلى الحجاز حيث أقامت مع والدتها فى المدينة المنورة وبعد وفاتها عاشت «سكينة» فى كنف أخيها «زين العابدين».
 
رثت السيدة «سكينة» والدها بعد وفاته وقالت 
 
إن الذى كان نورا يستضاء به / بكربلاء قتيل غير مدفون
 
سبط النبى جزاك الله صالحة / عنا وجنبت خسران الموازين
 
قد كنت لى جبلا صعبا ألوذ به / وكنت تصحبنا بالرحم والدين
 
من لليتامى ومن للسائلين ومن / يعنى ويأوى إليه كل مسكين
 
والله لا أبتغى صهرا بصهركم / حتى أغيب بين الرمل والطين
 
خفيفة الروح هو معنى اسم السيدة «سكينة»، وهى كانت بالفعل كذلك، حيث نشأت وتربت فى البيت النبوى فتشربت مبادئها وأخلاقياتها من الرسالات والدعوات النبوية محتذية بقدوة النساء أجمعين جدتها السيدة فاطمة الزهراء بنت النبى «عليه الصلاة والسلام» وعمتها السيدة «زينب بنت على»، وكان لها دور عظيم فى المجتمع ومنزلة كبيرة فى الكرم والسخاء ومساعدة الفقراء، حيث يروى سبط بن الجوزى عن سفيان الثورى، قائلا: «أراد على بن الحسين الخروج إلى الحج فأخذت له أخته «سكينة» سفرة أنفقت عليها ألف درهم ليفرقها على الفقراء والمساكين أثناء الطريق، فهى كانت سيدة نساء عصرها.
 
وروى فى كتب السابقين أن أباها الإمام الحسين كان يحبها كثيرا ويسر لرؤيتها، وكتب فيها بعض أبيات الشعر، وقال:
 
لعمرك أننى لأحب دارا / تحل بها سكينة والرباب
 
أحبهما وأبذل جل مالى / وليس لعاتب عندى عتاب
 
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا / حياتى أو يغيبنى التراب
 
عرفت السيدة «سكينة» بحبها وإجادتها لقواعد البلاغة وعلوم اللغة، كان بيتها فى المدينة المنورة يضم مجالس العلم والأدب، فكان منزلها مكانا متسعا لضم الأدباء والشعراء فى عصرها، فهى تعتبر أول من أنشأت «الصالون الثقافى» بمفهومه المعاصر.
 
عندما يأخذك الشوق لتذهب إلى مقامها فى شارع الأشراف بقاهرة المعز تجد العزة وشرف النسب ونفحات كرم أهل البيت تردد اسمها على الجدران النحاسية المنقوشة التى أحاطت بمقامها المطلى بالفضة، أمامها ساحة واسعة يعلوها قبة وتاج خشبى يتوسطه عمود ضخم مكسو بغطاء أخضر اللون منقوش، يعكس ما ينقله المكان من راحة بال تدخل على الزائرين له بمجرد الوقوف أمامه.
 
تناثرت الأشعار على جدران المقام، كلها كلمات تصف السيدة «سكينة» وتروى قصة هجرتها مع والدها سيدنا الحسين إلى العراق ورحلة عودتها إلى مصر، ومن بين هذه الأبيات. 
 
«وإذا قصدت العلا والعزة، فاقصد سكينة بنت الحسين، وعند مقامها قف احتراما، لتشهد نورها فى الخافقين».
 
وأمام مقامها تجد لوحة ترص بها أجمل حروف اللغة العربية لتخرج أفضل الكلمات التى وصف بها أحد الشعراء السيدة «سكينة»، وقال: 
 
هذى «السكينة» بينت مولانا «الحسين»/ بسيط النبى المصطفى طه الأمين
 
نور النبوة يشع من روض لها / فيه السكينة فى وقار المحبين
 
لما أتيت دخلت ألف تحيه / منى على بنت الكرام الأكرمين
 
قالت: بنى جزاك ربى خير ما / يجزى الضيوف المخلصين المكرمين
 
أنزل بنى بنا جوانحك التى / ضيقت صدرا وأبكت منك عين
 
عندى «أبى».. والجد عندى نوره / نحن الأمان ورحمة للمؤمنين
 
فاطلب وقل: يا آل بيت «محمد» / بكم قصدت الله خير المحسنين
 
يارب فرج كربنا «بمحمد» / والآل والصحب الكرام الطيبين
 
صلى عليهم ربنا.. جل الثنا / منه عليه.. وعز فوق العالمين
 
يا «أم» إنى قد قصدت رحابكم / ورجوت فضل الله خير المنزلين
 
فصلوا حبالى «بالرسول المصطفى» / وتشفعوا لى عند خير المرسلين
 
علّى أفوز بنظرة فيها الرضا / منه على.. بجوره دنيا ودين
 
فأكون تابعه.. وخادم نعله / ويكون لى تاجا على أعلى الجبين
 
متفردا بالذل عند جنابه / متفردا بالعز منه على اليقين
 
«جدى» وإن بلغت عيوبى للسما / لا يقطع الأنساب ذنب المذنبين
 
وهو الشفيع.. ومن أحق برحمة / مثل القصاة.. ومن هوى.. والخاطئين
 
صلى وسلم ربنا أبدا على / طه.. على مر السنين
 
وصل الاختلاف بين المؤرخين إلى تاريخ وفاتها قيل إنها توفيت يوم 5 ربيع الأول عام 127 هجريا، وفى تاريخ «ابن خلكان» قال إنها توفيت عام 117 هجريا فى المدينة المنورة، وقال الشيخ عبدالرحمن الأجهورى، إنها ماتت ودفنت بالمدينة المنورة، ولكن الأكثرين يرجحون فكرة وفاتها بالقرب من مسجد السيدة نفسية بالقاهرة ودفنت فى القاهرة.
 
مهما كتبنا عن فضل تلك السيدة الطاهرة، تبقى كلماتنا مجرد قطرة فى بحر آل البيت.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق