عطر النبى فى مصر

مصر «المحروسة» ببركة الأنبياء

السبت، 24 يونيو 2017 01:13 م
مصر «المحروسة» ببركة الأنبياء
عبد الحليم قنديل يكتب

لا يوجد بلد فى الدنيا كمصر، فيه رقائق حضارية متعاقبة متصلة لآلاف السنين، تمتاز  بتجانسها وتكاملها الفريدين، على تعاقب وتنوع اللغات وأسماء الأديان، وإن جمع بينها حس توحيدى فطرى وحضارى جارف، من «إخناتون» صاحب أول ديانة توحيدية فى فجر التاريخ الإنسانى، إلى «اليهودية» التى دارت قصتها الكبرى فى مصر، إلى «المسيحية» التى حلت ببركتها مع خطو أقدام السيد المسيح وأمه العذراء إلى قلب مصر، وزاد تعلق المصريين بها مع عصر الشهداء والأديرة والرهبان، إلى الإسلام الذى فتح مصر بلا حرب، ولعبت الهجرات وموجات التواصل اللغوى دورها فى نقله إلى مصر، حتى قبل أن يظهر نور النبوة فى «مكة المكرمة»، ومنذ زواج سيدنا إبراهيم - أبو الأنبياء - من «هاجر» المصرية - أم إسماعيل، ومع ترادف مكثف لكلمات اللغة العربية مع لغات مصر القديمة، ومع عمق الطابع التوحيدى لثقافة مصر الأولى، فقد كانت مصر تقلب وجهها فى السماء، وتبحث عن الله الواحد، وتمشى إلى هدى السماء، قبل أن ينزل الله رسالاته التوحيدية الكبرى، ويختمها بدين الإسلام ورسالة نبيه الكريم، الذى تزوج من «مارية» القبطية، وأنجب منها ابنه إبراهيم، وبشّر المسلمين بفتح مصر، والفوز ببركتها وقداسة أرضها وامتياز ناسها خير أجناد العالمين.
 
لقد كان الدين واحدا من الصناعات الحضارية الكبرى للمصريين، لا يُرغمون عليه، بل يسعون إليه بالفطرة النقية، وبآثار أقدام السعى الجليل الأول فى التاريخ، وبشواهد العظمة، وأهراماتها وآثارها الحيّة الموحية، التى تحكى قصة الإنسان، ورواية البصائر والمصائر، ومخازن الحكمة المتحصلة عن حياة غنية، وبإدراك مبكر لتفرد الوجود الإنسانى، ومعرفة أن الإنسان لا يفنى، بل ينتقل من الحياة الدنيا إلى الحياة الأخرى، وصياغة مُثل وقواعد الضمير الإنسانى، وجعل الإنسان وحدة متصلة مع بيئته، وإضافة زاد الخلق الإنسانى إلى امتياز الطبيعة الموروثة، و بما جعل سعى المصريين فى الدنيا مقدسا، تماما كسعيهم إلى كسب الحياة الآخرة الدائمة، وجعل تدين المصريين فريدا عميقا تلقائيا، يحتفى بالسعى الإنسانى، وببركة الصالحين التى يضيفونها للدأب الإنسانى، وتجعل الدين كالزرع والحصاد والصناعة والكيمياء، وحروب الدفاع عن الحياة والمبادئ، وبحس إنسانى خلاق، يترفع عن الشرك والوثنية، ويدرك معنى التوحيد الكامن الظاهر فى كل أثر مصرى، من شواهد الفراعنة وكتاباتها المقدسة، إلى زراعة الصحراء بالنور والخضرة والأديرة والرهبنة والتأمل، وإلى الاحتفاظ العزيز بقوارير عطر النبى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، والحفاوة الجارفة بمئات وراء مئات من الأضرحة والمساجد العتيقة، ووضع آل بيت النبوة وسلالتهم الطاهرة، فى حبة العين ودم القلب وشرايين العقل.
 
نعم، مصر تعرف التوحيد بلا قسمة، وقد صنعت التوحيد على عينها، واحتفلت برسالات السماء والتى أكدت ظنونها، وتحولت دنياها إلى مراسم لصناعة الحياة، تماما كصناعة وحراسة القيم والمبادئ الإنسانية العليا، فى وصل لا ينقطع مع هدى رسالات السماء ودينها الخاتم، فلم تكن مصر أبدا دارا لخلافة، لكنها كانت هى الخلافة نفسها، وهى الممثل الشخصى للدين فى تمامه وأكمل صوره، لا تعرف طائفية ولا صراعات مغانم عقيمة، بل هى وطن مثالى لكل صور التنوع فى إدراك الحق الواحد، فقد تقلب بها الزمان فى غير دورة، وإلى أن صارت عنوانا لتدين متفتح، يضع التعقل السُّنى فى مقامه، ودون قطيعة صحراوية مرذولة مع روح ووجدان المحبة المميزة لآل البيت، وشواهد العطر النبوى فى نسله الطاهر المتصل إلى يوم الدين.
 
و«صوت الأمة» لا تقدم حديثا مرسلا عن أضرحة ومساجد، وعن صالحين وصالحات من نسل بيت النبوة، بل تقدم للقراء والقارئات هدية وتحية مصرية خالصة، وتقبس لكم نورا من عطر بيت النبى الباقى في المحروسة، وقطعة من روح مصر المقدسة، والتى كانت - وستظل أبدا - عنوانا للتوحيد، ووطنا مثاليا لبركة الأنبياء، ومن تبعهم بإحسان، فاملأوا أرواحكم وقلوبكم بزاد مصر ومعينها الذى لا ينفد، وحتى لا نكون كالذين قال فيهم الله إن «أفئدتهم هواء»!
 

 

تعليقات (1)
ماصر ابو الدنيا و محروس
بواسطة: تافناخت ماصر
بتاريخ: الإثنين، 18 ديسمبر 2017 11:34 م

ماصر او مازع كان موحدا في امون و الوحدة في تامونت و إدا كنت لا تعرف مازغ فعليك زيارة بلاد امون في سيوي او زواوة و سأل اهلها الاصليين . ماصر او مصرييم و كذا مصراتة من أصل واحد و الدي يعني الحر و التالي فهو الحارس و ليس المحروسة و أب للدنيا و ليس أما . هاجر ماصرية ,لدا قالت للعين الدافق زامزام بلغتها الامازغية و زام بتفخيم حرف الزاي يعني إعتصر أعتصر وتجمع .

اضف تعليق