قطر.. أصحاب الفيل

السبت، 24 يونيو 2017 03:43 م
قطر.. أصحاب الفيل
تميم
محمود علي

الشواهد والسوابق التاريخية، على ما يفعله الطغيان بنشر الخراب والهلاك في الأرض بسياساته العدائية، مازالت حاضرة إلى وقتنا هذا، فما تفعله قطر من فساد بلغ أقصى درجاته بنشر الفوضى والإرهاب، ودعم الحركات المتطرفة، كان له في السابق أمثله كثيرة، ومن يتمعن القران الكريم يجد الحديث عن هذا الصنف، تفردت به سور من سورة، كان على رأسها سورة الفيل التي توعد فيها الله تعالى أصحاب الفيل.

على الرغم من تغير الزمن، إلا أن ما فعله «أصحاب الفيل» من جرم في حق الأماكن المقدسة، حينما بلغ إبرهة الأشرم، مبلغه من الطغيان، وقرر التوجه نحو مكة قاصدًا هدم البيت الحرام، لا يختلف كثيراً عن قطر وما تفعله الدولة من سياسات داعمة للإرهاب وممولة له لنشر الفوضى و تقسيم الدول.

بمرور الأيام، يتكشف ويتعرى وجه قطر الحقيقي، حيث أنفقت خلال السبع سنوات الماضية، بحسب تقارير عدة 64.2 مليار دولار على المنظمات الإرهابية، ففي عام 2010 أنفقت (7.6) مليار دولار، كما أنها صرفت عام 2011، وهو العام الذي شهد انطلاق ثورات الربيع العربي انطلاقا من تونس، مرورا بمصر وليبيا (10.4) مليار دولار، كما صرفت في 2012 (11.11) مليار دولار، وصرفت على الجماعات الإرهابية في 2013 (12.12) مليار دولار، لترتفع النسبة بسيطا في عام 2014، لتصل إلى (12.6) مليار دولار، وفي عام 2015، صرفت الدوحة على المنظمات الإرهابية (9.5) مليار دولار.

كل هذه الأموال صرفتها قطر في دول المنطقة، فبين طرابلس ودمشق والقاهرة وبغداد وصنعاء، كانت تظهر آثار هذه التمويلات سريعًا عبر التفجيرات وتقوية شوكة الإرهاب في المنطقة لتحقيق مصالحها الإستراتيجية وتوسيع نفوذها السياسي، في سوريا والعراق كشفت وثائق عدة تورط قطر في تصدير إرهابيين من دول في شمال أفريقيا، تلقوا تدريبات في ليبيا، إلى سوريا والعراق عبر تركيا، حيث عرض مؤخرًا المتحدث باسم الجيش الليبي أحمد المسماري وثيقة من سفارة دولة قطر في طرابلس موجهة إلى مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية القطرية، تطلب نقل متشددين تلقوا تدريبات في معسكرات داخل ليبيا إلى سوريا والعراق.

لم يقف تورط قطر بنشر الإرهاب  في المنطقة إلى هذا الحد، ففي وقت سابق كشفت السي أن أن علاقة الدوحة مع أخطر المنظمات الإرهابية في العالم، وسيطرتها على مجريات الأمور بداخلها، وكذلك قدرتها على التفاوض مع أعضائها، وهو ما حدث عندما تدخل الأمير السابق حمد بن خليفة، والد الأمير الحالي تميم بن حمد، للإفراج عن الجندي الأمريكي «باو بيرغدل» والذي كان مسجونا لدى طالبان، في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وقال الجنرال جيم جونز، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، إن قطر تحولت بفضل أميرها السابق من لاعب ثانوي إلى صاحب موقع أساسي في تنفيذ خطط الغرب، وذلك بعدما اظهرت فيدوهات عددا من الإرهابيين في سوريا وهم يشكرون قطر على دعمها لهم بالسلاح.

بخلاف دعم قطر للإرهاب، فإن علاقتها وسياستها الخارجية في السنوات الماضية، كانت محط أنظار الجميع، كونها تحمل أضرار بالمحيط الخليجي، حيث اتسمت علاقتها مؤخرًا بإيران التي تحمل العداء لدول الخليج بالكثير من التوافق، فضلًا عن استخدام الأخيرة لها لتكون يد عون للجماعات والميلشيات التي تتحرك بأمر الحرس الثوري الإيراني لضرب وزعزعة استقرار الخليج وهو ما ظهر مؤخرًا في الأزمة الخليجية الخليجية، والتي كشفت مرحلة جديدة من الخيانة انتقلت إليها الدوحة استخدمت فيها كافة أساليبها القانونية وغير قانونية، لتكون سيفًا مسمومًا في ظهر دول الجوار، فبعد فشل إعلام قطر في تجميل صورة الإمارة الصغيرة بعد المقاطعة المصرية الخليجية لها، استدعى ذلك استغلال العلاقة الوطيدة بينها وبين الجماعات المرتبطة بإيران لتكون هي الورقة الأخيرة في حربها ضد السعودية والإمارات.

وكانت أبرز هذه  الأوراق قوات الحشد الشعبي وجماعة الحوثي المتمردة على الحكومة الشرعية في اليمن، وقوات على عبد الله صالح الذي يحمل العداء للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وكلها أوراق إيرانية، وبرغم إدعاء الدوحة مشاركتها في حرب اليمن ضد المجموعات المتمردة ، وإظهار عداءًا غير حقيقي لقوات الحشد الشعبي،  إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن هذه الجماعات تعمل لخدمة الدوحة لزرع بؤر توتر على الحدود السعودية الإماراتية، في إطار التعاون القطري الإيراني الذي أصبح علني ومباشر وهو ما أظهرته القنوات القطرية في الآونة الأخيرة واستضافة قيادات هذه الجماعات للتعبير عن رأيها المناهض للمملكة وأبو ظبي.

لتظهر مقاطعة الدول العربية لقطر مدى العلاقات الإيرانية القطرية المميزة والودية للغاية، التي رغم خلافاتهما الظاهرية في سوريا، حيث كشفت العقود الماضية مدي دفئها، فرغم التوتر الذي حدث بين إيران ودول الخليج في الثورة الإيرانية  إلا أن العلاقات بين طهران والدوحة ظلت تتوسع، وكانت إيران تقف مع قطر في خلافاتها الحدودية مع المملكة العربية السعودية.

ورأت طهران فرصة في تعميق العلاقات والتعاون مع قطر على جميع المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية لإيجاد موطئ قدم لها في مجلس التعاون لمواجهة السعودية والإمارات، وفي الوقت الذي كانت الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص قلقة من الأنشطة النووية الإيرانية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها، كان النفوذ الإيراني في قطر في أعلى مستوياته نشاطًا ففي عام 2006 كنت الدوحة هي العضو الوحيد الذي صوت بين 155 عضوا في مجلس الأمن ضد قرار مجلس الأمن حول الملف النووي الإيراني.

وفي خضم الجدل الدائر والصراع المحتدم بين الخليج بشكل عام وتحديدًا السعودية مع إيران، وقعت قطر مع طهران في أكتوبر عام 2015 اتفاقا أمنيا عسكريا تحت مسمى «مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة»، وشمل الاتفاق الأمني العسكري «إجراء تدريبات عسكرية مشتركة» أيضاً، مما جعل المراقبين يصفون تلك الاتفاقية خطوة على طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي، حيث رغم عضوية الدوحة في مجلس التعاون كانت رحبت باقتراح إيراني لإنشاء «منظمة دفاعية أمنية إقليمية»، وذلك خلال حكم محمود أحمدي نجاد وحضوره في اجتماع قمة مجلس التعاون.

النفوذ الإيراني على قطر تعدى الحدود الداخلية، حيث كشفت صحيفة عكاظ السعودية عن اجتماع سري، جمع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني في بغداد، مشيرة إلى أن الاجتماع خلص إلى «ترتيبات سرية»، وهي وراء تمرد الدوحة على قرارات القمة العربية الإسلامية الأمريكية، مضيفة  إن «المعلومات التي لدينا تحدثت عن لقاء سري عقب لقاء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، جمع بين آل ثاني ومستشار الحكومة العراقية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني»، لافتة إلى أن «الاجتماع بينَ انقلاب أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني على الإجماع العربي والإسلامي وإعلان الرياض، معلنا انحيازه الكامل لإيران وميلشياتها في المنطقة، ضاربا عرض الحائط التضامن الخليجي والعربي والإسلامي الذي تحقق في قمم (العزم يجمعنا)».

وبالإضافة العلاقة الوطيدة بإيران تعد قطر ملاذًا أمنًا للتنظيمات والعناصر الإرهابية المطلوبة حول العالم، حيث تستضيف الكثير من عناصر من القاعدة وطالبان ، كما أصبحت الدوحة موطن قدم لكثير من الإرهابيين المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين، بمن فيهم الكويتي خالد الشيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، حيث قامت الدوحة بتقديم وظيفة وشقة سكنية له في العام 1996، بالاضافة إلى ذلك تستضيف قطر الزعيم الروحي لجماعة الإخوان الإرهابية، يوسف القرضاوي، الذي دائمًا ما يأخذ من الدوحة منبرًا له ليبث فكره المتطرف وسمومه ضد مصر، كما تستضيف الكثير والكثير من العناصر الاخوانية المطلوبة في مصر في قضايا تتعلق أعمال عنف.  

كما تستضيف الدوحة ايضًا قيادات حركة حماس التي ما لبثت أن غادرت العاصمة دمشق، بعد انقلاب صمتها الإيجابي تجاه نظام بشار الأسد إلى معارضة له في عام 2011 أثر الحراك السوري، حيث لم تجد هذه القيادات من ملجأ سوى الدوحة، التي احتضنت الرئيس السابق المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، وأهم مستشاريه.

وعلى الرغم من أن حماس تخرج تارة عن محور سوريا-إيران وتعود إليه تارة أخرى، لكنها لا تغادر الحضن القطري أبدًا، لاسيما وأن العلاقة تعود بين الدوحة وحماس إلى عقد من زمان، حيث كان لقطر دور في دعم حماس ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في عام 2006، وإبان حرب 2008، لعبت قطر دورا في إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عبر علاقاتها مع إسرائيل، وكذا فعلت عام 2012.

وبجانب كل ذلك لدى قطر علاقات اقتصادية وسياسية متشبعة واسعة مع الجانب الإسرائيلي والتي يديرها المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة الذي تم افتتاحه عام 1996، وبينما شهدت العلاقات الثنائية خفاءً في الإعلام والتلفزيون المحلى تشهد في الحقيقة علاقات قوية في السر، حيث التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سرًا مع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم في باريس عام 2009، إلا أن بحسب الإعلام العبري يوجد في قطر شركات أمنية إسرائيلية تحمى آبار النفط، كما تستثمر شركات إسرائيلية عديدة في قطر، وفقًا لموقع NRG العبري.

كل ذلك بالإضافة إلى استضافة قطر للقواعد العسكرية الإجنبية، التي قال عنها تميم بن حمد بإنها تمثل حصانة من أطماع بعض الدول المجاورة في إشارة إلى دول الخليج، وأنها هي الفرصة الوحيدة لأمريكا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة، الأمر الذي يعد استغلالًا لهذه القواعد لتخويف وترهيب تهديد دول الشرق الأوسط.

لم تكتف الدوحة بالقواعد العسكرية الأمريكية على أرضها الصغيرة، لتوقع مؤخرًا اتفاق يتضمن إنشاء قاعدة عسكرية لتركيا ليتمركز فيها قواتها، كما أنها استدعت خلال الأزمة الأخيرة تركيا للتدخل، حيث طلبت من أنقرة إرسال جنود وإقامة مناورات عسكرية مع تركيا لتوصيل رسالة بأنها تحتمي خلفها، فيما ردت دول الخليج بعدة مطالب منها اغلاق القاعدة العسكرية.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق