انفجار قنبلة العوانس

الأربعاء، 28 يونيو 2017 04:49 م
انفجار قنبلة العوانس
الحسانين محمد

الإفراط في العطاء أوالأخذ أوالإستعمال،لأي شيئ أومعني وقيمة، ينتهي دائما بالتفريط ،ويفقد المفرط فيه قيمته وأهميته، وعندما يصبح التفريط عادة،تضيع بوصلة قيمة الأشياءوالمعاني ،ويسود مناخ التطرف علوا أو هبوطا في تقييم الأمور، بل يصنع الإفراط حائط صد من التشبع برفض المفرط فيه أياكانت قيمته أوالإحتياج إليه ، سلوكياتنا تشهد أننا أصبحنا ندمن الإفراط والتفريط ونستأنس التطرف في القول والفعل، لتتحول ثقافتنا في النهاية إلي أسوأ آفاتنا.

وكثيرا ما نصل إلي مرحلة التشبع السلبي بتراكمات الخبرات السيئة والفشل الممتد بطول عمرالثقافة التي عشنا نقدسها طويلا .. فنتخلي عنها يأسا وشؤما ،ونهرب لنقيضها الذي هو علي عكس فطرتنا التي جبلنا عليها.. لنعود بعد حين من الدهر لما كنا عليه ، بقناعات جديدة ،بأن الخسارات الأولي كانت أقل ألما.. تشبعاتنا السلبية تتجسد في بيئة افتقاد الثقة في الآخرين، وتفشي سلوكيات التدليس والنفاق والوصولية ، وعلاقاتنا العاطفية والأسرية التي تهتكت خيوط التواصل فيها فأصبح تواصلنا مع العالم الإفتراضي أكثر تأثيراوايجابية فينا، ممن نتعايش معهم في العمل والأسرة والجيران والأقارب  .

شاركت منذ أيام في ورشة للإعلاميين بالإسكندرية حول أخطاء التناول الإعلامي لقضايا الصحة الإنجابية وختان الإناث والزواج المبكروالعنف ضد النساء والأطفال، برعاية مؤسستي "بلان وكاريتاس مصر " وأبدعت الإعلاميتين القديرتين ابتسام كامل وعبير صلاح الدين في تشريح أسباب وأشكال التناول الإعلامي السلبي لهذه القضايا وتوقفت عند الفهم العام لمقصود " الصحة الإنجابية " فطرحت أن المشكلة ليست في الزواج المبكر فقط ولكن في الزواج المتأخر أيضا والذي أصبح آفة وظاهرة تهدد كيان المجتمع المصري بعد أن انفجرت قنبلة العوانس  ، بإعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا أن عدد العوانس في مصر تخطي 13مليونا و500 ألف فتاة وشاب ، تجاوزت أعمارهم 35 عاماً ولم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب 10.5 مليون فتاة، ومعدل العنوسة في مصر يمثل 17% من الفتيات في عمر الزواج، وهذه النسبة في تزايد مستمر بسبب ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان وتكاليف الزواج وهذه الظاهرة أدت إلي زيادة بعض الظواهر غير المقبولة اجتماعيا ودينيا مثل الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات والشذوذ الجنسي بين الفتيات وإدمان المخدرات، وبالطبع تتكالب الأمراض النفسية والهواجس علي الفتيات بطول انتظارهن وتجاربهن وعلاقاتهن العاطفية الفاشلة بالإضافة إلي التغيرات الهرمونية بضعف الخصوبة وفرص الإنجاب

يضاف إلي مشكلة العنوسة كارثة أخري ترتبط  أيضا بالمشكلة وهي ارتفاع نسبة الطلاق بصورة مفزعة ، حيث كشفت نفس احصائية الجهاز أن 40% من حالات الزواج التي تمت خلال العامين الأخيرين انتهت بالطلاق وهي نسبة مفزعة، لو تأملنا أسبابها لوجدنا أن لتأخر سن الزواج وتراكم الخبرات والتجارب العاطفية الفاشلة سبب رئيسي في تضاعف هذه النسبة خاصة بعد أن أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي تمثل دوراللهو الخفي في تضاعف معدلات الطلاق واضراب الشباب والفتيات أيضا عن الزواج ،رغم عدم وجود موانع لدي الكثيرمنهم ولكن عوامل افتقاد الثقة ، وأشباح العلاقات السابقة والخفية الحالية ،أفقدت الغالبية الإرادة والرغبة في الإرتباط ، ودفع هذا الزخم المعقد من العلاقات المفرطة في التشبع بكل السلبيات ، عدد كبير من المتزوجين للطلاق ، بحثا عن وهم حياة أفضل،لا يجدونها غالبا . 

نحتاج إلي وقفة صادقة مع أنفسنا لنتأمل إلي أي حال وصلنا ،وبأي تشبع تشبعنا ،وفيما أفرطنا وفرطنا ، وفي أي طريق نمضي ،قبل أن تستفحل تلال التراكمات السلبية في أرواحنا وتصبح العودة للقوامة مستحيلة

 

 

 

 

تعليقات (1)
استرها يا رب
بواسطة: محمد عيسي
بتاريخ: السبت، 01 يوليو 2017 05:49 م

أحسنت معالي الأديب والكاتب

اضف تعليق


الأكثر قراءة