"عصابات الموت " يا حكومة

الأحد، 02 يوليو 2017 11:45 ص
"عصابات الموت " يا حكومة
صبرى الديب

 
لا أدرى لماذا لم تتحرك الحكومة سواء في الداخل أو الخارج، لوضع حلول لمواجهة ملف عصابات "الهجرة غير الشرعية" التي تتسبب ومازالت تتسبب في إزهاق أروح المئات من الشباب المصري، الذين يلقون حتفهم يوميا في غيبة من الجميع، سواء على الحدود، أو في البحر المتوسط ، بعد سلب أموالهم وأحلامهم، ودون أن يجدوا حتى من يواري جثثم التراب.
 
فعلى الرغم من كم الكوارث المعلنة وغير المعلنة التي ترتكبها تلك العصابات بحق الآف الشباب يوميا، إلا أن الملف لم يحرك ساكن الحكومة، لوضع حدا لجرائمهم خاصة على الحدود مع ليبيا والسودان، وعلى السواحل الليبية، على الرغم من أن الإحصائيات تؤكد أن القنصليات المصرية في طرابلس وبنى غازي، كانت تتلقي مابين 200 و300 شكوى عن فقدان لشباب مصري في ليبيا يوميا قبل سقوط نظام القذافى، وكان يتم إحالة تلك الشكاوى إلى السلطات، إلا أن الرد كان يأتي دائما بأن "المذكور دخل البلاد بالفعل بتاريخ كذا، وبالبحث اتضح أنه لا وجود له على الأراضي الليبية".
 
وهو للأسف رد صحيح وغير مبالغ فيه، وأن الحقيقة المرة تؤكد أن هؤلاء الشباب قد "غرقوا" بعد أن وقعوا فريسة لعصابات منظمة أوهمتهم بتسفيرهم إلى إيطاليا، وألقت بهم على بعد عدة كيلو مترات من السواحل الإيطالية، وتركتهم يصارعون الموج والظلام، يموت منهم من يموت، فلا يجد حتى من يواريه التراب، بعد أن تتحلل جثته ويصبح وليمة للأسماك، أو يكون القدر رحيما به بعد الموت فتلقى الأمواج بجثته إلى أي من السواحل، فيتم دفنه غريبا في مدافن الصدقة، أو ينجو "وهذا نادر" ويتم القبض بمعرفة الشرطة الإيطالية لتودعه السجن، إلى أن يتم ترحيلة إلى ليبيا أو مصر مرة أخرى
 
 
والذي تعلمه الحكومة جيداً، أن تلك المراكب غالبا ما تتعطل وسط البحر، ويكون مصير جميع من على متنها الموت، أو تقوم السلطات بالقبض على كل من فيها، فيدعون أنهم من أي من الدول المنكوبة، وأنهم لا يحملون وثائق سفر، فتحتجزهم السلطات الإيطالية لدى الصليب الأحمر الإيطالي، إلى أن يتم التحقق من هويتهم ويتم ترحيلهم، أو يظل الشاب محتجزا إلى أن يتم إطلاق سراحه بعد شهور أو سنوات من العذاب، لعدم التعرف على جنسيته
 
 
للأسف، أن سماسرة تلك العصابات قد توغلوا بداخل القرى المصرية منذ سنوات دون وجود رادع، وقاموا ومازالوا يقومون بالاتفاق مع الشباب داخل قراهم، حيث يتم تهريبهم إلى ليبيا في مقابل مبالغ ضخمة، وتجميعهم هناك في أحواش بعد أخذ جوازاتهم وحرقها، والإبحار بهم في مراكب صغيرة، أو لنشات، أو مراكب صيد متهالكة من مناطق مهجورة، تحت قيادة بحارة من السودان وتونس، حيث تنطلق الرحلات إلى ما قبل السواحل الإيطالية بعده كيلو مترات، ويطلبون من الجميع القفز والسباحة في الظلام حتى بلوغ الشاطئ، فيموت منهم من يموت وينجو من ينجو
 
وقبل سقوط ليبيا، كانت تلك العصابات تختار أيام المواسم والاحتفالات للإقلاع بتلك الرحلات من أماكن مهجورة على سواحل "زوارا وجرناته ومصراتة والخمس، ونهاية ساحل سرت" أما الآن وفى غيبة الدولة الليبية، فالسواحل مفتوحة والرحلات تتم من اى مكان وفى كل وقت
 
إلا أن الخطير في الأمر، أن أعداد كبيرة من الشباب المصري مازالوا يسافرون لخوض تلك المغامرة حتى اليوم، لدرجة أن أغلبهم يغامرون بالدخول إلى الاراضى الليبية بواسطة عصابات متخصصة في تهريب البشر من السلوم، أو الحدود السودانية الليبية، أو الحدود التونسية الليبية، وهناك ينتشر السماسرة على أغلب مقاهي طرابلس و زوارا وسبراطة ومصراتة
 
الإحصائيات المسجلة في السفارة المصرية في طرابلس قبل سقوط القذافى، تؤكد أن الكارثة كبيرة، أما الآن فهي أكبر بكثير في ظل غيبه من الحكومة، التي يتهمها أهالي عدد من هؤلاء الشباب بإخفائهم قصرياً، في حين أن الحقيقة المرة تقول: "إنهم قد غرقوا، ولا أمل في عودتهم إلى الأبد".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق