الإصلاح له ثمن

الإثنين، 03 يوليو 2017 06:19 م
الإصلاح له ثمن
معتمر أمين

تقول الحكمة، الإنسان يعرف بالمواقف.. وأحيانا نفهم المجتمع أيضا بالمواقف، والموقف الأخير الخاص بزيادة أسعار البنزين كشف عدة أمور، أولا عدم الرضا عن القرار كان شديدا للغاية، خصوصا من مؤيدي الرئيس السيسي نفسه، واتسم رد فعل القلة بتأييد القرار، ثم انهالت علينا الانتقادات، ومنها ما فيه التجاوز ولا يجب التوقف عنده أو الانتباه له.. فمن يتجاوز اللياقة في الشدة لن تجد منه الخير في الرخاء ومنهم من كرر من النقد ما هو متداول على شاكلة «مطبلاتية» أو منافقي السيسي إلخ.. ولهؤلاء نقول، ألا تنظرون إلى حجم النقد الموجه ضد من يقف مع السيسي هذه الأيام؟ فما هو المكسب يا ترى من التطبيل للسيسي؟ هل سيحصل المؤيد للقرار على بنزين أرخص؟ أم على وظيفة تساعده على سداد فواتيره؟ وكم فرصة عمل يا ترى سيمدنا بها السيسي ليضمن مؤيدين له، لا يعرفهم؟!.. نقول هذا الكلام للأخوة الذين يتهمون الناس «عمال على بطال»، وندعو الله لنا ولكم أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

إن رفع الدعم عن المحروقات هو أصل الإصلاح الاقتصادي الذي تأخر من سنة 2002، وللعلم مديونية مصر العامة، سواء الداخلية أو الخارجية لم تكن تذكر قبل عام 2002، لأن حصة مصر من البترول كانت تكفي للإنتاج المحلي، ومنذ عام 2002، انتهت حصة مصر من البترول وأصبحنا نعتمد على حصة الشريك الأجنبي، ولو عدنا لبيانات الدين العام المصري سنجد ارتفاعا ملحوظا في حجم الدين بدأ من عام 2002، والذي وصل لحوالي 400 مليار جنيه في عام 2008، وتريليون جنيه في عام 2011، و3 تريليونات جنيه في عام 2017! أي قائد لديه بصيرة وحس وطني، لا بد له أن يأخذ القرار السليم الذي ينفع الأجيال وأي محلل اقتصادي يعرف أن تكلفة التأخر في علاج المسألة تتسبب في دفع ثمن باهظ في المستقبل.

لذلك تطلق بعض المقولات الاقتصادية على مشكلة الديون طويلة الأجل أنها مشكلة الأجيال، ولا بد من جيل يسدد الثمن قبل أن يصل لمستوى الخطر، واليوم الدين العام المصري يصل إلى 92% من إجمالي الناتج المحلي كل ما تنتجه البلد في عام يساوي ما علينا من ديون! فمن الذي يستطيع الصبر على هذا التردي؟

ولن نتكلم عن طريقة الاستهلاك التي أصبحنا نعيش بها، ولكن نضرب مثالا للتوضيح، فتعداد شعب مصر يساوي 1.4% من تعدد العالم، بينما إنتاج مصر في العام يساوي 0.4% من إنتاج العالم! فكيف يكون للجنيه قيمة؟ إن ما نقوم به الآن من مشروعات كبرى في مجال الغاز والبتروكيماويات، هو الذي سيعطي للجنية قيمة أولا عبر وقف استيراد الغاز من الخارج، وبالتالي ينخفض الطلب على شراء الدولار من الأسواق، ثانيا تعمل مصر الآن على بناء مشروعات لتسيل الغاز الطبيعي، ومعنى هذا أننا لن نصدر الغاز خام بأبخس الأسعار، ولكن سنقوم بتصنيعه وتصديره ومن ثم يرتفع العائد على كل قدم مكعب غاز هذا ما سيعطي الجنيه قيمة في السنوات المقبلة، ومن ثم يعاود الارتفاع أمام الدولار والعملات الدولية والنجاح كل النجاح، هو في كيفية تحويل عوائد الغاز إلى تنمية حقيقية مستدامة وليس أفضل من نشر الرقعة العمرانية في مصر من مجال للتنمية على مستوى الدولة، وليس أفضل من تقوية التعليم من تنمية على مستوى المجتمع وإذا كنا نرى التنمية على مستوى الدولة تتحول إلى واقع اليوم في ملحمة البناء التي نعيشها الآن، فنحن نأمل أن نرى التنمية على مستوى المجتمع تسير بنفس الخطوات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة