شهادة كذب اردوغان

الخميس، 06 يوليو 2017 02:22 م
شهادة كذب اردوغان
صبرى الديب

أؤكد أن قرار جهاز "الأنتربول الدولي" بحذف تركيا من قائمة الدول الأعضاء، ومنعها من الدخول أو تدوين أي بيانات على موقع الجهاز، يعد بمثابة "شهادة كذب دولية" لنظام "اردغان" ولاسيما وأن القرار جاء على خلفية إقدام نظام أنقره على وضع ما يزيد عن "60 ألف تركي" على قوائم الجهاز لملاحقاتهم دوليا، بتهمة الانتماء لجماعة "فتح الله حولن" في حين أكد الجهاز "وهمية" تلك التهم.
 
ولعل ما يدعو إلى العجب في أمر النظام التركي، أنه لم يسبق لأى نظام قمعي في التاريخ، أن أقدم على مطالبة الأنتربول الدولي بملاحقة عُشر هذا العدد من مواطنيه، في الوقت الذي أصبح اسم "جولن" هو التهمة التي يلصقها النظام بكل من يتجرأ على معارضته، وهو ما دفع الجهاز الدولي إلى البحث في حقيقة التهم التي وجهها اردوغان لكل هذا العدد من الأتراك، والتي شملت قضاة وصحفيين ورجال أمن، اعتبرهم النظام بمثابة "كيان موازي" وتنظيم سري يعمل للانقلاب على الدولة.
 
في حين أن الحقائق تؤكد أن "جولن" الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات، رجل منفتح على العالم بشكل كبير، لدرجة أنه وقف منذ سنوات أمام الاحتجاجات التي نظمها عدد من القوى الإسلامية في مواجهة حظر الحجاب، معتبرا أنها قضية فرعية وليس من أصول الإسلام، وحث الطالبات على خلعه ومواصلة دراستهن، في حين اتهم البعض الحركة بـ "الصوفية الاجتماعية" التي تهدف إلى "تمييع التدين" والتركيز على الجانب الصوفي كوسيلة للتغلغل داخل المجتمع.
 
ولعل ما يقلق السلطات التركية من حركة "جولن" التي يطالب اردوغان بتسليمه، أنها توسعت داخل تركيا وخارجها بشكل قوي للغاية، لدرجة أنها أنشأت مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية ضخمة، خاصة بعد أن نجحت في استثمار مساحة الحريات الضخمة التي أتيحت لها بعد انقلاب عام 1980، في تحقيق قفزة كبرى في نشاطها، وشرعت في إنشاء مئات المدارس والجامعات والكيانات الإعلامية داخل وخارج تركيا، لدرجة أنها نجحت في تكون ما يزيد عن 1500 مؤسسة تعليمية، و15 جامعة منتشرة في أكثر من 140 دولة، إلى جانب مؤسسات إعلامية ضخمة منها وكالة "جيهان للأنباء" ومجموعة "سامانيولو" التي تضم ست قنوات تلفزيونية متنوعة، و3 إذاعات، إلى جانب مجموعة "زمان الإعلامية" التي تصدر جريدتي زمان التركية، وتودَيى زمان بالإنجليزية، إلى جانب امتلاك الحركة لـ "بنك آسيا" .
 
وعلى الرغم من تبني "جولن" مفهوما غير مسيسا للدين، وتصريحه بأن "الإسلام ليس أيديولوجية سياسية أو نظام حكم أو شكلاً للدولة" ويصر على وصف جماعته بأنها "فوق السياسة" وتبتعد عن العمل السياسي والحزبي، إلا أن الحركة على أرض الواقع دخلت في تحالفات مع العديد من الأحزاب السياسية، في مقابل دعم أتاح لها التغلغل في مؤسسات الدولة، والدفع بعناصرها في مناصب حساسة في البلاد، خاصة قطاعات "الجيش والشرطة، والاستخبارات والقضاء" وهو ما يرعب اردوغان، جعل السلطات التركية على يقين أن الحركة تعمل من أجل "مشروع سياسي مستقبلي".
 
وقد عزز تلك الفرضية، شن حركة "جولن" حربا غير معلنة على حزب العدالة والتنمية، وتسريب أشرطة وتسجيلات للعدد من قيادات الحزب، مما جعل الحكومة التركية تصفها بـ "الكيان الموازِى" الذي تغلغل داخل أجهزة الدولة، مما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة على قيادات الحزب الحاكم.
 
أعتقد أن  صدور شهادة ببرأة ما يزيد عن 60 ألف تركي يتهم النظام التركي بتهم وهمية، يعد شهادة "كذب دولية" ووصمة عار على جبين "اردوغان" وأن الحقائق تؤكد أن "جولن" وحركته يمثلان بالفعل تهديدا حقيقيا لهيمنة حزب العدالة والتنمية على الحكم في تركيا منذ سنوات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة