هل خان السيسى المصريين؟

الأحد، 09 يوليو 2017 09:00 ص
هل خان السيسى المصريين؟
معتز بالله عبدالفتاح يكتب :

فى مناسبة الثالث من يوليو، وجدتنى أتذكر كلامًا كتبته سابقًا ناقشت فيه قضية «هل خان السيسى المصريين حين خرج على رئيس الجمهورية الذى عينه؟». 
 
كتبت فى 21 يونيو 2013 مقالاً بعد واقعة محددة، حاول فيها أحد أهم قيادات القوات المسلحة آنذاك، أن ينصح أحد أهم المقربين من الرئيس مرسى، حتى لا تنجر البلاد إلى الفوضى، وأتذكر أننى قلت لمن حدثنى من مؤسسة الرئاسة الإخوانية آنذاك: «ما يقوله المسئول العسكرى نصيحة مخلصة بالفعل لإنقاذ البلاد».
 
لكن الرئاسة رفضت النصيحة مثلما رفضت غيرها، لذا كتبت آنذاك المقال المذكور بعنوان «الدكتور مرسى يتآكل»، وقلت فيه: «هناك من بين الثائرين والمعارضين من يريد إسقاط الرئيس مرسى، وهو يساعدهم؛ لذا أطلب من الدكتور مرسى- جادًا- أن يستجيب لطلبى الذى ذكرته فى مقال سابق لى: «رشح نفسك فى انتخابات مجلس النواب»، النائب البرلمانى المعقول ليس بالضرورة رئيسًا ناجحًا، هذا لمصر، وليس لـ«مرسى»! انتهى الاقتباس من المقال، وطبعًا نالنِى من التقريع الإخوانى من القيادات ومن الكتائب الإلكترونية ما نالنى آنذاك، وربما هم معذورون لأنهم لا يعرفون خلفيات المقال، وكان صعبًا علىَّ أن أقول الخلفيات آنذاك. هذه كانت مقدمة ضرورية لتوضيح أننى كنت أعلم بأن وزارة الدفاع كانت بالفعل تنصح الرئاسة، وأعلم تفاصيل أخرى عن هذه النصائح وكيف كانت تتلقاها الرئاسة، لذا أزعم أن الفريق السيسى لم يخن الرئيس مرسى، لكنه يئس منه، والفارق بينهما كبير، يروى لى أحد المطلعين على بواطن الأمور تعليقًا على ما قاله الفريق السيسى نفسه من أنه جلس مع الرئيس مرسى لمدة ساعتين يوم خطابه الشهير فى 26 يونيو- والذى كانت الرئاسة فخورة به أنه خطاب «فضح المتآمرين»- كى ينصحه بما عليه قوله للقضاة وللإخوة المسيحيين وللمعارضة وللجيش والشرطة وللإعلاميين وللخارج، حتى يصلح ذات البين ويمكن أن تعبر سفينة الوطن من المحنة التى كانت فيها. يذكر لى محدثى أن الفريق السيسى التقى الدكتور الكتاتنى فى قاعة الاحتفالات قبل الخطاب بدقائق، وقال له: «90 بالمائة مما اتفقت عليه مع الرئيس ستسمعه الآن»، وكانت المفاجأة للفريق السيسى، وربما للدكتور الكتاتنى أيضًا أن الرئيس مرسى فعل عكس كل ما اتفقا عليه، وكان بالفعل بارعًا فى حشد الناس ضده فى 30 يونيو! لكن كمصرى وطنى تحب مصر أكثر من حبك لما عداها من أحزاب وجماعات أو حتى فرق كرة قدم، ماذا تفعل وأنت قائد عام للقوات المسلحة ويحكمك رئيس تصدر تقارير دولية- شبه سرية- عن بلدك فى عهده من دولة معادية لك لتقول: «مصر لم تعد دولة قابلة للحكم فى ظل مرسى»، والعبارة هى: (Under Morsi، Egypt has become ungovernable)، وينصحون بالاستعداد لمرحلة انهيار الدولة المصرية وخروج سيناء عن سيطرتها، ويسخرون من رئيس بلدك بقولهم: «وعلى طريقة مرسى: الدولة القوية، والديمقراطية المستقرة لا يجتمعان فى مصر الآن» (A la Morsi, strong state and stable democracy do not mix in Egypt now)؟ أتصور أن أى قائد عسكرى وطنى يحب بلده- سواء كان جورج واشنطن الأمريكىو، أو شارل ديجول الفرنسى، أو السيسى المصرى- ما كان ليرضى أن تنهار الدولة تحت مزاعم «ديمقراطية الإجراءات والانتخابات المناهضة لديمقراطية المضمون والممارسة» وفى ظل رئاسة نجحت فى الانتخابات وفشلت فى القيادة، نجحت فى الوصول للسلطة وفشلت فى بناء الدولة، نسبت نفسها للثورة، ونفضت يدها منها. ومع ذلك أقول: إن القيادتين المذكورتين- الأمريكية والفرنسية- لم تصنعا دولة قوية فقط، بل ديمقراطية مستقرة تضمن الحريات كذلك، لأن الدولة، بلا ديمقراطية مستقرة، تصبح دولة ظالمة أو «لا دولة»، وكاتب هذا السطور يريد الاثنتين معًا، (دولة وديموقراطية) ولن يرضى بغير اجتماعهما بديلاً، وهذه الآن مسئولية الفريق السيسى، وجزء من وعده للمصريين: «بناء دولة قوية ديمقراطية تنموية عادلة وحديثة» ورسالتى للمصريين، لا تظنوا أننا قبلنا بالوقوف فى كمين الجيش لأننا نرضى الاستبداد، ولكن لأن البديل عن كمين الجيش آنذاك هو كمين البلطجية أو الإرهابيين، لا بد أن تنجح «قوة القانون» فى دحر «قانون القوة» الذى أضاع الدولة وأضاع الديمقراطية معًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق