كخه يا بابا

الأحد، 23 يوليو 2017 09:40 ص
كخه يا بابا
ام تضرب ابنها
وليد كامل

قررت الخروج من دوامة الأحداث السياسية المحبطة التى نمر بها -ولو مؤقتا- فبدأت فى قراءة كتاب لفت انتباهى عنوانه الغريب «كخه يا بابا» للكاتب السعودى د. عبدالله المغلوث، وهو سرد فى قالب نقدى فكاهى لبعض الظواهر الاجتماعية السلبية فى مجتمعنا العربى، بدءا من بعض الأساليب الخاطئة فى تربية الأطفال مرورا ببعض السلوكيات اليومية الحياتية الخاطئة، ومقارنة هذه السلوكيات بأنماط السلوك للفرد الأوروبى، حيث عاش الكاتب فترة ليست بالقصيرة فى أوروبا أثناء دراسته الجامعية فى إنجلترا، وذلك من خلال بعض القصص والحكايات والمواقف الطريفة التى صادفته فى دول الخليج العربى أو إنجلترا.
 
ويحكى الكاتب من ضمن ما يحكى، أثناء تواجده بأحد المراكز التجارية العملاقة فى دبى لفت انتباهه أسرة خليجية «أب وأم و3 أبناء»، فرأى الأم وهى تجذب ابنا منهم بمنتهى العنف حتى تقوم بتصويرهم بكاميرا هاتفها المحمول، والولد يبكى لا يريد أن يتصور، ولكنه فى النهاية أمام إصرار الأم أذعن لرغبتها، فوقف يتصور وهو يبكى، فأتى أبوه مسرعا وصارخا «اضحك يا حمار عشان الصورة»، واستعجب الكاتب من هذا الموقف وتساءل عن انعكاس هذا الأسلوب القهرى على هذا الطفل، فكيف تطلب منه شيئا ليس بالملح ولا بالضرورى بهذا العنف الجسدى واللفظى، وكيف ستتعامل معه إذا تعلق الأمر بقرار مصيرى يتعلق بمستقبله مثلا، متى سنغير طريقة تعاملنا مع الأطفال، متى سندرك أن كل سلوك نسلكه تجاههم يؤثر بشكل أو بآخر فى شخصيتهم.
 
ثم يستطرد الكاتب ويقول، كنت فى محاضرة للمهندس المعمارى العالمى المبدع راسم بدران فى الغرفة التجارية السعودية، فبدأ المهندس يحكى للحضور نبذة عن حياته وعن سر نبوغه وإبداعه، فيقول إن طريقة تربية والديه أثرت فيه بشكل كبير، وأنه حاول أن يطور من تلك الطريقة مع ابنه، فيقول عندما حملت زوجته فى طفله الأول، كان يتعمد أن يسمع الجنين فى بطن أمه موسيقى موتسارت، فيقول عندما ولد الطفل لاحظ هو وزوجته ولع الطفل بالموسيقى من خلال تعبيرات وجهه وحركاته، ثم يكمل، المفاجأة.. أنه عندما بلغ الطفل سن السابعة كان أصغر عازف فى الأردن، ولكن ولعه بالموسيقى لم يمنعه من مشاركة والده فى عشق الهندسة، فعندما كبر الابن أصبح لقبه المهندس الفنان جمال راسم بدران.
 
كذلك انتقد الكاتب وبشدة كلمة «كخه يا بابا» التى لا نكف عن ترديدها للأطفال فى محيطنا العربى، معتقدين أنها كلمة السر وأيقونة التربية، غير منتبهين أننا نقتل بهذه الكلمة روح الإبداع لدى الطفل ورغبته فى التجربة بالإضافة إلى أن هذا الأسلوب التحذيرى ينمى داخل الطفل الإحساس بالخوف والرهبة من كل ما هو جديد، حكايات أخرى طريفة سردها الكاتب بأسلوب شيق ويسير يسهل فهمه لكل الآباء من مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية.
 
يا سادة راقبوا أطفالكم ولكن دون تدخل مستمر فى كل حركة وكل لفتة، اتركوهم يعبثون فى كل شىء وأى شىء بالمنزل طالما كان ما يعبثون به ليس فيه خطورة عليهم أو على الآخرين، فربما بحرصكم ومتابعتكم الزائدة تقتلون لديهم –دون أن تدروا - روح الابتكار والإبداع والمعرفة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة