ماذا لو توقفت المعارضة عن السياسة لمدة عشر سنوات؟

الأحد، 23 يوليو 2017 10:00 ص
ماذا لو توقفت المعارضة عن السياسة لمدة عشر سنوات؟
عبدالفتاح على يكتب:

أى معارضة سياسية، لا بد أن يكون هدفها الوصول للسلطة، ومن أجل هذا الهدف، عليها أن تقدم نفسها للناخبين، باعتبارها، قادرة على إدارة دفة الأمور، ولديها قدرات على حكم البلاد. وليس هناك نظام حاكم فى العالم يقف متفرجا على المعارضة، وهى تتحرك لإسقاطه، دون أن يكون عالما بكل تفاصيل تحركاتها، ومقاوما لكل خطواتها فى اتجاه التغيير. المعارضة فى مصر، لم تصل فى يوم من الأيام إلى السلطة، باستثناء بعد ثورة 19، وآخر بعد ثورة يناير، الأول عندما وصل حزب الوفد «القديم» لتشكيل الحكومة، حتى وإن كان بقوة دفع خارجية، والثانى عندما وصل الإخوان للرئاسة والحكومة والبرلمان، وليس خافيا أنها أيضا بقوة دفع خارجية.
 
الوفد «القديم» الذى لا علاقة له بالجديد، أمسك بمقومات السلطة، وكان قادرا على إدارة الأمور، ولديه كفاءات قادرة على الحكم، فكان وصوله للحكم، على أكتاف شخصيات ذات خبرة وحنكة ودراية.
 
الإخوان ما أن وصلوا للسلطة، حتى احتكروها، دون علم، ووجهوا مدافعهم لبقية القوى السياسية، دون فكر، وسلموا مفاتيح البلد لمموليهم دون حياء، فكان سقوطهم أمرا مقضيا.
 
صحيح أن الحالتين استثناء ظل يثبت القاعدة حتى يومنا هذا، لكنه نموذج، كان يجب على كل أحزاب المعارضة فى مصر، أن تتدارسها، وتعيها جيدا، لكن ما حدث بعد كل حالة، أثبت فشل المعارضة، وكشف ضعفها ووهنها الشديدين.
 
ولأن الزمن اختلف، والظروف اختلفت، ونظام الحكم مختلف، فإن قواعد اللعبة بالتأكيد حدث بها تغيير، يجعل من أوراق المعارضة الحالية كالسلحفاة تسابق طائرة تطير بسرعة الصوت.
 
هذا الأمر يحتم على المعارضة أن تغير جلدها، وتبدأ من حيث يجب البدء، من الناخبين، وأن تعطى نموذجا ومثلا يجلب الثقة فى كونها ستسيطر على البلاد، وتجعل الاستقرار أرضا للتنمية والبناء.
 
قد يعتقد البعض أنى أنافق السلطة، أملا فى رضا من هنا، أو عطية من هناك، لكن من يفضل الخروج فى المظاهرات على التعلم، والهتاف على التفكير، من حقه أن يرمى الناس بالباطل الذى يتصنعه.
 
هل فكرت قوى المعارضة مثلا فى ابتكار أفكار جديدة لمحو الأمية التى تنهش فى عرض الناخبين، هل خطر على بالها يوما، أن تسهم فى تعليم اللغة العربية للخريجين من حملة الدبلومات والشهادات الجامعية، هل قررت أن تحول مقراتها إلى نواد للقراءة.
 
هل قررت أن تنافس الحكومة فتساعد فى فتح ورشة حدادة، أمام كل مصنع تبنيه الحكومة، وعيادة خيرية أمام كل مستشفى تشيده الحكومة، ومظلة تقى الناس الشمس أمام كل طريق تعبده الحكومة.
 
هل ساهم أعضاء أى حزب فى أى صناعة متناهية الصغر، فتنقذ عشرات العائلات من شبح التشرد، هل فكر أعضاء الأحزاب فى تكوين شركة مساهمة صغيرة مهمتها إنشاء مصنع غزل صغير، أو تكوين جمعية خيرية تساهم فى تجهيز اليتيمات، أو تربية أولاد الشوارع، أو العناية بكبار السن المشردين.
 
الادعاء بالسعى نحو السلطة، هو فى حقيقة الأمر تزلف للسلطة، ونفاقا للسلطة، ورغبة فى الحصول على أى فتات يقع من على موائد السلطة.
 
الادعاء بالسعى لإسقاط الحكومة، هو فى حقيقة الأمر، تقوية لشوكتها، وتثبيتا لأركانها، ومدا فى عمرها.
 
السلطة الحقيقية فى الشعب، والشعب آخر اهتمامات المعارضة، اللهم القوى التى تسمى نفسها «ثورية» كل ما تهدف إليه توريط أى مجموعة من الأفراد فى الخروج خلفها فى مظاهرة، وترديد الهتاف الذى لا يفهمه أغلب المشاركين فيها.
 
لا أعتقد أن الحكومة الحالية هى الحكومة المثلى التى لديها الحد الأدنى من مقومات الرشاد، لكنى أيضا لا أعتقد أن المعارضة مثالية أو حتى لديها الحد الأدنى من مقومات الرشاد.
 
لكن على الأقل لدى الحكومة ما تسوق به نفسها للناس، كمبرر وجودها، شق طرق، بناء كبارى، إنشاء مدن جديدة، محطات كهرباء، مياه، وصرف صحى، لكن ما لدى المعارضة لتسوق به نفسها، سوى التأكيد على عجزها فى الحصول على ثقة الشعب.
 
بداية الطريق لهذه الثقة يكون بالإعلان عن عدم الخوض فى أى انتخابات، والتوقف تماما عن ممارسة السياسة المباشرة، لمدة عشر سنوات، تسعى خلالها للتعرف على الشعب الذى تدعى أنها تسعى لخدمته.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق