البؤر المضيئة
السبت، 22 يوليو 2017 09:33 م
شيرين سيف الدين تكتب:
المشكلة الكبرى والحقيقية التي تواجهها مصر حاليا هي مشكلة (نوعية المواطن) فالمتابع للوضع العام سيكتشف أن المأساة تكمن في سلوكيات أغلب المواطنين وغياب القيم والأخلاق والثقافة الحياتية السليمة.
إن (نوعية المواطن) تقف كالحجر العثر في تقدم الوطن والنهوض به.. فمهما قدمت الدولة من حلول مع غياب مواطن واع يعلم جيدا واجباته كما يعلم حقوقه فسوف تفشل الحلول فعلى سبيل المثال لا الحصر لو نظرنا لمشكلة مثل (المواصلات العامة) فقد أوجدت الدولة على مدار سنوات أكثر من حل مثل مترو الأنفاق الذي بدأ نظيفا منظما ووصل إلى ما هو عليه الآن وكذلك الأوتوبيس المكيف لكن سلوك المواطن ذهب بها سدى وعاد بالمشكلة لنقطة الصفر.
قد يرى البعض أن عدم فرض القوانين أو تطبيقها بشكل حازم هو سبب الفشل وهنا نعود لأساس المشكلة (نوعية المواطن) فالذي يضع القانون وينفذه هو في الأصل احد هؤلاء المواطنين الذين لم يتم تنشئتهم وتأهيلهم منذ الصغر على تحمل المسؤولية واحترام العمل والتفكيرفي الحلول المجدية وعدم قبول الرشوة والمحسوبية واعلاء قيمة الوطن والحفاظ عليه.
ومن هنا فإن بداية الإصلاح تأتي بإصلاح المواطن أولا.. فالوزير والقاضي والضابط والبائع والمستهلك وواضع القانون ومنفذه والأم والأب هم في الأساس مواطنين لابد من إعدادهم بشكل جيد.
ومع التعداد السكاني الرهيب قد تكون مسألة صعبة ولكن غير مستحيلة ومن الممكن البدء بفكرة (البؤر المضيئة) فما لا ندركه كله لا نتركه كله الفكرة تتلخص في الاهتمام بالقرى والمدن الأقل كثافة سكانية بالتالي فأعداد السكان والطلبة والمعلمين ليست كبيرة ويمكن إصلاح المنظومة بها بشكل أسهل بحملات توعية للمواطنين بشكل يناسب عاداتهم وأفكارهم بمساعدة متخصصين مع الاهتمام بإعداد المعلمين تربويا وعلميا وسلوكيا وإرسالهم في بعثات للاستفادة من الخبرات الخارجية وتحويل مدارس تلك المدن إلى نظام تعليم سلوكي ينهض بفكر وأخلاق وسلوك الطالب من الحضانة حتى الثالث أو الرابع الابتدائي مع التركيز على اللغتين العربية والانجليزية لأنهما سيكونا بوابته لتلقي العلم مستقبلا والتركيز على فقه المعاملات والسلوك في التربية الدينية والاهتمام بالقراءة والاطلاع والفن والرياضة وإعلاء قيمة العمل وحب الوطن والحفاظ عليه وفي المراحل الدراسية اللاحقة يبدأ الطالب في تلقي العلوم المختلفة ويا حبذا لو تم تشجيع التعليم المهني والارتقاء به لأن الدولة تفتقر للأيدي العاملة الماهرة والمتخصصة.
من هنا تكون بداية نشأة أجيال جديدة تنقل تجربتها لأسرها وتصلح لتربية أجيال أخرى واعية سوية ومنتجة.. وقرية بعد قرية ومدينة بعد مدينة قد تعمم الفكرة في ربوع مصر ويتحقق الهدف المنشود في إفراز مواطن صالح بكل ما تحمله الكلمة من معنى يستطيع النهوض بوطن عظيم يستحق الأفضل.