طرح بنوك وشركات ناجحة عبر البورصة

تخوفات من طرح شرائح جديدة تؤدى إلى تراجع أصول الدولة

الأربعاء، 26 يوليو 2017 10:00 ص
تخوفات من طرح شرائح جديدة تؤدى إلى تراجع أصول الدولة
عليا المهدي ومنير الزاهد وبسنت فهمي
ماجدة خضر

خبير بترول: بعد بيع إنبى لن يصبح فى حوزة الدولة سوى الشركة العامة للبترول المباع إنتاجها لـ١٠ سنوات مقبلة 

عضو مجلس النواب: ما يروج عن أهمية بنك القاهرة به الكثير من المبالغة
 
مصر بحاجة إلى مواجهة الركود التضخمى الحالى

تتجه الحكومة لإحياء برنامج الخصخصة بعد تجميد دام قرابة 12 عاما، حيث من المقرر البدء فى طرح عدد من شركات قطاع الأعمال العام وبعض البنوك المملوكة للدولة فى البورصة، لتثار من جديد حالة الجدل حول عودة شبح الخصخصة، ورغم تأكيد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء أن ما سيحدث ليس خصخصة بالمعنى المتعارف عليه لأنه ليس بيعا لمستثمر استراتيجى، ولكنه مجرد طرح جزء من أسهم بعض الشركات الحكومية للاكتتاب فى البورصة المصرية بهدف توفير سيولة نقدية، مشيرا إلى أنه يتم العمل حاليا على إجراءات الطرح ليتم خلال شهرين، وتكون البداية بشركة إنبى للبترول ثم تليها شركات أخرى وبنوك.

 

أثار التوجه نحو إحياء الخصخصة من جديد، ردود أفعال متباينة، إذ لاقت هذه الخطوة تأييدا من جانب رجال الاقتصاد باعتبارها خصخصة قائمة على زيادة رؤوس الأموال وليس التخارج، فضلاً عن استهداف دعم سوق المال وما يترتب عليه من تشجيع تدفق استثمارات القطاع الخاص محلياً وأجنبيا، بينما يرى فريق آخر من الخبراء أن هذه الخطوة ليست السبيل لجذب استثمارات أجنبية لسد عجز الموازنة ودفع النمو. 
 
ومن المقرر أن يتضمن برنامج الطروحات فى المرحلة الأولى، وفقا لما تم الإعلان عنه طرح عدد آخر من شركات البترول بينها الإسكندرية للزيوت المعدنية «آموك»، وشركة سيدى كرير للبتروكيماويات «سيدبك»، إضافة إلى بعض البنوك منها بنك القاهرة، والمصرف المتحد الذى سيباع بنسبة 100% وتمتلكه الدولة بالكامل إلى جانب امتلاكها 50% من البنك العربى الإفريقى المرشح للطرح بالبورصة أيضا. 
 
وقد أظهر البيان المالى لموازنة السنة المالية 2017-2018 أن الحكومة تستهدف جمع 7.2مليار جنيه من طرح حصة فى بنك القاهرة ثالث أكبر بنك حكومى فى مصر، وكان البنك قد تم قيده بالبورصة فى فبراير الماضى تمهيدا للخطوة التالية وهى بيع حصة منه. 
 
ويبلغ رأس مال بنك القاهرة 2.25 مليار جنيه موزعة على 562.5 مليون سهم بقيمة اسمية أربعة جنيهات للسهم. ويعد بنك القاهرة أقوى بنك فى مجال التجزئة المصرفية فى مصر، ونتائج أعمال البنك تؤكد ذلك، حيث حقق البنك أرباحا متقدمة بلغت 2.8مليار جنيه خلال العام المالى وحصل البنك على العديد من الجوائز والتصنيفات العالمية من كبرى مؤسسات التقييم، كما حصل على المركز الأول فى تصنيف العائد على رأس المال للعام الثالث على التوالى، مسجلاً 90.51% وفقاً لتصنيف مجلة The Banker العالمية، كما واصل البنك الاحتفاظ بمكانته كواحد من أفضل البنوك على مستوى العالم ضمن إعلان المجلة لنتائج تقييم أفضل 1000 بنك. 
 
وهو الأمر الذى يثير العديد من التساؤلات منها، لماذا التفريط فى أصول ناجحة؟ وما هى أوجه إنفاق حصيلة هذا الطرح؟
 
يقول منير الزاهد، رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة إن عملية طرح نسبة 20% من البنك فى البورصة لا تؤثر على حصة الدولة فى ملكيته، وبالتالى سيطرة الدولة على البنك لن تتأثر.
 
وأضاف، أن نفس الأمر بالنسبة لشركة إنبى التى تحظى بالاعتراف العالمى كشركة هندسية رائدة وكمقاول عام رئيسى للخدمات الهندسية والتوريد والإنشاءات والإدارة العامة للمشاريع لن يتم طرح سوى نسبة 24% منها، وهى شركة لها خبرة تمتد لعقود فى مشاريع صناعات البترول والغاز والتكرير والبتروكيماويات على البر وفى البحر.  تأسست شركة إنبى عام 1978وشهدت أرباحها ارتفاعا بنسبة 19% خلال عام 2015 مقارنة بالعام السابق بقيمة 570 مليون جنيه، وتعاقدت الشركة على تنفيذ 17 مشروعا استراتيجيا وتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول نسبة 97٪ من أسهمها، وعملت الشركة فى الجزائر وليبيا والسعودية والسودان والإمارات فى مجالات البترول والغاز والبتروكيماويات داخلياً وخارجياً، بتكلفة قيمتها 350 مليون دولار، بالإضافة إلى توقيع 51 أمر إسناد للعديد من شركات قطاع البترول بتكلفة قيمتها 42 مليون دولار . كذلك شركة الإسكندرية للزيوت المعدنية «آموك» الشركة الثانية المرشحة للطرح فى البورصة هى إحدى الشركات الناجحة التى تعمل فى مجال إنتاج الزيوت المعدنية والأساسية المتعادلة والنهائية الخاصة والشموع البرافينية وتعظيم إنتاجية السولار وإنتاج النافتا والبوتاجاز وإنتاج المقطرات الشمعية بأنواعها، وبدأ إنشاؤها عام 1997، وقد طرحت آموك بالبورصة، عام 2005، بقيمة سوقية 6.425 مليار  جنيه، وبلغ رأسمال آموك 861 مليون جنيه، بما يعنى أنها نموذج ناجح، وتتمتع بسمعة جيدة وتحقق ربحية للدولة فلما تعيد الحكومة الكرة وتلجأ إلى الخصخصة التى حظيت بسمعة سيئة على مدار سنوات سابقة؟!  وبالرجوع إلى الوراء سنجد أن آخر طرح عام أولى لشركات حكومية فى البورصة عام 2005 حينما تم طرح أسهم المصرية للاتصالات وآموك وسيدى كرير للبتروكيماويات. 
 
الدكتورة عالية المهدى أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ترى أن ما يقال عن التوسع فى حجم رأس المال بالنسبة للبنوك التى سيتم طرحها بالبورصة هو بالنهاية خصخصة كالسابق فى فترة التسعينيات بما يعنى السماح للقطاع الخاص بالحصول على حصة من المال العام لكنها كانت تبدأ بنسب 10% أو 15% ولم تصل من قبل إلى20%. 
 
وتضيف، أنه لا مانع من ضخ رءوس أموال جديدة باعتبار أن البنوك العامة المصرية غير مصنفة كأحسن 500 بنك فى العالم، محذرة من العودة إلى طرح شرائح جديدة تؤدى إلى تراجع أصول الدولة وتحكم القطاع الخاص فى عمل البنوك.
 
وتؤكد المهدى أن البنوك ليس عليها مسئولية تنشيط البورصة، خاصة أن أداء الاقتصاد العالمى فى تراجع وأبدت تخوفها من دخول مؤسسات كبيرة للشراء بسوق الأوراق المالية ولم تستبعد أن يكون القرار المصرى وراءه مؤسسات الإقراض الدولية، خاصة أن هذا كان مطلبها منذ التسعينيات.
 
ووفقا لوثائق صندوق النقد الدولى، بشأن شروط القرض الممنوح لمصر، على مدار 3 سنوات بإجمالى 12 مليار دولار، تلتزم الحكومة ببيع شركات عامة بعد رفع الدعم عن أسعار الطاقة والكهرباء وهو شرط الصندوق للحصول على الشريحة الثانية من القرض التى أعلن عن تسلمها الشهر المقبل. 
 
كانت مصر قد التزمت بإجراءات سبقت الموافقة على القرض شملت تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود وتبنى القيمة المضافة كنظام ضريبى وخفض الدعم ورفع أسعار السلع الغذائية الأساسية، لكنها جمدت ضريبة البورصة لمدة ثلاث سنوات.
 
من جانبها تؤيد بسنت فهمى الخبيرة المصرفية وعضو مجلس الشعب قرار الحكومة فى الخصخصة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأخرت وهى خطوة هامة لدفع مجالات الاستثمار وجلب إدارة ذات كفاءة بالنسبة للبنوك أو الشركات العامة من قبل أجانب يأتون إلى مصر، وهم على دراية كاملة بأسواق الخارج، وقالت إن مصر بحاجة إلى مواجهة الركود التضخمى الحالى، مشيرة إلى استحواذ إحدى الشركات التركية مؤخرا على شركة الزجاج والبلور المصرية ذات الملكية العامة، والتى ستعمل على تطوير أداء الشركة المحلية لما لها من خبرة فى هذا المجال.
 
وترى فهمى أن حصيلة البيع سوف توجه إلى سداد المديونية المصرية، لافتة إلى أن ما يروج عن أهمية بنك القاهرة فيه الكثير من المبالغات، لأن فوائض البنوك تذهب للموازنة وتحقق هذه البنوك أرباحها من بيع أذون الخزانة إلى الحكومة بما يعنى أن تلك الأرباح مجرد مكاسب دفترية والمعيار الحقيقى لنجاح البنك يقاس وفقا لمعيارى كفاية رأس المال وكفاية السيولة، طبقا للمعايير العالمية. 
 
وتؤكد عضو مجلس الشعب أنها ضد تملك الدولة لكل الأصول باستثناءات لحصص فى قطاعات الكهرباء والمياه والنقل العام التى توفر خدمة لمحدودى الدخل مؤكدة أن إجراءات الخصخصة يجب أن تتم بالشكل الصحيح وبشفافية عالية وتقييم سليم للأصول منعا للفساد الذى تم فى سنوات سابقة.
 
من جانبه قال الدكتور محمد رضا محرم أستاذ التعدين والبترول بجامعة الأزهر إن طرح بعض شركات البترول فى البورصة بديلا للبيع لمستثمر رئيسى موضحا أن شركة إنبى من أنجح الشركات فى مجال الخدمات البترولية وتكاد تحتكر كل أعمال البنية الأساسية فى قطاع البترول وبها ثروة من الخبرات البشرية المتراكمة وذات حجم أعمال كبير وبطرحها فى البورصة لن يبقى فى حوزة الحكومة بالكامل سوى الشركة العامة للبترول وللأسف إنتاجها مباع لـ١٠ سنوات مقبلة منذ عهد الوزير السابق سامح فهمى، وباقى شركات البترول بها شراكة مع القطاع الخاص ويرى محرم أن البيع هدفه ليس زيادة رءوس الأموال أو استهداف التطوير ولكن الحصول على تمويل لسد عجز الموازنة عن طريق التفريط فى شركات ناجحة، خاصة أن قطاع البترول متهم بأنه ينفق أكثر من دخله ويستورد أكثر مما يصدر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق