تونس تتسلم الخميس جائزة نوبل في ظل حالة الطوارىء
الثلاثاء، 08 ديسمبر 2015 05:54 م
يتسلم "رباعي الحوار التونسي" الخميس جائزة نوبل للسلام في اوسلو تكريما له على جهوده في عملية الانتقال الديموقراطي في تونس التي تشهد اليوم حالة طوارىء تشكل مؤشرا على التهديد الجهادي الذي يتربص بها.
فبعد الاعتداء الانتحاري على حافلة لنقل عناصر الامن الرئاسي الذي اوقع 12 قتيلا في 24 تشرين الثانينوفمبر الماضي، اعلنت السلطات حظر تجول ليلي في العاصمة وضواحيها واغلقت لاسبوعين الحدود مع ليبيا، واعلنت للمرة الثانية هذا العام، حالة الطوارىء.
وتؤشر هذه الاجراءات الى هشاشة الديمقراطية الفتية في هذا البلد التي استحقت بها تونس ان تتوج بجائزة نوبل للسلام لعام 2015.
وابدت منظمة العفو الدولية قلقها ازاء عمليات الدهم والتفتيش والتوقيف التي تنفذها قوات الامن التونسية. وقالت في مطلع كانون الاولديسمبر انه يتعين "على الحكومة الحالية ان تحرص بعناية على عدم العودة الى التعذيب والقمع بعنوان مكافحة الارهاب".
وحرصت لجنة نوبل النروجية لدى اسنادها جائزة نوبل ذات القيمة الاعتبارية الفائقة لرباعي الحوار، على ان تجعل من تونس نموذجا لنجاح ثورات "الربيع العربي" الذي كانت تونس مهده.
وكانت المنظمات الاربع التي تشكل "رباعي الحوار التونسي" وهي الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية القوية) والاتحاد التونيس للصناعة والتجارة (منظمة ارباب العمل) والرابطة التونسية لحقوق الانسان وعمادة المحامين، ساعدت بشكل حاسم في 2013 في لحظة فارقة في تاريخ تونس، على حل ازمة سياسية خطرة نجمت عن خلاف حاد بين حزب النهضة الاسلامي ومعارضيه.
وتلقى قادة منظمات "رباعي الحوار التونسي" الثلاثاء وسام الشرف الفرنسي. ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تعيش بلاده في ظل حالة الطوارىء منذ اعتداءات 13 تشرين الثانينوفمبر (130 قتيلا)، بمناسبة حفل التوسيم، الى التوقي من الوقوع تحت وطاة "شعور انعدام الامن" الذي يوفر "الارضية لحرب اهلية".
وفي حين اعقب انتفاضات وثورات الربيع العربي الشعبية، الفوضى والعنف في ليبيا المجاورة واليمن وسوريا او عودة مظاهر القمع في مصر، فان تونس تمكنت من وضع دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة.
- انقسام -
لكن بعد نحو خمس سنوات من الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، تخيم على البلاد اجواء تهديدات جديدة جهادية.
وعلاوة على الاعتداء على حافلة نقل الامن الرئاسي الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية، شهدت تونس اعتداءين كبيرين داميين في 2015، استهدف الاول متحف باردو في العاصمة في آذارمارس وخلف 22 قتيلا، واستهدف الثاني فندقا بالقنطاوي قرب سوسة (وسط شرقي) في حزيرانيونيو وخلف مقتل 38 سائحا.
كما اقدمت مجموعة تقول انها تتبع تنظيم الدولة الاسلامية، في تشرين الثانينوفمبر على ذبح فتى (16 عاما) يرعى الاغنام بذريعة انه يعمل مخبرا للسلطات. واعلنت السلطات الاسبوع الماضي توقيف متطرفين اشتبه بتحضيرهما لاقتراف اعتداءات انتحارية.
وقدر فريق عمل تابع للامم المتحدة عدد التونسيين الذين توجهوا الى ليبيا والعراق وسوريا للانضمام الى تنظيمات جهادية بحوالي خمسة آلاف، ما يجعل من تونس احد اكبر مزودي التنظيمات الجهادية بالعناصر.
وياتي تسليم جائزة نوبل في اوسلو في الوقت الذي يخوض فيه طرفان من "رباعي الحوار التونسي"، هما المركزية النقابية ومنظمة اصحاب العمل، صراعا مداره حجم الزيادة في مرتبات العاملين في القطاع الخاص.
وتلقي هذه الخلافات بظلالها على المشهد.
وكتبت صحيفة "لابريس" الحكومية الاثنين "في الوقت الذي تحتاج فيه تونس اكثر من اي وقت مضى الى الوحدة والتفاهم والثقة للتصدي للتهديد الارهابي (..) فان فائزينا بجائزة نوبل للسلام يستمران (..) في تغذية الانقسام والريبة والشك وسوء التفاهم".
واضافت ان "هذا الفشل المعلن للمفاوضات ينذر باغراق البلاد مجددا في عدم الاستقرار الاجتماعي".
ومع ذلك سيغادر التونسيون اوسلو فخورين بما انجزوا.
وسيتسلم "رباعي الحوار التونسي" ميدالية جائزة نوبل الرسمية باعتباره الفائز الوحيد بالجائزة.
غير ان معهد نوبل قبل ان يوزع نسخة منها من الذهب الخالص ايضا، على اطراف الحوار الاربعة... لكن على نفقتهم.