مرصد الأزهر: الاعتداءات في ألمانيا بين الإجرام والتطرف الديني

الإثنين، 31 يوليو 2017 12:52 م
مرصد الأزهر: الاعتداءات في ألمانيا بين الإجرام والتطرف الديني
جانب من أحداث ألمانيا
كتبت منال القاضي

قال مرصد الأزهر، أنه تابع الأحداث الأخيرة الإرهابية في ألمانيا، والتي شهدتها مدينتا هامبورج وكنستانس، وراح ضحيتها أرواح بريئة، وأصيب فيها عدد كبير من الأشخاص، حيث أعلنت الشرطة الألمانية يوم الجمعة الماضية عن هجومٍ بسكين في أحد المتاجر، أسفر عن مقتل شخص وإصابة أربعةٍ آخَرين، حسَب ما ذَكرت الشرطةُ ووسائل الإعلام.

وقد أَعلنت الشرطة في مدينة "هامبورج" أنّ الجانيَ البالغَ من العمر 26 عامًا، والذي قام بعملية الطعن هو من أصولٍ عربيّةٍ فلسطينيّةٍ، وقد صاح: "الله أكبر" عدّةَ مرّاتٍ، قبل أن ينهال بالسكين على أحد الأشخاص طعنًا، هذا ما أَخبر به أحد شهود العِيان، وكان عمدةُ المدينة السيد "أولاف شولتس" قد صرّح: أنّ الجانيَ هو أحد اللاجئين، وكان من المفترض أن يتمّ ترحيلُه إلى بلاده لولا عدمُ اكتمالِ أوراقه.

وأشارت التحريات الأولى أن الشاب كان يرتدي ملابسَ عربيّةً، وأنه على صلةٍ بعددٍ من الإسلاميين السلفيين، وهو يُعاني - طِبقًا لبعض الأخبار من اضطراباتٍ نفسيّةٍ، وكان يَتعاطى المخدراتِ بشكلٍ مُنتظمٍ، وعلى الرغم مِن أنها أخبارٌ لم تؤكدها الشرطة التي تتولى التحقيقاتِ حتى الآنَ ولم تَنفِها؛ إلّا أن الحيطةَ والحذرَ مطلوبان في مثلِ هذه الحوادث التي قد يَتسبّب فيها أحد اللاجئين، بينما تُسارعُ بعضُ الصحف بين الحين والآخَر إلى التلميح بمُنطلقاتٍ دينيّةٍ إسلاميّةٍ؛ الأمر الذي يثير حفيظةَ كثيرٍ من المسلمين القاطنين في ألمانيا، ويؤجّج من مشاعر الكراهية، وفي هذا الصدد؛ يُشيد "المرصد" بالتدابير التي اتخذتها الشرطة بعد الحادث، والتريّث قبل الإدلاء بأيِّ تصريحاتٍ مسئولة، والتأكيد على أن جميع ما ورد في الصحف مجرد أقاويلَ لبعض الشهود الذين لم يُدلوا بذلك في التحقيقات الرسمية..

وفيما يتعلق بتصريح عمدة المدينة "أولاف شولتس"؛ مِن أن الجاني كان من المفترض أن يتمّ ترحيلُه إلى بلاده لولا عدم اكتمال أوراقه، فهو أمرٌ جدير بالنظر ومحل تساؤلٍ في الوقت نفسِه، فماذا تفعل الدولةُ إذًا حيالَ هذه المواقفِ التي نتج عنها قبل ذلك الكثيرُ من العمليات الإجرامية التي لا تتسبّب في إرباك الحالة الأمنية فحسب، بل أيضا في زعزعة الثقة بين المجتمع الألماني وعموم اللاجئين ؟ إضافة إلى ما يرِد في وسائل الإعلام من تَعاطٍ يَغلب عليه أسلوبُ التعميم وكَيْل الاتهامات ضدَّ كلِّ ما هو عربي إسلامي؛ ألَا يعني ذلك أن على الدولة المسارعةَ في إيجاد حلولٍ عمليّةٍ تُجاهَ الأجانب الذين لا يحق لهم البقاء في ألمانيا؟ ويقومون في الوقت نفسِه بممارساتٍ تُعلن عنها الدوائر الرسمية فيما بعدُ بأنها محلُّ ريبة؟!

وفي مدينة  "كونستانس"؛ أَعلنت الشرطة الألمانية مقتل شخصين وإصابةَ عددٍ من المواطنين في حادثِ إطلاقِ نارٍ في أحد الملاهي الليلية بالمدينة، وأَوضحت الشرطة أنّ شخصًا لقي حتفه إثرَ إطلاقِ أعيرة نارية في الملهى، كما لقي الجاني المشتبَهُ فيه حتفَه بعد تبادُل إطلاقِ النار مع الشرطة، وأصيب عددٌ من الأشخاص، ولم تؤكد الشرطة حتى الآنَ أيَّ ملابساتٍ حول الحادث.

وقد استبعدت الشرطة الألمانية، الأحد، وجودَ دافعٍ "إرهابيٍّ" خلفَ عملية إطلاق النار؛ حيث قال المتحدث باسم الشرطة في المدينة "فريتز بيزيكوفر"، لشبكة "ان تي في" التلفزيونية: "نحن لا نفترض أنّ هذا عملُ عنفٍ إرهابي"، وقال المتحدث: "إنّ مَسار الأحداث في الملهى الليلي بات أكثرَ وضوحًا، وهو يَستبعد في الواقع دافعًا إرهابيًّا". وأَوضحت الشرطة المحلية أنّ الجانيَ عراقيٌّ عمره 34 عامًا، يُقيم في المنطقة "منذ وقتٍ طويل"، قام في بادئ الأمرِ بقتْل شخصٍ بالرصاص وإصابة ثلاثةٍ آخَرين بجروحٍ بالغةٍ داخلَ الملهى الليلي، ثم جَرَح شرطيًّا في الخارج، قبل أنْ تُرديَه قوّاتُ الأمن قتيلًا عند محاولته الفرارَ،

وأكّد المتحدث أنّ المعتديَ ليس من طالبي اللجوء، وأن ثمّةَ مشاكلَ شخصيّةً ربما تكون دافعًا خلف عملية إطلاق النار.

وأكد بيان المرصد أن  ألمانيا كانت قد رفعت مستوى الإنذار من وقوع اعتداءاتٍ إرهابيّةٍ، وخصوصًا بعد الهجوم الدامي دهْسًا بشاحنةٍ في سوق لعيدِ الميلاد في "برلين"، في كانون الأول ديسمبر الفائت، والذي قُتل فيه 12 شخصًا. لكنها تعرضت أيضًا لاعتداءاتٍ دمويّةٍ غيرِ مرتبطة بمنطلقاتٍ دينيّةٍ أو أيدلوجيّةٍ؛ ومن هذه الهجمات الدموية: قيامُ شابٍّ ألماني إيراني (18 عامًا) يعاني من اضطراباتٍ عقليّةٍ ومهووسٍ بعملياتِ القتل الجماعيّ بتنفيذِ مجزرةٍ في مركزٍ للتسوّق في "ميونيخ"، أَودت بحياةِ تسعةِ أشخاصٍ قبل أن يَنتحرَ مُطلِقًا النارَ على نفسه.

وأضاف المرصد أنه  يتابع جميعَ التطورات على الساحة الإسلامية في ألمانيا والأخبار المتعلقة بها؛ فإنه يأسَف لوقوع هذه الأحداث التي يَصِفُها بالإرهابية؛ حيث أَدّت إلى مقتل وإصابة المواطنين، ويُدين جميعَ هذه الممارسات التي يقع ضحيتها أبرياءُ يأمُلون في سلامِ بلادهم وأمْنِها، ويُهيب "المرصد" بالسلطات الألمانية اتّخاذَ جميع التدابير الاحتياطية التي تَحول دونَ وقوعِ أي أعمالٍ متطرفة من جانبِ أي مجرمٍ، سواء كان من العرب اللاجئين أو غيرهم؛ لأنهم لا يُسيئون لدينهم أو مَنشأهم فحسب، بل يُسيئون إلى الإنسانية التي أَمر الله بصَوْنها وإعلاء قيمتها، كما يناشد "المرصد" وسائلَ الإعلام توخّي الحذر في التعامل مع هذه الأخبار وعدم التسرع في نشْرِ أيِّ معلوماتٍ قد تتسبّب في توجيهِ أصابعِ الاتّهام إلى الأديان أو الحضارات بصورةٍ عامّةٍ، بينما يتضح الأمرُ بعد ذلك؛ أنّها مُمارَساتٌ فرديّةٌ.

اقرأ أيضًا.. 

«الإسلاموفوبيا»: حادثة هامبورج هدية للمتطرفين الألمان قبل الانتخابات المقبلة

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق