الحب شرف فلا تُدَنِسوه

الأحد، 13 أغسطس 2017 09:40 ص
الحب شرف فلا تُدَنِسوه
رشا الشايب

الحب هو أرقى المشاعر الإنسانية وأسماها على الإطلاق، شعور طاهر، شريف وبرىء، لا تحلو الدنيا إلا به ولا نشعر بجمالها إلا ونحن نتنفسُ رحيقه. 
 
هو شعلة فى القلب، إن أنارت بفعل الحب، فاضت أنهار الفرح والبهجة والسعادة على صاحبها، تحولت مرارة الأيام إلى عسلٍ مُحلّى، أصبحت ترى ألوان الطيف السبعة فى كل تفاصيلِ حياتك، تشعر حينها أن الشمس تُشرقُ لك بمفردك، والهواء خَلقَهُ الله لِكَى يُداعب قلبك المغمورُ حبا، أما الطيور فقد تلقَّت فرمانا لتشدو لك أروع السيمفونيات العذبة، والسماء اختارت هى الأخرى أن تتدخل فى قصتك، فلم يعد يكفيها دور المتفرج من بعيد، فتَجَهّزَت وتَزَيَّنَت لِكَى تتقاسم معك فرحك وتشاركك سعادتك، والورود أيضا تراها تُسابق بعضها البعض وتتلون بأبهى الألوان وتتعطّر بأذكى الروائح لكى تقع عليها عيون المُحبين فتزداد بريقا ولمعانا.
 
أما إن انطفأت شعلة الحب (بفراق الأحبة)، انطفأ معها نور الشمس وتلبّدت الغيوم وصاح الرعد متعاطفا مع صراخ القلب الموجوع، وهطلت الأمطار مُتباكِيَة مع دموع المُحبين المجروحين، واسوّد الليل وطال، مستأذنا النهار فى أن يُؤخر ظهوره قليلا لكى يبقى هو قائم بجانب صاحب القلب الحزين لمواساته والتخفيف عنه.
 
فالحب من وجهة نظرى ليس بكلمة جميلة تنطقها الشفاة ولا بقبلة عميقة بين الأحباء، ولا بتشابك بالأيدى، ولا بالهيام فى العيون، ولا بكثرة التأمل فى تفاصيل الحبيب، ولا بالسُهد والأرق من آثار الشوق والحرمان، ولا هو قصور تُبنى على رمال شواطئ الأوهام، ولا وعود خيالية تَبعُد عن حقيقة الواقع وقسوة الأيام، ولا ورود حمراء ولا هدايا ثمينة، فكل ما سبق هو أعراض الحب بل قل الشكل الظاهرى للحب.
 
أما الحب الحقيقى فهو يتلخص فى معانى الاهتمام والثقة والأمان والصدق والحنان والاحترام والإخلاص والاحتواء، وبالطبع يتنافر مع معانى الخيانة والكذب والغدر والقسوة وعدم الاكتراث.
 
والحب الحقيقى وطبعا أقصد للطرفين سواء الرجل أو المرأة، هو أن ترى حبيبك متفردا عن الآخرين، أن يتمكن من احتلال قلبك والسكن به، أن تَسعَد بِقُربه منك، أن تذكره دوما فى صمتك، وحدتك، منامك، أن تتقبله بعيوبه، أن تراه فى أحسن صورة ممكنة ولا ترى فيه أى عيب شكلى أو نقصان ظاهرى، أن تشاركه اهتماماته وصنع أحلامه ونجاحاته، أن تفرح لفرحه وتحزن لحزنه وتشعر بألمه ووجعه، وأن تقف بجواره فى مِحنه ومرضه إلى أن ينهض قائما من جديد، أن يصبح أمانك وكاتم أسرارك ومصدر ثقتك ومنبع حنانك، وإذا رأك مخطئا فى أمر ما وقف معك محاولا تصحيح أخطائك، وألا يطيق فكرة الفراق أو الغياب أو الخصام ويسعى للقرب منك وتقريب وجهات النظر، أن يحاول جاهدا أن يكون لك وألا يُفرط بك ولا يستجيب لفكرة غيابك. ذاك هو الحب الحقيقى الذى أعنيه والذى لا يلقاه إلا القليل.
 
أما دون ذلك من كلمات تُدغدغ المشاعر وتُطرب الآذان إن لم تكن مقترنة بأفعال تُثبت وتُؤكد هذا الحب، فتأكد أن ذاك ليس بحب ولن يستمر ولن يدوم طويلا.
 
والحب الحقيقى طاهرٌ شريفٌ برىء، أبعد ما يكون عن الرغبة والشهوة أو حتى المادة، فهو قوىٌ غنىٌ بذاته فلا يَقترن بصفات مُريبة ولا يُتَّهم بأفعالٍ مُشينة.
 
ونصيحة لكل أنثى شريفة: لا تُصدقى الكلمات ولا تتهاونى فى حق نفسك أو جسدك من أجل علاقات سطحية شائكة أبعد ما تكون عن الحب الحقيقى.
 
ولا تتورطى فى أفعال مُحرمة لِتُبررى حبك ومشاعرك الفياضة، ولا تغرقى فى أنهار التنازلات الرخيصة لتُرضى كل مغرور أنانى كل ما يُهمه إشباع نزواته وشهواته الحيوانية، ولا تنسى تلك الحقيقة البسيطة جدا أن مَن يحبك حقا سيفعل المستحيل لكى يراكى زوجته وسيعرف كيف يصونك أو يحافظ عليكِ، أَوجَدَ الله لنا الأحاسيس والمشاعر لكى نفرح ونسعد ولكن فى المقابل أوجد لنا العقل للسيطرة عليها وضبطها ابتغاءً لمرضاته عز وجل. 
 
أرجوكم اخرجوا الحب من حسابات المادة والرغبة والشهوة، أتوسل إليكم طَهّروه من دناستكم ورغباتكم الدنيئة، نَقُوه من شوائبكم ولا تُلصِقوه بخطاياكم، ولا تلتمسوه عُذرا لارتكاب كبائركم أو قربانا للتقرب إلى شياطينكم، افصلوه عن نزواتكم، ابعدوه عن شهواتكم، وأعلوه قدرا وقيمة ورمزاً، وفضلاً لا تُدنسوه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق