طارق عامر.. رجل المهام الصعبة

قفز بالاحتياطى النقدى إلى 36 مليار دولا بعد عامين من توليه محافظا للبنك المركزى

الإثنين، 21 أغسطس 2017 11:42 ص
قفز بالاحتياطى النقدى إلى 36 مليار دولا بعد عامين من توليه محافظا للبنك المركزى
طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى
أسماء أمين

* حقق فائضا فى ميزان المدفوعات بنحو 7 مليارات دولار خلال النصف الثانى من 2016 أى بعد عام من توليه المنصب

* كان لتلك الإجراءات الإصلاحية الدور الأكبر فى حماية البنوك المصرية من آثار الاضطرابات السياسية

أصبح طارق عامر، محافظا للبنك المركزى المصرى، فى أكتوبر 2015، فى ظل ظروف اقتصادية دقيقة، ومعطيات إقليمية ودولية صعبة، وكان قبوله هذا المنصب فى هذا التوقيت، يمثل قرارا جريئا منه، نتيجة استنزاف موارد الدولة من العملة الصعبة، أيام حكم الإخوان، واستنزاف الاحتياطى النقدى إلى حوالى 16.4 مليار جنيه، وتراجع معدلات الاقتصاد، ونشاط شركات الصرافة التابعة للإخوان، وسيطرتها على الحجم الأكبر من المعاملات النقدية، التى تتم على الدولار والعملات الأخرى مع نشاط السوق الموازية للصرف. 

وبعد عام تقريبا من تولى عامر مسئولية «المركزى»، قفز بالاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية من 16.4 مليار دولار إلى 28.5 مليار دولار بنهاية مارس 2017، وبمعدل نمو 74 % تقريبا، حيث لم يسبق أن وصل الاحتياطى لهذا المستوى منذ يونيو 2011، والآن وبعد حوالى عامين من توليه المنصب بلغ الاحتياطى النقدى حوالى 36 مليار دولار. 
 
وكان لاستراتيجية «عامر» فى إدارة السياسة النقدية دور ملحوظ فى تحقيق الكثير من المؤشرات الإيجابية، حيث تحول ميزان المدفوعات من تحقيق عجز بقيمة 3.7 مليار دولار، خلال النصف الثانى من 2015، إلى تحقيق فائض بنحو 7 مليارات دولار، خلال النصف الثانى من 2016، أى بعد عام تقريبا من توليه المنصب.
 
وإلى جانب الإصلاح النقدى، الذى قاده محافظ «المركزى»، فقد حرص على تدشين مجموعة من المبادرات لمساندة القطاعات الاستراتيجية فى الدولة، ودعم بيئة التنمية ومناخ الاستثمار، ومن ضمن هذه المبادرات، مبادرة دعم وتعزيز فرص تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بضخ 200 مليار جنيه من الجهاز المصرفى لتمويل هذه المشروعات بعائد لا يزيد على 5 %، وكذلك مبادرة تمويل القطاع السياحى بنحو 5 مليارات جنيه، واستحداث برامج تمويلية داعمة للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة حتى تتمكن هذه المشروعات من الحصول على تمويل منخفض التكلفة.
 
وقد كان لتلك الإجراءات الإصلاحية الدور الأكبر فى حماية البنوك المصرية من آثار الاضطرابات السياسية والاقتصادية لثورة 25 يناير2011، ولم يعد القطاع المصرفى المصرى عبئا على الدولة، بل بات قويا، ولديه سيولة كافية، يمكن ضخها فى السوق المحلية، لتلبية احتياجات المشروعات التنموية، ومواجهة الآثار المتوقعة لتقلص حجم الاستثمار الأجنبى المباشر، ما دفع المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، إلى الإشادة بجهود مصر فى الإصلاح.
 
واتخذ «عامر» فى 3 نوفمبر 2016 قرارا تاريخيا بتحرير سعر صرف الجنيه فى مقابل العملات الأجنبية تحريرا كاملا، وترك هذا السعر يتحدد وفقا لقوى العرض والطلب فى السوق، من خلال السماح للبنوك بتحديد هذا السعر وفق آلية «الإنتربنك»، الأمر الذى مثل نقلة نوعية كبرى فى نمط وحركة الاقتصاد المصرى، بما أضفى مزايا تنافسية كبيرة للصادرات المصرية التى زادت بنسبة 18 % فى أول 3 أشهر بعد قرار التعويم، فضلا عن زيادة تحويلات العاملين بالخارج بنسبة 12 %، واجتذاب حوالى 10 مليارات دولار فى صورة استثمارات أجنبية مباشرة، بالإضافة لنمو إيرادات القطاع السياحى بنحو 9 %، الأمر الذى نتج عنه فائضا فى ميزان مدفوعات الدولة فى الربع الأخير من 2016 بأكثر من 5 مليارات دولارات.
 
وقد كانت للخبرة التى اكتسبها «عامر» من عمله بكبرى البنوك العالمية لمدة تزيد على 15 عاما من خلال وجوده فى بنك «أوف أمريكا» و«سيتى بنك» دور مهم فى تشكيل ثقافته المصرفية المتقدمة، وتحصينه بمجموعة من الأفكار الحديثة، التى أثبت نجاحها فى العديد من التجارب الدولية، ومكنه هذا الفكر من تبنى رؤى صائبة للمستقبل، والعمل بشكل منظم، والتحديد المسبق للأهداف؛ حتى يمكن تحقيقها بأداء متقن، وبقرارات لا تعرف «الأيدى المرتعشة»، التى عانى منها الاقتصاد المصرى على مدار عقود طويلة مضت.
 
وكانت لعامر بصمة واضحة، مثلت نقلة تاريخية فى أداء البنك الأهلى المصرى، حينما تولى عامر رئاسته بين عامى 2009 و2013، فقد تمكن البنك الأهلى بفضل قيادة «عامر» من زيادة صافى أرباحه من 385 مليون جنيه فى العام المالى 2007/2008، إلى نحو 2.8 مليار جنيه فى العام المالى 2011/2012 بمعدل زيادة وصل إلى 631 %، بما يعنى مضاعفة الأرباح أكثر من 6 مرات، فضلا عن زيادة محفظة قروض البنك من 75 مليار جنيه فى نهاية يونيو 2008 إلى 96 مليار جنيه تقريبا فى نهاية يونيو 2012 بمعدل نمو وصل إلى 28 % فى رصيد المحفظة على الرغم من الظروف الاقتصادية، التى شهدتها مصر فى هذه الفترة، نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، كما قفز «عامر» بمحفظة ودائع العملاء لدى البنك من 173 مليار جنيه إلى 279 مليار جنيه بمعدل نمو وصل إلى 61 %.
 
وحقق «عامر»، طفرة فى مؤشرات الأداء المالى للبنك، حيث صعد معدل العائد على حقوق الملكية من 5.1 % فى العام المالى 2007/2008 إلى 21.5 % بنهاية العام المالى 2011/2012، وكذا ارتفع معدل العائد على الأصول من 0.17 % إلى 1.21 % خلال هذه الفترة.
 
وقد دفعت الانجازات التى حققها البنك الأهلى تحت قيادة «عامر» لثورة تنموية فى نمط وشكل أداء البنك، وفى استراتيجيته المستقبلية، إلى أن أصبح البنك أحد أهم المؤسسات الاقتصادية العاملة فى السوق المصرية حاليا، وأحد المتغيرات المهمة فى معادلة نمو الاقتصاد المصرى، حيث بلغ إجمالى المركز المالى لهذا البنك المملوك للدولة نحو 703,3 مليار جنيه فى نهاية يونيو 2016، بمعدل نمو 35 % عن نهاية يونيو 2015، لتمثل ما نسبته نحو 24,7 % من إجمالى أصول الجهاز المصرفى المصرى، كما ارتفع صافى ربح البنك ليصل إلى نحو 12,5 مليار جنيه، مسجلا أعلى أرباح على مستوى الجهاز المصرفى ككل.
وقام عامر خلال رئاسته للبنك الأهلى بافتتاح فرع للبنك بالسودان برأسمال 50 مليون دولار للتوسع فى تقديم التسهيلات وإقامة المشروعات المشتركة.
 
وساهم عامر بمساعدة العديد من القطاعات الحيوية، مثل العقارات والسياحة، حيث قام البنك بضخ العديد من التسهيلات الإئتمانية لتدعيم القطاعات المتعثرة بجانب تأجيل أقساط العديد من العملاء المتعثرين.
 
ويعد عامر من المصرفيين القلائل الذين تولَّوْا منصبين قياديين فى أكبر بنكين فى مصر، حيث تولى قبل رئاسته للبنك الأهلى المصرى، منصب نائب الرئيس فى بنك مصر، ثانى أكبر البنوك المصرية، وذلك فى عام 2002، فضلا عن توليه رئاسة اتحاد بنوك مصر فى عام 2011، وقيادته لمجموعة من المبادرات التى ساهمت فى تحسين أداء الاتحاد وتطوير دوره فى القطاع المصرفى.
 
وقد قال محافظ البنك المركزى، طارق عامر، إن مشاكل الاحتياطى النقدى والأزمة المالية، أصبحت تاريخا بلا عودة، متوقعا أن يحقق عام 2018 طفرة فى الأداء الاقتصادى والمصرفى، وموضحا أن الاحتياطى الآن يحقق أكثر من 7 أشهر واردات وعالج خلل ميزان المدفوعات، حيث تحسنت الأوضاع للغاية، وحل مشكلة النقد الأجنبى فى مصر، رغم التحديات.
 
وأشار عامر، إلى أن إجراءات الإصلاح الاقتصادى الأخيرة كانت إيجابية، مؤكدا أن تقرير صندوق النقد الدولى عن السياسة المالية فى الدولة والاستقرار المالى فى الدولة شهادة كبيرة.
 
وشدد على أن الموازنة المصرية، أصبحت تحت السيطرة، وأن الاستثمار الأجنبى المباشر، حقق أعلى معدلات خلال العام الماضى، والسياحة زادت معدلاتها 50 %‏ فى فبراير ويناير، مقارنة بالأشهر الماضية، كما تم إدخال 8 مليارات دولار مباشرة للبنك المركزى بعد تحرير سعر الصرف، وجذب 54 مليار دولار استثمارات خلال 6 أشهر.
 
وأوضح عامر، أن الجهاز المصرفى استطاع توفير 23 مليار دولار من السوق المصرية، فضلا عن جذب 15 مليار دولار من مؤسسات التمويل الدولية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق