الإدمان مش بس مخدرات..

حكايات من حياة مدمني العلاقات.. «دبلة الموت.. هوس الجنس.. خدامة صاحبتها»

الأربعاء، 23 أغسطس 2017 12:31 م
حكايات من حياة مدمني العلاقات.. «دبلة الموت.. هوس الجنس.. خدامة صاحبتها»
مدمني العلاقات _أرشيفية
حنان جرجس

الإشباع العاطفي، أحد الدوافع الرئيسية المحددة للسلوك الإنساني، وأي خلل في هذه المساحة ينسحب مباشرة على تصرفات أصحابها، هكذا يقول علماء النفس، ومؤخرا أدت أزمة خلل المشاعر إلى انتشار ظاهرة "إدمان العلاقات"، فالكل منا يعرف شخص أدمن وجود علاقة، المسمى غريب على أذهاننا ولكن تفاصيل الروايات تحمل ما هو أكثر غرابة.

سلطنا الضوء على أبرز هذه الحالات التي تعيش بيننا وملامح هذا المرض الجديد الذي ملأ فراغ حياتنا ورأي أطباء النفس في التعامل معه من أجل التحرر من وحش أفكارنا ومشاعرنا المتسلطة.

لو قلعت الدبلة أموت

"لو قلعت الدبلة أموت"، كلمات عبرت بها "ياسمين" عن حالة إدمانها لشريك الحياة، وهي من محافظة القاهرة، وتبلغ من العمر 24 سنة، توفى والدها مبكرا وأصبحت مسئولة من والدتها وأخيها الأكبر، لم تلق أي رعاية، واهتمام من جانبهم، فلم ينصت لها أحد من أهلها فأحببت شخصا تقدم لخطبتها واعتقدت أنه المنقذ السنيد لها فقبلت وظلوا مخطوبين، وبدأ هذا الشخص في استغلالها جنسيا ولم ترفض خوفا من أن يتركها ولكنها كانت تتوجع لشعورها الدائم بتأنيب الضمير.

وعندها قررت أن تذهب لطبيب نفسي وتحكي له ما بداخلها، وعندما طلب الطبيب مجرد فكرة أن تخلع دبلة الخطوبة من يديها قالت له "لو قلعت الدبلة هموت"، ولكن عند تكرار زيارة الطبيب بدأت في رحلة العلاج النفسي لكي تتعافى من الماضي الذي جعل مشاعرها تنهار تعطشا وخلعت الدبلة وعندما رآها الدكتور تعجب فردت علية وقالت "أنا مش هسمح لحد أن يستغلنى ".

عوض حرمان السنين بالعلاقات النسائية

"محمود" شخص منطوي للغاية حاصل على دبلوم تجارة لم يكن لدية أي علاقات نسائية بسبب ظروفه وانطوائيته ولكنه عمل فى مؤسسة حكومية و"بدأت الدنيا تتغير معاه"، وذهب لطبيب نفسي لكي يتعافى ويتعامل مع الجنس الآخر، وتقدم لخطبة فتاة وافقت عليه ولكنه، وبعد أن تغيرت حياته من شخص لم يعمل لشخص، أصبح يشغل وظيفة مرموقة ومتزوج فتاة جميلة ولكن لكي يعوض حرمانه من الجنس الآخر بدأ بدخول علاقات متعددة وغير شرعية فالذي جعله هذا هي عملية تعويضية للاحتياج الشديد بشعوره أنه رجل مرغوب، ولديه من المعجبين الكثير فتعافى من مرض ليدخل لمرض أخر.

"لو هشتغل خدامة عند صحبتي هفضل معاها"

سميرة تبلغ من العمر 45 عاما، لم تلق اهتماما كافيا منذ نعومة أظافرها فكأن شيئا يصرخ بداخلها احتياجا لأن تتلقى وتشعر بأهمية وتقدير حتى وأن كان وهمي، وحتى حينما تزوجت لم يتعامل معها كما تحتاج، فهى لديها من الصغر أهم احتياجات الإنسان الاحتياج للتقدير والاحترام وللانتماء والحب، فكلما كبرت شعرت بأن شيئا ما يصرخ بداخلها ويجب أن يتم إشباعه، تعرفت على صديقه تصغرها بعام لقت معها كل ما تحتاجه فكانت تسمع لها بالساعات دون أن تمل وكانت دائمة السؤال عليها.

 ولكن صديقتها بدأت في استغلالها فجعلت منها خادمة في منزلها، حيث طلبت منها أن تشتري لها مستلزمات البيت، وأن تنظف لها منزلها وكانت الأخرى تمتثل خوفا من أن تتركها صديقتها، وكانت دائما تهددها بأن تتركها فبدأت بخوف شديد وشعرت بأوجاع جسمانية بسبب الألم النفسي، ولكنها لم تتمكن من الانسحاب.

أحبته فتكفلت بمصاريف فرحه

"سمر" فتاة جميلة لديها شهادة جامعية وتسكن في حي راقي من أسرة ثرية، فشقيقها يعمل في أحد المناصب الحساسة عشقت، صبي الصيدلية، وجعلته يتقدم لها ولكن بسبب الفروق الاجتماعية والثقافية لم توافق أسرتها عليه، ولكنها أصرت وقررت أن تتزوجه حتى وإن كان ضد رغبة أهلها فدفعت له ثمن الشبكة، وحجزت قاعة الفرح وقامت بدفع كل المصاريف لإتمام الزواج، ولكن يوم الفرح أخذ العريس الشبكة وتزوج بأخرى.

 وبدأت ترسل له بوكيه من الورود يوميا للدرجة التي جعلته يشعر بأنها تريد الانتقام منه، ولكنها قالت له إنها تريده بخير، ودخلت في علاقة ثانية مع شخص متزوج ولديه أبناء، وشرعت فى مطاردته وكانت توصفه بالجمال الذي ليس له مثيل وهو ليس هكذا، وبدأ هو في الهروب منها للدرجة التي تجعله يستنجد بالطبيب النفسي المتابع لحالتها، حيث كانت مريضة بـ"هوس الحب".

بعد خروجه على المعاش أدمن العلاقات الالكترونية

"دكتور يوسف"، أستاذ جامعي، لديه من التلاميذ الكثير وحياته لم تكن يوما فارغة، لكنه حينما خرج على المعاش لم يعامل بنفس هذه المعاملة فاختفى زملائه وتلاميذه وقرر أن يملىء هذا الفراغ فبدأ بإدمان علاقات "فيس بوك" وكان يتعامل معها ويحاول أن يحل مشاكل متابعيه، وقام بدور الطبيب النفسي، وأحب هذا جدا للدرجة جعلته يأخذ الموبايل في كل مكان في البيت ويؤجل الجلوس مع زوجته.

بدأت تغار زوجته وتنفر من معاملته معها، "فيس بوك" حل احتياجه الشديد لشعوره بأن الناس مازلت تحتاج إليه ومازال هو بنفس درجة الأهمية التي كان عليه قبلما يطلع على المعاش.

حبيت أول واحد يقولي كلمة حلوة

"نسرين" شابة من محافظة القاهرة كانت تريد أن تشعر بأنها محور الكون بالنسبة لشخص، فهي لم تتعامل يوما مع الجنس الآخر خوفا على نفسها، فعندما بدأ شخص بالاهتمام بها اعترفت له بحبها لم يكن حبا حقيقيا بينما هو الجوع للمشاعر العاطفية التي خزنت فى مخيلتها منذ الصغر فأبويها لم يكن بينهما أي تفاهم فكل شيئا ممنوع لها ولم ينظر احد منهما لاحتياجها الذي يكمن بداخلها والصراع ولكنها عندما باحت بما داخلها لهذا الفتى لم تتمكن من التراجع.

 فكيف لفتاة لم تتعامل مع الجنس الآخر أن تبوح ويتم رفضها، فهذا عارا بالنسبة لها فقررت أن تتمادى في هذا حتى وأن خسرت سمعتها وبدأ هذا الشخص باستغلالها للوقوع بها إلا أنها قررت أن تلجأ لطبيب نفسي كي تبدأ في رحلة العلاج، والابتعاد عن هذا الشخص.

بنت الأكابر حبت صبى السباك

"هدى"، فتاة تشغل وظيفة مرموقة ليست جميلة وتشعر دائما بالدونية برغم شغلها وظيفة مرموقة رأت صبى السباك وقعت في غرامه وبدأت تطارده لحين استجاب لها وبدأ معها في علاقة غير شرعية بشقة أحد أصدقائها وظلت هكذا إلى أن سرق الشاب الشقة.

 وقامت بالإبلاغ عنه، وكان غرض الإبلاغ عنه هو أن يعود لها فلم تنظر أن الشقة التي سرقت لم تكن تملكها وقال احد رجال الشرطة لها إنهم على استعداد أن يجعلوا الشاب يتزوجها لتصليح هذه الغلطة ثم يطلقها ويحبسه من أجل ما سرقه إلا أنها اعترضت من أجل أن لا يحبس فمازالت تدمن وجوده في حياتها.

خيانة بسبب «المعاملة الناشفة»

"منى"، امرأة متزوجة ولديها من الأبناء ثلاثة وهى تعد من صفوف الجميلات يتعامل معها زوجها معاملة جافة وينفر منها في العلاقة الجنسية ويهين أنوثتها، وفى ذلك الحين دخل شخص إلى حياتها ليشعرها بأنوثتها فأعطى لها ما تحتاجه من زوجها، وقررت أن تطلب الطلاق من زوجها لتتزوج بمن شعر بوجودها فمشاعرها تنهار جوعا ولم يكن يشعر بها زوجها ولكي تسكن آلامها قررت أن تعوض حرمانها بشخص آخر.

ملامح الشخصية الإدمانية

قالت شيرى فؤاد، أخصائية في إحدى مراكز الإدمان، كيف أن تفرق بين العلاقة الإدمانية وما بين الحب، فهناك فرق بين علاقة عابرة سواء نتجت بالسلب أو الإيجاب فهي علاقة واحدة، أما العلاقات الإدمانية فتوجد رغبة ملحة لم يقدر المدمن أن يعيش بدونها فهو لم يرى عيوب هذا الشخص بل ينظر للعيوب على إنها مميزات مثال ذلك "سيدة ترى زوجها الذي يضربها أنه يخاف عليها" .

ومن الممكن أيضا أن يتسبب الإدمان في ضياع سمعة الشخص فعندما تحدث استمرارية في العلاقة حتى وإن كانت الخسارة جسيمة فهي إدمان فالعلاقة كما أن عامل السن أساسى فالمراهقة عندما تحب لم يكن حب بل يسمى مجرد إعجاب، وأيضا أساس البيت له عامل كبير فمع التوجيه تقدر الفتاة أن تنسحب من هذه العلاقة، لكن هناك من لم تشعر نحو أسرتها بالانتماء والاحتواء، فبالتالي تتعدد علاقتها ولهذا نجد الفتاة التي تبلغ من العمر 14 عاما ممكن أن تترك منزلها لكي تذهب مع من أدمنته، وإدمان العلاقات لدى الفتيات أكثر لشعورهم الزائد بالاحتياج للحب، أما عن طرق العلاج فهو مواجهة النفس بما هي عليه فلم يستطيع احد أن يساعدها أكثر من نفسها ومواجهتا.

الشخصيات الإدمانية يتعرضون للاستغلال

الدكتور أحمد سعد، طبيب نفسي، يقول إن الشخصية التي لديها إدمان علاقات هي في الغالب شخصية اعتمادية، فالشخص الاعتمادي عرضه دائما للاستغلال، كونه يعتمد على الآخرين في إشباع مشاعره، فيغلق عينيه وأذنه لكي يبقى معتمدا على الآخرين لتلبية احتياج شعوره، وهذا يرجع لجوعه لحب والده ووالدته وعطفهم الذي حرم منه، أو العكس لفرط الحب فجعله يدمن أن تجاب مطالبه فأدمن العلاقات التي يقدر أن يسيطر بتحقيق أهداف الآخرين.

ويضيف: سبب الإدمان قد يكون فقدانه ثقته بنفسه وبالآخرين، أما هذا الشخص فهو يثق فيه ثقة عمياء وأيضا قد يكون عدم الشعور بالأمان أو خبرات مؤلمة مر بها جعلته ينكر ذاته ليحتفظ ببقاء الأخر معه، وقد يكون هذا من الأشخاص المازوخية التي تتلذذ بتعذيب الأشخاص، وهذا يجعل الإنسان يفقد الإحساس بذاته ويوهب حياته للآخرين ودائما يسعى أن يفعل من أجل الأخر يضحى بنفسه وبوقته وبيشغل نفسه بتحقيق أهداف الآخرين فهو لديه اضطراب نفسي، وهذا يجعله يربط حياته بالأخر فهو ينتظر الكلمة الحلوة لا يقبل التقييم السلبي مثل إهانة الزوج لزوجته عن جمالها وفي حالة غياب هذا الشخص، يمكن أن يجعله يصاب بالكآبة.

الإدمان احتياج من الطفولة

قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية، إن إدمان العلاقات ما هو إلا احتياج نابع من الطفولة، التي لم تنضج لدى بعض الشخصيات فجميعنا لدينا احتياجات، يجب أن تشبع بطريقة ما، وإن لم يتم إشباعها، يبدأ الشخص فى البحث عنها فى من حوله، ويمكن أن يأتي لهذا الشخص مرض يسمى "هوس الحب"، وفي الغالب هذا العطش المستمر لعلاقة ما، ينتج عن الأسرة لأن أي إهمال منها يتسبب في شروخ نفسية.

وأضاف "فرويز"، أن الشخص يبدأ بالبحث عن ما يشبع له هذا الفراغ حتى وإن استغله، ويكون الهدف هو الشعور بالسعادة، ولذلك فإن العلاقة التي يتم إدمانها إن خرج منها الشخص سيدخل في غيرها، والهدف أنه يحب ويتحب، فالمدمن بحاجة دائما لجرعة المخدرات ليسكن آلامه، فالاحتياجات النفسية لا تقل بل تزيد لأن الألم النفسي أشد من الألم الجسدي.

علاج إدمان العلاقات هو العلاج المعرفي

دكتورة أسماء عبدالعظيم، أخصائية العلاج النفسي، تؤكد أن علاج إدمان العلاقات هو علاج معرفي، أولا نعرف ما هو وراء التعلق الشديد هل هو حرمان من الأصدقاء والأهل فلذلك ربط حياته بهذا الشخص لأنه يرى أنه كل ما تبقى في حياته ونبدأ نتعرف على الأفكار السلبية ونبدأ في تصحيحها ويتم توجيه الشخص لاكتشاف ذاته ومعرفة اهتمامته وتشجيعه على ممارسة نشاطات اجتماعية وثقافية مختلفة أن يجد ذاته في نشاطات أخرى يكتشف نقاط قوته وأهدافه يقوم الطبيب النفسي بعمل جلسات إرشادية من أجل رجوع الثقة بالنفس لهذا الشخص.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق