آدم..رجل وحيد.. فى مواجهة الحياة

الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 09:00 م
آدم..رجل وحيد.. فى مواجهة الحياة
صورة جرافيك

مَنْ منا إذا سمع اسم أبينا آدم عَقّب قائلًا: صلى الله عليه وسلم؟ مّنْ منا إذ ذكرت أمنا حواء تمتم قائلًا: عليها السلام؟ أليس فى تجاهل السلام على هذين الأبوين الكريمين عقوق؟! بل الأمر يتجاوز العقوق ليذهب إلى سوء الأدب مع هذين الأبوين الكريمين الجليلين، ألا تسمع أحدهم وهو يصب اللعنات على حواء وبناتها؟! ثم ألم يأتك صوت الجهول وهو يتحدث عن الأب الكريم الجليل آدم عليه الصلاة والسلام حديثه عن جليسه فى المقهى؟! لماذا خف عند أكثرنا وزن هذين الكريمين؟!
 
ربما تكون الألفة هى السبب، فكل ألفة تهدر شيئًا من المهابة، وربما تكون السنوات بل القرون الفاصلة بيننا وبين الأبوين الكريمين هى السبب، فتباعد الزمان يفعل فعله فى النفوس.
 
على كل حال، يجب أن نعيد النظر فى قلوبنا لكى ننزل أبانا آدم عليه صلى الله وعليه وسلم وأمنا حواء- عليها الرضوان والسلام- منزلة تليق بهما.
خلق الله أبانا آدم عليه الصلاة والسلام فأصبح الرجل الأول الوحيد الفرد الذى بلا أهل ولا ولد، المتصدى بمفرده لكل صعوبات الحياة.
ضع فى قلبك دائمًا أن آدم مخلوق للأرض وليس للجنة، ومهمته أثقل من أى مهمة، مهمته هى خلافة الله فى الأرض، مهمته كانت حمل الأمانة التى أبت أن تحملها الجبال والسموات والأرض، لقد خافت تلك الكائنات العملاقة العظيمة من حمل الأمانة وأشفقن على أنفسهن منها، ولكن قدر آدم كان أن يحمل هو الأمانة.
 
وتحمله للأمانة يؤكد بأنه كان نبيًا ورسولًا، فعن أَبُى أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلا، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ، قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ ؟ قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ، قَالَ : كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ ؟ قَالَ: عَشْرُ قُرُونٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: ثَلاثَ مِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَمًّا غَفِيرًا، أخرجه ابن حبان وصححه الألبانى.
 
هذا عن كونه عليه السلام نبيًا أما عن كونه رسولًا فقد قال جمهور العلماء «: إن آدم وشيث عليهما السلام، كانا نبيين مرسلين قبل نوح عليه السلام إلا أن آدم أرسل إلى بنيه ولم يكونوا كفاراً بل أمرهم بتعليم الإيمان وطاعة الله، وأما شيث فكان خلفا له فيهم بعده، بخلاف نوح فإنه مرسل إلى كفار أهل الأرض.
 
وبعد آدم كانت الأم العظيمة الجليلة حواء عليها السلام، وتلك البعدية ليست مقدرة بزمن فلا يليق بنا الخوض فى تحديد الفترة الفاصلة بين خلقه عليه السلام وخلقها عليها السلام، ولكن عملية خلق أمنا حواء جاء فيها كلام كثير يمكن اختصاره إلى ثلاثة أقول.
القول الأول ما قاله جمهور العلماء ومن بينهم الشيخ الشعراوى رحمه الله.
 
وملخصه أن أمنا حواء قد خلقها الله من الطينة ذاتها التى خلق منها أبانا آدم، وفى هذا السياق قال الشيخ الشعراوى فى كتابه «قصص الأنبياء» كلامًا غاية فى اللطف والدقة عن سبب «التنافس» الذى بين الرجل والمرأة، فكلاهما من أصل واحد فلا يسمح أحدهما للآخر على أن يستطيل عليه بشىء ولا أن يمن عليه بمنة.
 
القول الثانى يقول به بنو إسرائيل وبعض علماء الإسلام، وهو إن الله خلق حواء من ضلع آدم يعنى من جسد آدم.
لبنى إسرائيل أن يقولوا كما شاءوا، فلسنا فى سياق مناقشتهم، أما علماء الإسلام فقد اعتمدوا فى كلامهم على حديث شريف تعسفوا فى التعامل معه، الحديث رواه الإمام البخارى ونصه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ. فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ».
 
كل علماء الحديث أصحاب البصيرة بهذا العلم الصعب المتين قالوا: إن معنى الحديث قائم على المجاز وليس الحقيقة، فالرسول الكريم كأنه يقول استوصوا بالنساء لأنهن مخلوقات مختلفات عن الرجل فكأنهن خلق من ضلع، الكلام هنا مجازى وليس حقيقيا، وليس به أدنى درجة من درجات التهوين من شأن المرأة بل العكس هو الصحيح، فالمنطوق النبوى الشريف يوصى بالنساء ويؤكد أنهن مختلفات على الرجال ويجب على الرجل أن يعامل المرأة لا كما يعامل أخاه الرجل.
ثم تبقى منطقة ملتبسة فى النشأة الأولى، وهى الخاصة بالجنة التى عاش فيها الأبوان الكريمان، بعضهم يقول: هى جنة الخلد التى وعد الله بها عباده المتقين، والكثرة من العلماء تقول: بل هى جنة أرضية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة