وأسفاه على «أرض الرشيد»

الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 02:20 م
وأسفاه على «أرض الرشيد»
صبرى الديب

على الرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية والحياتية المتردية في العراق، إلا أن الواقع على الأرض يؤكد أن القادم قد حمل الأسوأ، في ظل أطماع "طائفية وعرقية ودولية" قد تكون البداية لتمزيق وحدة أرض الفرات، تحت رعاية قوى "أجنبية" يؤكد وجودها غياب تام لاستقلال القرار السياسي، وجيوش تسيطر عليها نعرة العرقية أو الطائفية،
 
وهى الصورة الحقيقية، التي تختلف تماما عما تصدره أجهزة استخباراتية وإعلامية عديدة تعمل على الأرض داخل العراق، في محاولة للتغطية على صراع القوى المشتعل، واختزاله  في "المعركة ضد داعش" ليفاجأ العالم داخليا وخارجيا بصراعات القوى حول "هوية الموصل" والتي قد تكون النتيجة الطبيعية لها، إما الجلوس والتوافق لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم "سنية، وشيعية، وكردية" وهو التوافق المستبعد، والذي من المستحيل أن يحدث دون الدخول في حرب أهلية طاحنة، قد تؤدى إلى احتراق العراق بكل من فيه من ثروات وطوائف
 
فالواقع يؤكد أن الجميع دخل معركة تحرير الموصل طمعا في ضمها لسيادته على حساب الطرف الأخر، دون النظر إلى وحدة العراق، باستثناء الجيش الوطني العراقي الضعيف للغاية، والذي لا يستطيع حسم المعركة بمفرده، خاصة وانه لم يتمكن بعد 14 عاما من حله وإعادة تكوينه عقب الغزو الامريكى في عام 2003، من الوصول إلى عُشر ما كان عليه من قوة.
 
 
حيث دخلت قوات "الحشد الشعبي" ذات الأغلبية الشيعية المعركة بكل ثقلها، لمنع القوى السنية من السيطرة علي  الإقليم وإعلانه دولة سنية مستقلة، وتضم تلك القوات ما يزيد عن 20 فصيلا، ينتمون جميعا لتيارات مختلفة، اجتمعوا تحت لواء "الحشد" استجابة لفتوى الجهاد الكفائى التي أطلقها المرجع الشيعي "أية الله السيستانى" وأبرز تلك الفصائل "سرايا السلام" التابعة لمقتدى الصدر، وقوات "منظمة بدر" التابعة لعمار الحكيم، و"عصائب أهل الحق" التابعة لقيس الخزعلى، و"كتائب بابليون" و"التيار الرسالى" المدعوم من حزب الله بقيادة عدنان الشحمانى عضو البرلمان العراقي السابق، و"كتائب النجباء" المدعوم من إيران بقيادة أكرم الكعبى، وكتائب حزب الله العراقي، و"سرايا الخرساني"، و"قوات الحشد العشائري السني"  التي تتكون من عشرات الصحوات التابعة للعشائر، إلى جانب العشرات من الطوائف الشيعية والسنية الأخرى.
 
وقد دعمت إيران تلك القوات بقوة،  تحت قيادة الأمين العام لمنظمة بدر"هادى العامري" وأمدتهم بالسلاح والمال وعشرات المستشارين العسكريين تحت زعامة القيادي بالحرس الثوري الايرانى "قاسم السليمانى" وساندتهم الحكومة العراقية بالاعتراف بهم رسميا كـ "قوات خاصة" وفصيل من فضائل الجيش، وأصبحوا يتقاضون رواتبهم، ويعتمدون في تسليحهم على الجيش، لدرجة أنه تم أشركهم في عرض عسكري قام به الجيش منذ عام تقريبا، بالقرب من ساحة الحرية في العاصمة بغداد.
 
 
وعلى جانب أخر، دخول قوات "البشمجركة الكردية" إلى المعركة لدعم بقاء الإقليم على هويته السنية، أو إعلانه دولة سنية، تدعم إعلان الدولة الكردية المستقلة في إقليم كردستان، ولاسيما وأن قيادات إقليم كردستان قد استغلوا حالة الضعف والوهن التي تعانى منه الدولة، وأعلنوا إجراء استفتاء على هوية الإقليم قبل نهاية هذا الشهر، وأصبح انفصالهم عن الدولة العراقية أمر واقع ينتظر فقط الشكليات.
 
وهو ما الأمر الذي تعارضه "تركيا" بقوة، وتعتبره قضية أمن قومي وتهديد لسيادتها، في ظل مطالبة الأكراد بحقوق وأراضى في جنوب تركيا لضمها إلى حلم الدولة الكردية، وهو ما دفع تركيا إلى الدفع بآلاف من قواتها إلى الاراضى العراقية منذ أكثر من عام، منعا لسيطرة الأكراد على الإقليم.
 
في الوقت الذي ظل فيه وجود القوات الأجنبية على أرض العراق  أمر واقعا يشكل تهديد لاستقلال قرارها السياسي، على الرغم من وجود رئيس، ودستور، وبرلمان منتخب، وذلك بسبب الإعلان المزيف من الولايات المتحدة بإنهاء الاحتلال، على الرغم من أن الواقع يؤكد استمرار وجود 5 قواعد عسكرية أمريكية منتشره على أرض العراق، ووجود نحو 10الاف عسكري أمريكي يملون ما يروه على الحكومة العراقية، وتدخل شركات الأمن الأمريكية في إدارة وحراسة كل الأماكن الحيوية ومراكز صناعة القرار في العراق.
 
كما لم تكف بريطانيا عن الدفع بقوات إضافية إلى الاراضى العراقية دعما لتواجدها، تحت مسمى تدريب القوات العراقية، إلى جانب وجود قوات أجنبية من العديد من الدول الأوربية الأخرى، تحت مسمى "مستشاريين عسكريين"
 
 
للأسف، لقد زرع الأمريكان فتنة "العرقية والطائفية" في ظل وجود قوى دولية تدعم هذا الاتجاه، ورئيس وحكومة وبرلمان منزوع الإرادة، لا يمتلك حتى حرية القرار.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة