الدين العام في مصر.. ماذا وراء الأرقام؟

الأربعاء، 06 سبتمبر 2017 11:27 ص
الدين العام في مصر.. ماذا وراء الأرقام؟
بورصة - أرشيفية
كتب يحيي ياسين_ محمد سيد

انتشر الحديث فى الآونة الأخيرة عن الدين العام الذى تجاوز 4 تريليون جنيه وارتفاع نسبته إلى الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 135% تقريبا لتتجاوز ضعف النسبة الآمنة وفقاً للمعايير الدولية: صندوق النقد والبنك الدوليين واتفاقية «ماسترخت» الأوربية، والتى تتراوح بين 40 -60 %، ومع ارتفاع سعر الفائدة - ارتفعت خدمات الدين العام لتتخطى الدعم والأجور وتصبح هى العبء الأكبر فى جانب المصروفات فى الموازنة العامة للدولة مستحوذةً وحدها على ثلث هذه المصروفات تقريباً.

معضلة الدين العام معقدة التركيب فيجب التفرقة بين شقي الدين العام حيث ينقسم إلى دين داخلى ودين خارجي الأول يكون بالعملة المحلية والدائنون هم مواطنو الدولة نفسها وهو أقل خطورة من الدين الخارجى حيث تكون الدولة مدينة لدائنين دوليين ويكون بالعملة الصعبة وبالتالى فهو يعتمد على سعر الصرف ومدى توافر النقد الأجنبى من مصادره المختلفة كالصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج.

مقارنة الدين العام بين بعض الدول

الدين الداخلى فى مصر يزيد عن 3 تريليون جنيه بينما وصل الدين الخارجى فى نهاية شهر مارس الماضى إلى 73.9 مليار دولار أى ما يزيد عن تريليون جنيه مصرى ولكن ما يلفت النظر هو معدل زيادة الدين الخارجى حيث يصل إلى حوالى 40%، ومؤشر نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى (الذى يربط بين ما تنتجه الدولة من سلع وخدمات - وبالتالى ما تستطيع تحقيقه من إيرادات - وبين مدى قدرتها على الوفاء بالتزامات الدين العام) فإن هناك مؤشر آخر يجب النظر إليه وأخذه فى الاعتبار حيث يعد مكملاً للمؤشر السابق وهو نصيب الفرد من الدين العام ووفقاً لهذا المؤشر فإن الدين العام يكون فى الحدود الآمنة طالما أن متوسط نصيب الفرد من الدين العام يقل عن 50% من متوسط نصيبه من الناتج المحلى الإجمالى.

الباحث الاقتصادى محمد سيد

وفى هذا السياق قال محمد سيد، الباحث فى الاقتصاد إنه يجب التفرقة بين العجز الكلى والعجز الأوّلى حيث أن العجز الكلى هو الفرق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها أما العجز الأوّلى فهو الفرق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها ولكن بدون احتساب مصاريف خدمة الدين العام.

وأوضح سيد، أن المشكلة الأكبر التى تؤدى إلى عدم الاستدامة المالية هى حدوث عجز أوّلى فى الموازنة العامة للدولة ما يعنى أن إيرادات الدولة لا تكفى مصروفاتها حتى مع استبعاد مصاريف خدمة الدين العام ما يؤثر بالسلب على الاستدامة المالية للدولة، ولكن فى العام الحالى تستهدف الحكومة تحقيق فائض أوّلى طفيف بمقدار 0.3% ما يعد خطوة صحيحة فى طريق إصلاح الموازنة العامة للدولة وإن كانت على حساب ضغط الإنفاق العام من خلال تخفيض الدعم على الكهرباء والمحروقات.

wqq

وأكد سيد، أن مشكلة الدين العام لا يمكن فهمها فقط بالنظر إلى نسبه الناتج المحلى الإجمالى حيث أن هذه النسبة فى اليابان مثلاً - وهى من الدول المتقدمة - تصل إلى 240%، وبناء يجب أن نأخذ فى الإعتبار بجانب هذه النسبة هيكل الدين العام نفسه، والاستدامة المالية أوالاقتدار المالي، والعجز أوالفائض الأوّلى، ومعدل النمو بالنسبة لكلاً من الدين الداخلى والخارجى حتى نتمكن من فهم الموضوع بصورة أكثر وضوحاً.

وبالتطبيق على الوضع فى مصر نجد أن نصيب كل مواطن مصرى من إجمالى الدين العام يساوى 48 ألف جنيه مصرى مقسمة إلى 34 ألف جنيه للدين المحلى بالإضافة إلى 14 ألف جنيه للدين الخارجى بينما متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى يساوى تقريبا 40 ألف جنيه مصرى وبالتالى فإن متوسط نصيب الفرد من الدين العام يساوى 120% تقريباً من متوسط نصيبه من الناتج المحلى الإجمالى أى أننا قد تجاوزنا بكثير الحدود الآمنة وفقاً لهذا المؤشر.

aaa

«Fiscal Sustainability»، مصطلح له علاقة وثيقة بالدين العام وهو الاستدامة المالية، والذى يعنى قدرة الدولة على خدمة الدين العام فى الأجلين المتوسط والطويل دون حدوث أزمات مالية او الاضطرار إلى تخفيض الإنفاق العام بنسبة كبيرة أو زيادة معدلات التضخم وتقليل معدلات النمو وللحفاظ على الاستدامة المالية فإن معدل نمو الدين العام لابد أن يكون أقل من أو يساوى أسعار الفائدة السائدة كما تتطلب أيضا أن يكون هناك تناسق بين معدلات نمو كلاً من الإيرادات والمصروفات العامة.

 وبالنظر إلى الوضع فى مصر نجد أن الفجوة كانت تتسع فى الأعوام السابقة بين كلاً من الإيرادات والمصروفات العامة، كما أن معدل نمو الدين العام (وهو 30% تقريباً) يزيد عن متوسط سعر الفائدة (وهو 20% تقريباً) ما يشير إلى فقدان الاستدامة المالية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق