«ستات الصعيد» يقاومن السرطان بـ«البتاو» (صور)
السبت، 09 سبتمبر 2017 06:00 م
ما بين وقت وآخر، تثبت العادات المصرية القديمة، أنها مستمدة من وعي وحكمة، وليست مجرد عادة توارثتها الأجيال حتى وصلت إلينا.
وعلى مدار السنوات الطويلة الماضية، عاش أهالينا في قرى الصعيد، على الخبز الشمسي، الذي يشتهر بينهم باسم "العيش البتاو".
وخلال رحلتنا في الصعيد، وتحديدا بمحافظة قنا، لاحظنا مدى حرص الأمهات على صناعة "العيش البتاو"، بصرف النظر عن الحالة المادية التي تعيشها هذه الأسرة، أو تلك، إذ بدا وكأنه أكلة أساسية لدى الجميع من الأغنياء، والفقراء.
واتفقت النساء جميعهن تقريبا، على أن العيش البتاو له فوائد صحية عظيمة، ذكرن منها أنه سريع الهضم، ولا يسبب زيادة في السكر بالدم، لكن هل هذا كل شيء؟
انتشار العيش البتاو، في قرى الصعيد، من أهم أسباب وقاية الأهالي من مرض السرطان، وهذا ليس مجرد رأي، وإنما حقيقة علمية، أثبتتها أبحاث أجريت على بعد آلاف الأميال من صعيد مصر، وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية.
الدراسة التي أجراها باحثون بجامعة ميتشجان، أكدت أن تسوية حبوب القمح، على حرارة الشمس، يؤدي إلى نشاط مضاعف لعدد من الإنزيمات التي تتمتع بها هذه الحبوب، مما يجعلها قادرة على لعب دور حيوي جدا في تنشيط خلايا الجسم، وحمايتها من الأورام الخبيثة.
وأكدت الدراسة، أن تسوية القمح في الأفران العادية، يقتل هذه الإنزيمات، ويفقدها قدرتها الفائقة على وقاية البشر من السرطان.
وأوضحت الدراسة أيضا أن مضادات الأكسدة التي تتمتع بها حبوب القمح، تزداد فعاليتها، وقوتها، عند التسوية على أشعة الشمس، وهو ما لا يتوافر في الخبز الذي يتم تسويته بالطرق المعتادة حاليا.
المدهش أن الدراسة أرجعت أسباب عدم انتشار أمراض السرطان خلال القرون الماضية، إلى تلك الطريقة الصحية في تسوية الطعام، وبالذات الخبز، الذي لا تخلو منه أي وجبة يتناولها الإنسان.
وتوصلت الدراسة ذاتها، إلى أن القيمة الغذائية الفعلية لـ"العيش الشمسي"، المصنوع من القمح، أعلى بنسبة تتجاوز 65 % من المعتاد في أنواع الخبز الأخرى.
وتروي إحدى السيدات في قنا لـ"صوت الأمة"، الطريقة المثلى لصنع الخبز الشمسي، كما تعلمته من جدتها قائلة: "يمر العيش الشمسي بـ6 مراحشل، تبدأ بعمل عجينة الخميرة في الليلة السابقة ليوم الخبيز، حيث يتم وضع الخميرة في إناء صغير، ويضاف كيلوجرام من الدقيق، وكمية من الماء الدافئ، ويتم العجن، حتى تصبح العجينة سائلة، ثم يُغطى الإناء بغطاء محكم، ويُترك حتى صباح اليوم التالي. وفي الصباح تقوم سيدة قوية البنيان ذات مهارة بعملية العجين".
وأضافت: "تستغرق مرحلة العجين ساعة تقريبا، وبعدها يتم تقريص، أو تقطيع العجين، في أقراص دائرية صغيرة، مثل البرتقالة، وتوضع على ’دورة’ أو سطح مستدير كالقرص، مرشوش بالردة، ثم يوضع العيش تحت أشعة الشمس حتى يختمر، ثم تقوم إحدى الفتيات المشاركات في العجين بعملية التجريح بواسطة شوكة نخيل أو إبرة خياطة نظيفة، وبعدها يتم وضع الخبز في الفرن البلدي، لاستكمال عملية إنضاجه، التي لا تستغرق وقتا طويلا، مما يحفظ له قيمته الغذائية".