قبل أسبوعين من الاستفتاء.. خلافات داخل «كردستان» تنذر بتكرار تجربة جوبا

الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 05:03 م
قبل أسبوعين من الاستفتاء.. خلافات داخل «كردستان» تنذر بتكرار تجربة جوبا
كردستان
محمود علي

قبل نحو أسبوعين من إجراء إقليم كردستان العراق استفتاء على الاستقلال، تطفو على السطح خلافات عدة بين الأحزاب الكردية الكبرى تنذر بقرب نشوب معركة واسعة بينهما داخل الإقليم، قد تحوله إلى شعلة من النار على غرار ما حدث في جنوب السودان من انقسام داخل الدولة المستقلة حديثًا، والتى تعاني منه البلاد حتى الآن أسفر عن مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين من المواطنين.

وبالرغم من تصوير الأحزاب المؤيدة داخل اقليم كردستان على أن الاستفتاء الذي سيشهده الإقليم في 25 سبتمبر الجاري، سيحمل في طياته الكثير من الإيجابيات على مواطني الإقليم بعد سنوات من الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة، إلا أن يرى عدد من الأحزاب السياسية داخل كردستان أن الاستفتاء يكرس عدم الاستقرار وسيجلب حروب مصالح الدول إلى الإقليم.

موقف حركة التغيير المعارضة


ترفض حركة التغيير الكردية اجراء الاستفتاء في ذلك الوقت، لاسيما وإنها ترى انه يأتي لصالح شخصيات سياسية على رأسها رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وتنظم الحركة ومقرّها الرئيسي في السليمانية مظاهرات ضد بارزاني بسبب مواصلة بقائه في منصبه رغم انتهاء فترة رئاسته، ما دفع رئيس وزراء الإقليم نجيرفان بارزاني في أكتوبر 2015 إلى إصدار قرار عزل رئيس برلمان الإقليم يوسف محمد التابع للحركة، ووزراء التغيير من حكومته.

ويقول عضو حزب التغيير المعارض عدنان عثمان في وقت سابق إن الاستفتاء لم يتم عن طريق المؤسسة التشريعية في كردستان حيث البرلمان معطل منذ سنتين تقريبا، مشيرا إلى أن الإشكالية مع الاستفتاء تتمثل في موعده والجهة القائمة عليه، مضيفًا أن الاستفتاء "قرار خطير وارتجالي من قبل قيادة الحزب الديموقراطي الكردستاني" بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، معتبرا أن التوقيت غير مناسب لعدم وجود «أرضية فعلية حقيقية من الناحية المالية والاقتصادية والسياسية».

وصدرت اتهامات من خصوم سياسيين لبارزاني بأن الاستفتاء ورقة ضغط يريد من خلالها تحقيق مكاسب سياسية وتعزيز شعبيته قبل الانتخابات المقبلة.

رئيس إقليم كردستان

ورغم هذا الرفض يؤكد رئيس اقليم كردستان أن «قرار الاستفتاء ليس قرار شعب واحد، بل قرار الكل فى الإقليم من كل القوميات والأديان»، قائلُا «حاولنا بناء هوية عراقية موحدة تحمينا لكن هذا لم يحدث، ونبحث عن صيغة جديدة وهى أن نستقل عن العراق والشعب يحدد مصيره».

واضاف أن الإقليم لا يهتم بالتهديدات لإشعال الحرب، مشيرا إلى أن أهالى كركوك هم من سيقررون مصيرهم، مضيفًا خلال اجتماعه مع عدد من شيوخ العشائر العربية والكردية فى كركوك.

الحكومة الكردستانية

 من جانب أخر تقدم حكومة إقليم كردستان كل الدعم لإقامة هذا الاستفتاء حيث قال رئيس وزراء إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني أن الاستفتاء على انفصال الإقليم حق طبيعي في ظل انعدام إمكانية للشراكة مع الحكومة المركزية في بغداد، مؤكدًا أن تقرير المصير لشعب الإقليم حق شرعي وطبيعي خصوصًا بعد التضحيات التي قدمها، معتبرا أنه لا توجد إمكانية للشراكة لعدم التزام الحكومة العراقية بالدستور.

حملة لا للاستفتاء الآن

في نفي الوقت إنطلقت الشهر الماضي حملة "لا للإستفتاء حاليا" بمشاركة عدد من البرلمانيين والشخصيات السياسية والأكاديمية في كردستان، وسط تأكيدات أن اجراء الاستفتاء في الوقت الحالي لايخدم المصالح العليا للشعب الكردستاني، وقال المتحدث بإسم الحملة رابون معروف في مؤتمر صحفي عقده بالمحافظة «اننا نعلن رسميا إطلاق حملة (لا للإستفتاء حاليا)"، مبينا أن "اجراء الاستفتاء في الوقت الحالي لايخدم المصالح العليا للشعب الكردستاني».

وأضاف معروف أن «هذا الإستفتاء ليست خطوة بإتجاه الاستقلال وتأسيس دولة جمهورية ديمقراطية عادلة، وإنما يهدف الى إجهاض الأهداف والتفكك»، مشيرا الى ان «هذا الإستفتاء هو خطوة لفقدان الأصدقاء ومساندي شعبنا على الصعيدين الدولي والإقليمي».

رئيس برلمان كردستان

وفي هذا السياق اقر رئيس برلمان كردستان العراق المعطل منذ فترة «يوسف محمد» بأن إجراء الاستفتاء حاليا سيؤدي بالاقليم نحو عدم الاستقرار وسيجلب حروب مصالح الدول إلى كردستان، وقال مكتب يوسف محمد في بيان أمس ، أن «إجراء الاستفتاء حاليا سيؤدي بالاقليم نحو عدم الاستقرار وسيحول قضايانا الى المستوى الإقليمي وسيجلب حروب مصالح الدول إلى كردستان، لافتا إلى أن تلك المشاكل بدأت بالظهور في المناطق الكردستانية الواقعة خارج إدارة الاقليم».

هل هو إعادة للتجربة الجنوب سودانية؟

يتخوف الكثير من المراقبون من إعادة تجربة جنوب السودان، والتي شهدت بعد استقلالها عن السودان حروبًا عدة، أسفرت عن الكثير من التداعيات الكارثية الاقتصادية والسياسية والأمنية والانسانية، فرغم أن جنوب السودان كانت تطمح قبل الاستقلال هي الآخرى في الآزدهار والتنمية، إلا أن مقاومتها ومواردها السياسية والاقتصادية لم تكن قادرة على أن تضع الدولة على خط طريق التنمية، فوقعت في فخ الاختلافات والانقسامات والتي أدت في النهاية إلى دولة مشرذمة تأمل في أن تعود إلى قبل الاستقلال، فهل تعيد إقليم كردستان تجربة جنوب السودان أم إنها لديها ما يؤهلها إلى ان تقدم تجربة فريدة من نوعها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق