في العيد السابق

الخميس، 14 سبتمبر 2017 01:03 م
في العيد السابق
هبة العدوى تكتب :

صحوت من نومي وزوجي مفزوعين علي أصوات رن جرس باب المنزل المستمرة  في الثالثة فجرا .. أحدهم كاد يسرق سيارتنا ..همّ بقذف زجاجها بحجر كبير هشّم زجاج مقعد السائق تماما.. لكنه لم يستطع أن يسرقها أو يسرق منها أي شيء..
 
وكانت بطلة تلك الحدوتة، جارتنا الصغيرة ذات الإثني عشر عاما ..التي كانت كعادتها تسهر في شباك منزلها .. رأته يحوم حول السيارة ..إختئبت في ستارة شبّاكها .. وعندما كسّر الزجاج نادت باعلي صوتٍ لها في الشارع:
- (حراامي ..حرااامي)..
 
بالطبع فرّ الحرامي سريعا ..فكل سارق خطّاء, هو جبان النفس لو فقط تصدي له الإنسان بشجاعته الحرة ..  مثل تلك البنوتة جارتنا.. 
 
منذ سنوات..
أمر أنا وإبنة خالتي في شارع منزل والديّ ليلاَ, أري شخصا غريبا يدس مفتاح في باب  سيارة تركن في العمارة التي تبعد عن منزلنا مسافة بسيطة ..كان مرتبكا .. يجرب المفتاح الذي في يديه مرة وإثنتان وأكثر ..ألاحظه ..أهمس لها قائلة:
-الراجل ده شكله حرامي ..إحنا نمد خطوتنا عنه مسافة معقولة وننادي بأعلي صوتنا (حراامي .. حرااامي ) ..يالا بينا..
بمجرد علو صوتي, فرّ الشخص هاربا ..بالفعل كان سارقا.. 
 
إن جالك .. (الطوفان) ..
المثل المصري الشهير والذي يكملونه بجملة ( حط إبنك تحت رجليك ) ..هل يمكن أن يكون كذلك ؟..هل يمكن أن يعلو صوت مصلحتي الخاصة إن رأيت طوفانا سيغرقني إلي الدرجة التي أدوس بها علي ابني ؟
بالطبع لا يقصدون بالإبن المعني الحرفي .. ولكن القصد ان أدوس علي ( كل ما يقع في أهمية إبني ) ؟
وماذا يفيدني وقتها لكي أعيش  ؟ ..وهل كل من يعيش ومكتوب علي قيد الأحياء هو حيّ بروحه الحرة وقلبه السليم ؟
 
(مكان آمن) ..
وضعنا سيارتنا  ( المهشمة زجاجها ) في مكان آمن .. ذلك أن صاحب عمارتنا قد أحال الجراج الخاص بالسكان إلي زاوية للصلاة (مسجد صغير ) ..ولا أحد بالطبع يستطيع ان يناقشه فيما فعله.. 
وبالصدفة كان هذا المكان هو نفس المكان الذي وضعت فيه يوما  قطيطة صغيرة صادفتني في منتصف الشارع فخفت عليهاو أخذتها وأولادي وأحد جيراننا ووضعناها في نفس المكان الذي وضع فيه زوجي سيارتي المهشمة..
صليت لله ركعتين أشكره فيه حفظه لما آتانا من فضله..
وفي صباح اليوم التالي ..ذهبت لجارتنا وأحضرت لها هدية ..شكرت والديها علي حسن وحرية تربيتها  التي أثمرت شجاعتها .. 
الهدية كانت إيشارب وعقد فضيّ ومصحف..
 
في سورة القصص:
بسم الله الرحمن الرحيم 
( أحسن كما أحسن الله إليك )
صدق الله العظيم 
لماذا لم تقل لنا الآية الكريمة.. أحسن كما أحسن (  الناس ) إليك ؟ .. وكانت كما أحسن ( الله ) إليك ؟ 
نحن إذن نعامل الله ..لا البشر عباد وعبيد الله..
هذا إن كنا قد آمنا به ( الرحمن الرحيم )!! 
 
(الفيس بوك و الخذلان) 
يوميا كلما فتحت صفحتي علي الفيس بوك, أري بوستات تصب كلها في معني واحد .. (خذلان البشر وضرورة رد معاملتهم بمثلها ..ضرورة التوقف عن العشم).. 
قد تكون الناس قد اصبحت أخلاقها أكثر سوءا, فصار خذلانهم نتيجة طبيعية لهذا الإنحدار الأخلاقي ..
أحد أصدقائي منذ خمسة عشر عاما, حدثني أنه يسبق -في معاملته للناس - (سوء ظنه ) حتي يثبت العكس ..أتذكر وقوفي أمامه مذهولة .. فذلك تماما عكس ما أمرنا به الله .. وعكس ما أتعامل به كإنسانة مع خلق الله.. 
فالحقيقة العلمية أنك إذا إنتهجت مبدأ سوء الظن في الناس, لن تري غيره أبدا مهما كانت حقيقة هؤلاء الناس .. لأن تركيزك عليهم السلبي سيلغي أي خلق إيجابي في هؤلاء الناس .. فلن تراه حتي وإن كان موجودا..
 لن تري إلا ما تظن أنه بالفعل موجودا.. 
 إذا كنت تتمتع بالحكمة فستحسن الظن إلا قليلا في كل الناس ..هذا القليل هو من الحذر الذي يمنع عنك إصابتهم لك بالخذلان  ..
خذلني الكثيرون .. بالتأكيد أعدت حساباتي ألف مرة .. وفي كل مرة لا أجد أمامي سوي: 
( أحسن كما أحسن الله إليك).
 
(خوف)
أشعر بالخوف بعد محاولات سرقة سيارتي .. ماذا لو إستوقفوني في الشارع وأولادي ؟ 
أهم بتذكر فضل الله عليّ و علي جارتي الطفلة بالشجاعة .. 
أتسائل من الذي أيقظ فتاة في ظلمة الليل ؟
من الذي جعلها تري في الظلام الحالك, سارق سيارتي ؟
من الذي وهبها تلك الشجاعة الفائقة فنادت فيه بأعلي صوتها ؟؟ 
إنه الله .. والعمل الصالح الذي لا يضيعه أبدا الله 
 
(مصر في الطوفان)
 طوفان التعويم و إرتفاع الاسعار وانخفاض قيمة الجنيه امام الدولار .. كل شيء مستورد تقريبا،
 اذن عزيزي المصري انت في الطوفان الذي ان جمعته + مع الانحدار الأخلاقي ستخرج لك نتيجة منطقية لهذا التفاعل الكيمائي = البيوت المصرية في الطوفان من ساسها لراسها..
كثرة السرقة إذن منطقية ..
 ازدياد حالات الطلاق عن ما كانت عليه من زيادة منطقيا  ..
 سوء الاخلاق اكثر مما كانت عليه منطقيا ..  
اما ما هو غير منطقي فهو ان نظل ننحدر بنفس السرعة نحو اللامجتمع .. فالأخلاق هي قوام المجتمعات في كل العالم .. هي قانون لكل أهل الارض .. 
 
  (عزيزي المصري )
ان جالك (الطوفان ) اوعي تحط ابنك تحت رجليك قِف انت وابنك وساعد كل اللي تقدر عليه من الناس اللي حواليك
فأنت إن لم تكن تري الله فهو يراك ..فاحفظه,  يحفظك  من كل سوء..
 وكن موقن ان ما تساعد به غيرك, سيرجع لك من نفس جزاء عملك ..
 
ما رأيكم إذن أن نغير المثل الشعبي ونصنع بديلا له وليكن :
 
(إن جالك ) الطوفان .. ( خللي بالك ) من كل اللي حواليك !!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة