أثري يستعرض تاريخ مقاهي القاهرة القديمة.. ويؤكد: متاحف حية تحافظ على الهوية المصرية

الجمعة، 15 سبتمبر 2017 02:33 م
أثري يستعرض تاريخ مقاهي القاهرة القديمة.. ويؤكد: متاحف حية تحافظ على الهوية المصرية
مقاهى
وكالات

أكد الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الاسلامية والقبطية، أن مدينة القاهرة تتميزعن غيرها من مدن العالم بانتشار المقاهي التي يرتادها قاطني المدينة العتيقة أو الوافدين اليها من روافد القطر، موضحا أن المقاهي المصرية القديمة هي جزء لا يتجزأ من التراث المصري برافديه المادي والمعنوي وتعد متاحف حية تستعرض الحياة القاهرية القديمة و تحافظ على أجزاء مهمة من الهوية المصرية القديمة.

 

وقال الزهار، في تصريحات صحفية، إنه لا يوجد مصدر تاريخي يحدد تاريخ نشأة المقاهي في مصر، لكنها لا تزال جزءا من السمات العامة للحياة القاهرية، مشيرا إلى أن أسمها اشتق من مشروب القهوة، التى عرفها المصريون في القرن السادس عشر الميلادي، وهو المشروب الذي حرمه البعض لما اعتقدوا فيه من ضرر حتى تم إجازتها في بدايات القرن العاشر الهجري.

 

وأضاف أن عددا من المؤرخين رأوا أن المقاهي كانت في السابق معدة لتناول مشروبات أخرى و لكن بدخول القهوة وإجازتها في مصر فقد كانت مرحلة جديدة في حياة تلك الأماكن، لافتا إلى انه كان ثمة توصيفات دقيقة عن المقاهي، حيث يذكر إدوارد وليم لين، الذي عاش في القاهرة في بدايات القرن الـ 19، في كتاب «المصريون المحدثون» (أن القاهرة بها أكثر من ألف مقهى، والمقهى غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية على شكل عقود، ويقوم على طول الواجهة، ما عدا المدخل، مصطبة من الحجر أو الآجر تفرش بالحصر ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثة وعرضها كذلك تقريبا).

 

وتابع لين وصف فى كتابه المقهى: بأنه يوجد بها مقاعد خشبية على جانبين أو ثلاثة، ويرتاد المقهى أفراد الطبقة الوسطى والتجار وتزدحم بهم عصرا ومساء، وهم يفضلون الجلوس على المصطبة الخارجية، ويحمل كل منهم شبكة الخاص وتبغه، ويقدم «القهوجي» القهوة بخمس فضة للفنجان الواحد، أو عشرة فضة للبكرج الصغير «براد خاص للقهوة» الذي يسع ثلاثة فناجين أو أربعة، ويحتفظ القهوجي أيضاً بعدد من آلات التدخين من نرجيلة وشيشة وجوزة، وتستعمل هذه الأخيرة في تدخين التمباك والحشيش الذي يباع في بعض المقاهي، ويتردد الموسيقيون، والمحدثون على بعض المقاهي، في الأعياد الدينية خاصة.

 

وأشار الزهار إلى أن المقاهي قديما كانت تمثل منابرا ثقافية و مراكز للإشعاع الفني، فقد كان يعقد بها قصص السير الشعبية و الملاحم خاصة المجموعات التي عرفت حينها بـ «الهلالية» و ذلك لتخصصهم في رواية السيرة الهلالية، كما كانت هناك قصص أخرى تروى مثل «الف ليلة و ليلة و عنترة العبسي و وسيف ابن ذي يزن»، و كانت تستخدم الآلات الموسيقية مع تلك الروايات الفنية كالعود والربابة، و مع انتشار الراديو في المقاهي بدأت تختفي تلك الفنون إلا فيما ندر.

 

وأكد أن العصر الذهبي و قمة تألق المقاهي المصرية كان في الفترة من العشرينيات حتى الأربعينيات حيث انتشرت المقاهي بشكل أكبر وأصبحن مراكز للحركة الوطنية فضلا عن دورها الثقافي والتنويري والفني وأيضاً الاجتماعي وقد اشتهر عدد كبير منها ورسخ في الوجدان المصري سواء ما تبقى منها الى يومنا هذا أو ما اندثر.

 

واستعرض الزهار عددا من من تلك المقاهي التي شهدت على مراحل تاريخية مهمة فى القاهرة، ومنها مقهى «نوبار» والذي حل محله مقهى المالية، وكان يعد مركزاً مهماً للمطربين حيث كان يعقد فيه عبده الحامولي جلساته الطربية، ومقهى «السنترال» فى ميدان الأوبرا ثم تحول بعد ذلك إلى ملهى «صفية حلمي» ويضم كازينو«الأوبرا» و قد كان أشبه بصالون ثقافي للأعمال الأدبية و كان الأديب الكبير نجيب محفوظ يعقد به ندواته في الجمعة من كل أسبوع.

 

ولفت إلى مقهى «متاتيا» في ميدن العتبة الخضراء، الذى ارتاده جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده و سعد زغلول وعباس العقاد و المازني، وبالقرب من الموسكي توجد مقهي «القزاز»، وكان زبائنها غالباً من الوافدين من الريف والصعيد، كما اشتهر في شارع محمد على قهوة «التجارة» ذلك المقهي الذى كان مقراً للفنانين والعازفين والفرق الموسيقية، وغير ذلك من المقاهي التى كان لها طابعاً مميزاً كمقهى الفيشاوي وريش وعرابي وغيرهم.

 

وأشار إلى أهمية ان تضع الدولة المصرية تلك المقاهي التاريخية نصب أعينها للحيلولة دون فقد ما تبقي منها مثلما حدث فى السنوات السابقة من فقد عدد كبير من تلك الأماكن التى تعد متاحف حية تحافظ على أجزاء مهمة من الهوية المصرية القديمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق