المسكُوت عنه في «مذكرات» عمرو موسى

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017 06:00 م
المسكُوت عنه في «مذكرات» عمرو موسى
عمرو موسى
محمد أبو ليلة

في الجزء  الأول من مذكراته التي حملت اسم «كتابيه» تحدث الأمين العام الأسبق لجماعة الدول العربية والمرشح الرئاسي الأسبق عن أسرار وكواليس تمس شخصيات سياسية، أثارت حالة من الجدل الواسع داخل المجتمع المصري، فهوجم موسى على ما كتبه داخل أوراق مذكراته، حيث تحمل كل حلقة من حلقات كتابه قصص وروايات تحمل كثير من الجدل.
 
البعض لام على «موسى» لأنه لم يذكر وقائع بعينها في مذكراته أو بمعنى أصح فهو تجاهل أحداث قد تُدينه أو تُدين عدد من المقربين له.

عمرو موسى وشقيقه

من بين هذه الوقائع التي تجاهلها موسى هي قصة شقيقه من أبيه ومن أم فرنسية ومنصبه الرفيع في فرنسا،  حيث قال موسى نصاً في مذكراته: بعد سنتين من ولادتى، ولد أخ لى هو طارق موسى غير أنه توفى طفلا،  بعد ذلك بقليل قيل لى إن لى أخا آخر يعيش فى فرنسا من أم تزوجها أبى وهو يتلقى العلم هناك واسمه «على»، ثم أصبح «بيير» وقد ولد فى 3 مارس 1922، أى أنه يكبرنى بـ14 سنة، حاول أبى أن يأتى به إلى مصر قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية إلا أنه واجه معارضة شديدة من أمه، التى تمسكت بأن بقاءه فى فرنسا أفضل له من العيش فى الشرق، وأن ذلك ــ وفقا لما تراه هى ــ يصب فى مصلحته.
 
21764484_10159360912310343_1412540626_o
 
 
وتابع موسى: تمر السنون والسؤال عن مصير أخى يكبر بداخلى، صار لغزاً كبيراً فى حياتى أعمل جاهدا على حله، قبل وصولى برن أجريت محاولات عديدة للبحث عنه لكنها فشلت، وفى إحدى الإجازات التى أمضيتها فى باريس سنة 1962/1963 هدانى تفكيرى للبحث عن اسمه فى دفتر التليفونات الخاص بهذه المدينة. لم أصدق نفسى عندما وجدت اسمه مكتوبا فى هذا الدفتر، وتقابلنا، انتهى اللقاء بأن اتفقنا على مداومة الاتصال دون الإعلان عن أخوتنا بالنظر إلى ظروفه الخاصة، فضلا عن أن العلاقات المصرية ــ الفرنسية لم تكن فى أحسن حالاتها، وخشى من تأثير ذلك على مكانته فى فرنسا، وهو ما تفهمته بشدة، فهو ينطبق علىّ أيضا، وإن بشكل أقل.
 
مضت الأمور فى أوقات لاحقة بتبادل الزيارات بينى وبين أخى، دعوناه ــ زوجتى وأنا ــ لزيارة القاهرة مع زوجته، واستضفناه فى منزلنا فى «سيدى عبد الرحمن»، ثم دعوناه مرة أخرى إلى حفل زفاف ابنتنا هانيه، وحضر أيضا مع زوجته. بيير موسى واحد من أهم وأشهر رجال البنوك فى فرنسا، معروف بكفاءته العالية فى عالم المال والبنوك، وله عدة كتب منشورة ومقروءة. تزوج ولم ينجب، ولايزال حيا. وأزوره مرة كل شهرين.

تُهم بالتربح والفساد

لكن موسى أغفل كثيراً من التفاصيل حول شخصية أخيه، الذي كان ذو منصب اقتصادي مرموق بفرناس عام 1981، فبعد شهر واحد فقط من انتخاب «فرنسوا ميتران» أمين عام الحزب الاشتراكى الفرنسى، رئيسا لفرنسا في تلك السنة، تناقلت العديد من وكالات الأنباء «الفرنسية» والعالمية ما وصفته بفضيحة بنك «بيرسبيس الفرنسي»، الذي كان يُديره شقيقه، حيث وجهت شرطة مكافحة الاحتيال الفرنسية لـ 88 عميلاً بالبنك وأربعة ضباط بالبنك تُهما مختلفة، منها: استخدام طرق غير قانونية لتهريب ملايين الدولارات خارج البلاد، وإيداعها بنوك سويسرا، فضلا عن مدير البنك السابق «بيير موسى»، الذى اتهمته السلطات بمساعدة أحد رجال الصناعة «الأثرياء» على تهريب 35000 قطعة عملة ذهبية خارج البلاد بعد.
 
ميتران
 
 
هذه الاتهامات جعلت شقيق موسى عدو للشعب الفرنسي الذي كان يسير وقتها نحو إصلاحات اشتراكية وكان هو رجل رئسمالي، وقتها سُجن بير موسى خمس سنوات بتهم التربح والفساد، وبعدها تجاوز الرجل أزمته، وعاود نشاطه الاستثمارى في فرنسا مرة أخرى.
 

هدايا القذافي

في الحلقة السادسة من الجزء الأول من مذكراته ذكر عمرو موسى علاقته بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي قائلا: بعد تعيينى بفترة قصيرة جاء القذافى فى زيارة إلى القاهرة نصب خيمته الشهيرة فى قصر القبة الرئاسى؛ ولأنه كان يتشكك فى شخصى وفى نواياى أرسل هدايا تذكارية (ساعة يد) لكبار المسئولين المصريين، أعضاء الوفد الرسمى الذى خاض مباحثات مع الوفد المرافق له إلا وزير الخارجية. كان قد وصلنى ما يردده بشأنى، لكننى لم أحاول أن أنفيه إطلاقا. تجاهلت الأمر تماما عندما التقيته فى مصر ومن قبل ومن بعد عندما التقيته فى طرابلس أو فى غيرها، ربما عكس ما توقعه هو أو أراده.
 
وأضاف: عد أن ظهرت توجهاتى ومواقفى فى الأطر العديدة للدبلوماسية العربية والدولية قال القذافى: «كنت متحفظا إزاء عمرو موسى؛ لاعتقادى أنه أمريكانى، لكننى أدركت كم كنا مخطئين؛ لأن التجربة أثبتت أن موسى رجل وطنى صميم». بعد نحو سنة وجدته يرسل لى بدون مناسبة «ساعة» وكانت هى «ساعة اليد»، التى احتفظ بها ولم يهدها إلى فى زيارته للقاهرة، باعتبار أنه اكتشف أننى عربى لا أمريكى.
 
2017761885926
 
 
لكنه فور اندلاع ثورة يناير في عام 2011 وقت أن كان عمرو موسى لا يزال في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية وكانت الثورة الليبية في بدايتها، ظهر القذافي على التلفزيون الليبي يُهاجم عمرو موسى ويقول أنه كان يستخدم طائرة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري كما يستلم منه أموالاً قدمها إلى موسى من بينها سيارة قيمتها 42 الف يورو.
 
بعدها أجرى «موسى» مقابلة صحفية مع جريدة «صوت الأمة» عام 2011، قال فيها نصاً: أما عن إعطائي أموالا فهذا محض افتراء وخروج عن قواعد الأدب وأقول له- يقصد القذافي- إذا كان لديه إثبات علي ادعائك فلتخرجه وأتحدي أن يثبت أنني أخذت منه مليما واحدا، إن القذافي راجل كحيان (بخيل) كان يمتنع عن دفع مساهمات ليبيا في الجامعة حتى القمة الماضية وأخذنا الفلوس منه بخلع الضرس.

موقعة الجمل 

حتى الأن نشر عمرو موسى الجزء الأول من مذكراته التي تتضكن فترة عمله وزير للخارجية فقط، ولا يزال الجزء الثاني والثالث لم يُنشر بعد، لكن موقف عمرو موسى كان غامض من ثورة 25 يناير خلال فترة الـ 18 يوم قبل تنحي مبارك عن الحكم، فلم يؤيد موسى مطالب ثوار يناير وقت إندلاع الثورة، ولم يتحدث عن يناير ومطالبها إلا وقت انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012، وقت أن كان مرشحاً.
 
 
camel_18463_6119
 
 
وروى الكاتب الصحفي علاء الغطريفي في مقال نشره بجريدة المصري اليوم منذ أيام أنه في صباح الثانى من فبراير 2011 يوم «موقعة الجمل»،  كان متوجه على رأس فريق لبرنامج تلفزيوني شهير من أجل تسجيل حوار مع عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية وقتها، للحديث عن الثورة المصرية ورؤيته لها، لكن  الأخبار القادمة من ميدان التحرير أزعجت موسى الذى استعجل فريق الاعداد التلفزيوني أكثر من مرة عبر مساعديه لإجراء الحوار لمغادرة المكان سريعا، وإزاء المشهد الملتهب خارجا طلب موسى من رجاله أن يصعد للدور الأخير للجامعة ليرى بنفسه ما يحدث فى الميدان، وبعد دقائق نزل الأمين العام مسرعا وطلب تأجيل الحوار ولم يكن وحده الذى طلب.
 
ويتابع الغطريفي: لا أعلم هل غادر موسى المبنى عندما رأى الحشود فى الميدان والأجواء المحيطة بالمكان أم أنه أبلغ أن شيئا ما سيحدث فى وقت لاحق؟ وعندها طلبنا مغادرة المكان فكان الرد علينا «ستخرجون على مسؤوليتكم الشخصية.. ليس لنا علاقة بأمنكم» خرجنا ونحن لا نعلم ماذا سيحدث لنا فى الخارج؟ فنحن نخرج من أحد المبانى الرسمية المؤمنة «فمن نكون ومع أى جانب؟.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق