إعلام الحواووشي والسلطات والحلو عليك

الجمعة، 22 سبتمبر 2017 10:05 م
إعلام الحواووشي والسلطات والحلو عليك
أحمد إسماعيل يكتب:

منذ أيام نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا عن المحلل السياسيى المصري المقيم بالولايات المتحدة حاتم الجمسي، سلطت فيه الضوء على الجانب الآخر من حياته كصاحب مطعم بمدينة نيويورك، يستمتع بتقديم الطعام لزبائنه وتبادل الأحاديث المرحة معهم.وأوضحت الصحيفة أن الجمسي يظهر بين حين وآخر على شاشات القنوات المصرية ليتحدث عن السياسة الأمريكية أو الحياة في نيويورك أو أي أمور تخص الشأن الأمريكي عمومًا، لكن أحدًا من المشاهدين المصريين الذين يطالعون مداخلاته لا يعرف تقريبًا أن هذا الرجل الذي يحلل قضايا كبرى، من كوريا الشمالية إلى سياسات الهجرة، هو ذات الرجل الذي يقدم الشطائر لزبائنه ويمتلك مطعماً فهل هدفهم بهذا التقرير هو فضح الإعلام المصرى والخبراء الاستراتجيين الذين يظهرون لنا على الشاشات ويحللون كل شىء على أساس أنهم أصحاب خبرة ومعرفة ودراسة؟.
 
ولكن بعد ظهور حقيقة حاتم الجسمى يجب على قنواتنا أن تتوخى الدقة وهى تختار من يتحدثون إلينا بوصفهم خبراء، فلا تستضيف إلا من هم خبراء فى المجال الذي يتحدثون فيه بالفعل، وعدم استسهال الإلتقاء بأنس من على قارعة الطريق، أو من زبائن المقاهى، أو المدعين، حتى لايشوهون صورتنا ويقدمون إلينا معلومات تضر بنا وتسيء إلى بلادنا، وهذا الأمر المؤسف لا يقتصر على البرامج السياسية فقط، فمنذ عدة أشهر استضافت قناة مصرية كبيرة مطرب شاب وكان موضوع اللقاء عن مقابلته للرئيس السيسى وعندما كنت أشاهد الحلقه وجدته شخص آخر غير هذا المطرب ويدعى أنه من قابل الرئيس وبحكم عملى فى المجال الفني ومعرفتى بالعديد منهم ومقابلتى لهذا المطرب سابقاً عرفت أن من استضافته القنان شخصاً أخر ليس هو الممطرب الشاب الذى استقبله الرئيس، ومع ذلك استمر الضيف المزيف على الهواء لمدة ساعتين وظلت المذيعه تتحدث معه عن أغانيه ومقابلته للرئيس وظل يكذب وعندما طلبوا منه أن يغنى اعتذر لأنه مريض ولايستطيع الغناء حتى لايبدو صوته سيئا، ولم تكتشف المذيعة هى وفريق إعداد البرنامج أنهم يتحدثون ويستضيفون نصاباً، وليس الشخص صاحب الواقعة الحقيقية، وعلمت بعد هذة الفضيحة التى لم ينتبه لها أى مسئول من القناة الا بعد انتهاء الحلقه بساعات عندما قام المنتج الذى يرعى هذا الفنان بالتواصل معهم وتحريره محضر رسمي ضد هذا الشاب والقناة لاستغلال اسم مطربه وأغانيه دون موافقه منه، وللأسف ضحت القناة بأصغر المعدين سنا وخبرة بدلاً من أن تعاقب الكبار الذين ساهوا فى تلك الفضيحة، وهكذا فمن الواضح أن استسهال صُناع الإعلام عندنا هو السبب فما وصلنا اليه من الاستخفاف بعقل المشاهد ولهذا ادعو كل رؤساء القنوات بالتعامل مع صحفيين ومعدين لهم اسمائهم ويعرفون قواعد وأسس مهنه الاعلام وعدم التعامل مع معدين لا يعرفون شيئا ًعن الاعلام، وأطالبا الهيئة الوطنية للاعلام بمساندة اصحاب المهنة الحققين والعمل على تنظيمها وارساء قواعد سليمه ومعاير يتم تطبيقها على كل العاملين بهذ المجال لأن الاعلام اصبح حاليا هو السلاح الفعال فى مواجهة كل ما يحيط بنا من مشاكل فكيف يثق فينا الجمهور بعد كل هذة السقطات الت قد تنهى على المهنة.
وبحسب تصريحات الجمسي لـ "نيويورك تايمز": ان ظهوره على الشاشات بدأ بكتابته مقال رأي لإحدى الصحف المصرية تنبأ فيه بفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت كانت منافسته هيلاري كلينتون متقدمه عليه بفارق 20 نقطة، واجتذب المقال انتباه مسئول ما في قناة "نايل تي في" المصرية، فرتب مداخلة معه للحديث عن الانتخابات الأمريكية.وبدأ وجه الجمسي يصبح مألوفًا على القنوات مع ازدياد طلبات ترتيب المداخلات معه.
و أخلاقيات الصحافة هي أحد أفرع أخلاقيات الإعلام الأفضل تحديدًا، وخاصة لأنها عادةً ما تدرس في كليات الصحافة. وتميل الأخلاقيات الصحفية إلى السيطرة على أخلاقيات الإعلام، حتى أنها غالبًا ما تستثني المجالات الأخرى.
 
وهناك نوع اخر من الاعلام الذى يهوى ان يصدر تصريحات غريبه ومثيرة بحثاً عن الاثارة دون معرفة ما يترتب عليها من نتائج قد تضر بمجتمعنا وديننا مثلما ما حدث عندما سادت حالة من الجدل عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" حول الفتوى التى أطلقها الدكتور صبرى عبد الرؤوف، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، والتى أفتى فيها بأن معاشرة الزوج لزوجته الميتة حلال، ولا يعد "زنا" ولا يقام عليه الحد أو أى عقوبة، لأنها شرعا أمر غير محرم، والفعل الحقيقى أنها زوجته، حيث رفض رواد فيس بوك، الفتوى التى وصفوها بالمثيرة.
 
وانطلقت حملات التشكيك فى الازهر ورجاله ولكن من المؤكد أن استاذ الفقه لم يقصد ذلك وليس كل ما نعرفه يصح أن نقوله ويجب أن يكون من يخرجون من المؤسسات الدينة للحديث فى الاعلام يعرفون أصول المهنة وألاعيب الاعلام وان يكون هناك تنسيق بينهم لمعرفه تفاصيل اللقاء وماذا سيقول من يمثل هذه المؤسسة ولهذا ليس من العيب أن تستعين هذه المؤسسات بخبراء وشركات إعلاميه لتنظيم لقاءاتهم التليفزيونية والصحفية وان يكون ظهورهم مدروس لأن للإعلام دوراً كبيراً فى اهتزاز وتشويه صورة المؤسسات الدينية من خلال إثارة قضايا خلافية ودفع الضيوف للمشاركة فيها، بدلاً من مناقشة هموم ومشاكل الناس وقضايا الوطن وهى كثيرة أولى بالنقاش بدلاً من قضايا عقيمة لا يجوز الخوض فيها من الأساس.
 
 واستكمالا للتأكيد والتدليل على الفوضى الإعلامية التى تتبعها بعض القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام، شاهدت منذ فترة فيلما أجنبياً كنت قد شاهدته من قبل عدة مرات، ولكنه لم يستوقنى إلا بعد أحداث يناير وهو فيلم "فانديتا " الماخوذ من رواية مصورة من تأليف الكاتب آلان مور وقام ديفيد لويد برسم معظم رسوماتها، ونشرتها دار دي سي كوميكس. وقامت شركة وارنر بروذر بتحويلها إلى فيلم وتم إنتاجه سنة 2005م.
 
تدور أحداث هذه الرواية في فترة ما بعد نهاية العالم في المستقبل القريب للمملكة المتحدة حيث ينتشر الفساد بالمجتمع، تصور القصة التاريخ المستقبلي للمملكة المتحدة في التسعينات والذي سبقته حرب نووية في الثمانينات أدت إلى دمار العالم، على الرغم من أن معظم الأضرار التي حدثت في البلاد كانت بطرق غير مباشرة من خلال الفيضانات وتلف المحاصيل؛ إلا أنه في هذا الزمن المستقبلي ظهر حزب فاشي يدعى "نورسفاير" أباد معارضيه وألقى بهم في معسكرات الاعتقال وهو الآن يحكم البلد وجعل منها دولة بوليسية. أما بطل القصة، "في" (V)، فهو رجل ثوري مثير للشغب يرتدي قناع غاي فوكس، بدأ حملة ميدانية مدروسة وعنيفة للقضاء على سجّانيه السابقين وإسقاط الحكومة ولإقناع الشعب بأن يحكموا أنفسهم.
 
وجدت ما يحدث فى الإعلام المصرى والعربى قبل احداث يناير هو ما يحدث فى هذا الفيلم كأننا نعيشه على الواقع لهذا يجب أن نستعيد قوانا الاعلامية الصحيحة وأن تعود مؤسسات الدولة الاعلامية لدورها الحقيقى، وتقدم إعلاماً هادفاً وقوى يساعدنا على التغلب على ما يحدث فى عالمنا العربى من فوضى، أعلام توعوى تنموى يعلم الناس أن يكونوا منتجين، ملتفين حول قائدهم وحكومتهم من أجل أن نعوض سنين المعاناة، ونعود إلى ريادتنا فى كافة المجالات.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة