«صاحب الاستشراق» يُنعي القضية الفلسطينية

إدوارد سعيد.. مجازُ نام على ضفَّة النهرِ (بروفايل)

الأحد، 24 سبتمبر 2017 05:00 م
إدوارد سعيد.. مجازُ نام على ضفَّة النهرِ (بروفايل)
إدوارد سعيد
محمد أبو ليلة

"نيويورك.. إدوارد يصحو على كسَل الفجر.. يعزف لحناً لموتسارت.. يركض في ملعب التِنِس الجامعيِّ.. يُفكِّر في رحلة الفكر عبر الحدود.. يكتب تعليقَهُ المتوتِّر.. يلعن مستشرقاً.. على الريح يمشي.. وفي الريح يعرف مَنْ هُوَ".. كان الشاعر الفلسطيني محمود درويش يُرثى صديقه إدوار سعيد بهده الكلمات ضمن قصيدة "طباق" التي كتبها درويش خصيصاً في عام 2004 كي يُرثي إداور سعيد "فَرَسٍ مثخناً بالمجاز الجميل.. فليس الجماليُ إلاَّ حضورالحقيقيّ في الشكلِ".
 
في عام 1975 وبينما كان المفكر الفلسطيني إدوار سعيد يعمل أستاذاً زائراً في جامعة ستانفورد، جال بخاطره أفكار عن نظرة الغرب للمجتمعات العربية ودول الشرق الأوسط، لكنه كان يُدرك في قرارة نفس بأن «هناك تحيز مستمر وماكر من دول مركز أوروبا تجاه الشعوب العربية الإسلامية».. هذه الأفكار والكلمات بلورها «سعيد» كفكرة لبداية كتابه «الإستشراق»، ذلك الكتاب الذي أحدث ثورة فكرية لدى عدد كبير من دول الغرب وتغيير نظرتهم تجاه الشرق الأوسط.
 
حيث قدم «سعيد» الذي توفى في مثل هذا اليوم منذ عام 2003، عن عمر يناهز الـ 67 عاماً أفكاره المؤثرة عن دراسات الاستشراق الغربية المتخصصة في دراسة ثقافة الشرقيين، وقد ربط دراسات الاستشراق بالمجتمعات الإمبريالية واعتبرها منتجاً لتلك المجتمعات، مما جعل من أعمال الاستشراق أعمال سياسية في لبها وخاضعة للسلطة لذلك شكك فيها.

القضية الفلسطينية
إدوار سعيد كمُنظر أدبي فلسطيني ويحمل الجنسية الأمريكية يُعتبر من أهم المدافعين عن القضية الفلسطينية في العالم أجمع، حيث وصفه الصحفي البريطاني الشهير «روبرت فيسك» بأنه أكثر صوت فعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية، لما كان له من تأثيرات كتابه «مسألة فلسطين»، الذي حال فيه سعيد وضع القضية الفلسطينية ضمن المنظور الفلسطيني، منطلقاً من بداية الأحداث المتتمثلة بولادة الحركة الصهيونية ونشر إيدولوجيتها ضمن السياق الثقافي الاستعماري الأوربي في نهاية القرن التاسع عشر وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. 
 
بالإضافة لوضعه الحقائق التاريخية لشعب فلسطين كي يطرح مسألة ماهية أرض فلسطين والشعب الفلسطيني التي تستمر الحركة الصهيونية في إنكارها عارضاً الأجوبة ببساطة بأن الشعب الفلسطيني هو الشعب المقيم على الأرض والذين هجروا منها، وحتى الآن لايعترف بمشروعيتهم في أرضهم والذين يعتبرون جزءاً من تاريخ الشعوب المهُجرة من أراضيهم ويقدم الوثائق التي تنقد الدعاية الصهيونية بعدم وجود شعب في أرض فلسطين.
 
05qpt869

نجم المُفكرين
وبسبب تأثيره في الرأي العام العالمي، حيث كان يعمل أستاذاً جامعياً للغة الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية، كان من أكثر المفكرين شعبية في الولايات المتحدة حيثتم وصفه هناك بـ نجم المفكرين، وكن منخرطاً بالنقد الموسيقي والثقافة الشعبية والاستشارات الإعلامية والسياسة المعاصرة والإنجازات الموسيقية، وتعتبر الشهرة العالمية له بسبب المزيج الفريد والمبتكر من النقد الثقافي إلى الأدب والسياسة ونظرية الأدب.
 
إدوار سعيد ولد في القدس في الأول من نوفمير سنة 1935، وكان والده يحمل الجنسية الأمريكية وهو من الديانة المسيحية الأرثوذكسية حيث كان رجل أعمال وخدم في الحرب العالمية الأولى تحت إمرة جون بيرشنغ، وقد انتقل الأب إلى القاهرة قبل ولادة إدوارد بعقد،أما والدته فهي أرذوكسية أيضاً من مواليد مدينة الناصرة وكانت نصف لبنانية أما شقيقته فهي المؤرخة روزماري سعيد زحلان.
 
وقد حصل إدوارد سعيد على 20 شهادة فخرية من جامعات عالمية،  حيث حصل من جامعة هارفرد على جائزة بودين، وحصل على جائزة ليونيل تريلين مرتين أولهما كانت في النسخة الأولى من قبل الجمعية الأمريكية للأدب، بالإضافة لحصوله على جائزة ويليك وجائزة سبينوزا، وفي سنة 2001 حصل على جائزة لانان الأ>بية عن مجمل انجازاته، ونال جائزة أمير أستورياس سنة 2002، كما كان أول أمريكي يحصل على جائزة سلطان بن علي العويس، كما دون اسمه كراعي فخري لجامعة الجمعية الفلسفية وكلية ترنتي في دبلن بعد وفاته بوق قصير.
 
 
Istshraq

تقسيم الشرق الأوسط
في حواره لجريدة الأهرام في إبريل من عام 2003، قال الدكتور إدوار سعيد "اعتقادي الراسخ على الرغم من عدم وجود أي دليل بالمعنى التقليدي للكلمة، بأنهم يريدون تغيير الشرق الأوسط برمته والعالم العربي، ربما يتم تقسيم بعض الدول وتدمير ما يسمى مجموعات الإرهاب وتنصيب أنظمة صديقة للولايات المتحدة. لكنني أعتقد أن هذا الحلم لا يوجد له سوى أساسات قليلة على أرض الواقع، فالمعلومات التي يملكونها عن الشرق الأوسط والتي حصلوا عليها من قبل من نصحوهم يمكن القول عنها أنها من خارج التاريخ ومتضاربة بشكلل كبير".
 
ومن خلال جمع كم كبير من الوثائق وتفسيرها يصر إدوارد سعيد على مسألة أن فلسطين في فبين القرنين التاسع عشر والعشرين لم تكن صحراء لا شعب فيها بل كانت مجتمع مدني ذو كيان سياسي يناهز عدد أفراده 600,000 نسمة، وفي نقده لاتفاقية أوسلو ألف كتابين عن اتفاقية أوسلو هما «غزة أريحا.. سلام أمريكي  و«أوسلو .. سلام بلا أرض» سنة 1995 ينقد فيها هذه الاتفاقية، كما يوجد لإدوارد سعيد 18 كتاب في مواضيع مختلقة، لكنه كتاب الاستشراق يظل من أهم أعماله.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة