الطاووس

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017 04:25 م
الطاووس
حسين عثمان يكتب:

كنت على مشارف العشرين حين تولى عمرو موسى وزارة الخارجية، وكان الصراع العربي الإسرائيلي وقتها شاخص بوضوح في أنشطة شباب الجامعات، فكانت الحدة والعنجهية والعجرفة هي منهجه في مواجهة إسرائيل، وهو ما كان يأخذ بعقول وقلوب شباب وقفوا مع خروجه من الوزارة بعد عقد كامل من العمر على أعتاب سن النضج، فأدركوا أنه لم يكن إلا ظاهرة صوتية لامتصاص الغضب وفقط، فهو وزير خارجية للأضواء والميكروفونات، والصحف والمجلات، أما المفاوضات والمناورات، واجتماعات الغرف المغلقة، فكانت لمن هم بقامات الدكتور أسامة الباز والدكتور بطرس غالي واللواء عمر سليمان، والذي عاد بالعقلية المخابراتية إلى أروقة الدبلوماسية، ولا تزال بصماتها حاضرة متجددة هناك.
 
عشر سنوات أخرى قضاها عمرو موسى في موقع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أولها أمل بأن يخرج بها من النفق التاريخي المظلم، وآخرها خيبة أمل جديدة في رحلتي معه، ثم كانت ثورة يناير، والانتخابات الرئاسية الأولى بعدها عام 2012، آمال وطموحات وأجواء من الحرية لم نشهدها من قبل، ومرحلة انتقالية جعلتني أتوسم في عمرو موسى أنه رجل المرحلة، بما له من خبرات سياسية متراكمة، وعلاقات دولية فعالة تحتاجها مصر بكل المقاييس، ولم يكن إلا السقوط المدوي في مناظرته أمام عبد المنعم أبو الفتوح، والتي لم يخلع فيها عباءة الدبلوماسي في ظرف تاريخي لم يكن يحتمل أي دبلوماسية من أي نوع.
 
ولم يفعل عمرو موسى معي في الجزء الأول من مذكراته، الصادر في منتصف سبتمبر الحالي عن دار الشروق تحت عنوان (كتابيه)، سوى أنه خيب ظني في شخصه من جديد، وهذا حالي معه لما يزيد على ربع قرن من الزمان، من وقت أن ظهر بقوة على مسرح العمل السياسي في مصر، شاغلاً موقع وزير الخارجية في مايو من عام 1991، فبعد زيارة قصيرة لأحد أفرع دار الشروق صادفت توقيت احتلال نسخ الكتاب لمواقع الصدارة بأرفف المكتبة، وإطلالة سريعة عليه بعدما تابعت مع الدار لعدة أشهر أخباره وتوقيت صدوره المتوقع، فتر حماسي نحو الحصول عليه، ولم تعد قراءته تشغل أياً من أولوياتي.
 
وقد أكدت ردود الأفعال المتباينة حول الكتاب، ولما يقرب من أسبوعين منذ صدوره، صحة ما ذهبت إليه من انطباعات، ملخصها الحكم بأنه لا يستحق مشقة بذل الوقت أو الجهد أو حتى المال في سبيل قراءته، فمن هو في مثل عمري الأربعينياتي، ويعشق القراءة بنهم منذ صباه، يحتاج الآن لعمرين على عمره حتى يتم قراءة ما يستحق أن يقرأ، وهو ما يحتاج لوعي الاختيار، ومنح الأولويات بدقة، فعمر القراءة قصير مهما طال، وقبل كل قراءة أذكر نفسي منبهاً بمقولة الراحل الكبير يوسف إدريس، بأن الكتاب كالصندوق المغلق، قد تفتحه فتجد به كنزاً، وقد تجهد نفسك في فتحه فلا تجده إلا خاوياً.
 
والكنز في مذكرات دبلوماسي يتم العام القادم الستين من عمر مسيرته السياسية، والتي شغل خلالها عدة مناصب، وشهد من خلالها وقائع تاريخية بكل معنى الكلمة، أن يعيد قراءة تلك الأحداث كاشفاً ما خفي وقت وقوعها من حقائق وملابسات، وبما يسمح باستبيان ما نعيشه حالياً، وما ينتظرنا مستقبلاً، ولا مانع في هذا، من تناول الشخصيات أطراف تلك الأحداث، بما هو على خطوط التماس معها، ومؤثراً بالسلب أو الإيجاب على مسيرة وطن ومواطنين، أما الخواء، أو الفراغ بكل معنى الكلمة، فهو ما جاء به عمرو موسى في الجزء الأول من مذكراته، فهو مجرد لف ودوران حول شخصه، في نرجسية يتواضع أمامها الطاووس.

 

تعليقات (1)
بطل من ورق
بواسطة: محمد حسين
بتاريخ: الأربعاء، 27 سبتمبر 2017 10:09 م

تعظيم سلام الي المحترم حسين عثمان ادين للسيد عمرو موسي بالفضل نعم بالفضل فهو السبب (بعد فضل الله سبحانه وتعالي) اني اعيش الان بدون (لا قدر الله) جلطه في القلب او انفجار في المراره الراجل ده مهدني نفسيا وعصبيا اني استقبل خبر الاعاده بين مرسي وشفيق بصدر رحب بعد سقوطه المدوي في الجوله الاولي من الانتخابات ومن قبله سقوطه في المناظره اللتي تمت بينه وبين السيد عبدالمنعم ابو الفتوح مرورا بالفيديو الشهير الذي جمع بينه وبين قيادات الاخوان اثناء حديثهم عن الرئيس الاسبق حسني مبارك. واتضحلي انه بطل من ورق صنعناه نحن بأنفسنا ونسبنا اليه البطولات الزائفه كما كان يصنع الكفار الهتهم ثم يعبدونها وينسبون اليها القدره علي النفع والضر. ربما كان السبب هو رغبتنا في وجود من يقف امام اسرائيل ولو بالقول وليس بالفعل وهذا ما فعله . او حاجتنا لوجود بطل ولو من ورق. لست ادري

اضف تعليق