رينبو بين الجميلة والوحش

الخميس، 28 سبتمبر 2017 11:55 ص
رينبو بين الجميلة والوحش
هبه العدوى

(1)

في  أوائل التسعينات

مازلت أتذكر إصطحاب أبي لي وأخوتي لنري عرض (الجميلة و الوحش ) علي المسرح الجليدي لأول مرة في مصر.. كانت القصة مؤثرة للغاية مصحوبة بموسيقي وكلمات ورقصات مبهرة..

 أتذكر قصة الفيلم الشهيرة عن الإنسان الذي لا يعرف قلبه كيف يُحِب أو يُحَب .. وعن الأمير الوسيم الذي رفض إستضافة الساحرة الدميمة، فحولته لوحش غليظ الملامح كقلبه.. وألقت عليه تعويذة لا يذهب اثرها إلا بعد أن يعرف معني الحب الحقيقي وإنسانيته وأنه يرتبط بقبول الآخر والنظر لجوهره لا مظهره.

انتجت والت ديزني هذا الفيلم سنة 1991.. ويعد أول فيلم رسوم متحركة تتجاوز  أرباحه 400 مليون دولار وقتها.. كما رُشِح لجائزة أوسكار كأول فيلم كارتون يُرشح لتلك الجائزة..

 

 (2)

2017

تعيد شركة والت ديزني إنتاج هذا الفيلم بصورة واقعية.. ويحقق إيرادات قياسية في الإفتتاح متصدراً الإيرادات العالمية في فترة قصيرة..

تصاحبه حالة شديدة من الجدل  والغضب والتي تتعلق بأنه أول فيلم كارتون يخاطب الأطفال ويقدم شخصية "لوفو" الشخصية المثلية جنسياً الأولي في تاريخ ديزني..

منعت العديد من الدول عرض الفيلم ..منهم روسيا التي وقعت سنة 2013 عقدا بحظر نشر الأفلام التي بها شخصية مثلية الجنس.. لأنها تترك تأثيرا شاذا ولا أخلاقي علي الأطفال..

جدير بالذكر أن الفيلم قد عُرِض في مصر..

 

(3)

سبتمبر 2017

فرقة مشروع ليلي تقيم حفلا كبيرا يحضره الآلاف وتقوم برفع علم المثليين وتشير علي صفحتهم الفيسبوكية أن هذا يوما " للحرية" و "للسعادة"..

جدير بالذكر أن نفس الفرقة تم منعها من إحياء أي  حفل  في الأردن عام 2016 ..

اعترضت الفرقة وقتها مخاطبة جمهورها علي السوشيال ميديا قائلة  :

 (نستنكر الملاحقة لمؤيدي الحريات الجنسية والدينية.. نعتذر لجمهورنا لأننا فشلنا في خلق "بيئة ثقافية " تسمح لنا ولأطفالنا بالتعبير عن آرائنا ..

لا نتصرف إلا من منطلق الإيمان والعمل تجاه عالم أكثر إنصافا.. "ومساواة ".. و"ديمقراطية".

لن نخضع لضغوط لنتنازل عن "حريتنا".. نتعهد أن نثابر علي الكتابة بدافع "الحب" وبدافع "نشر الحب".. سوف "نحارب"  في سبيل "حقنا "لعرض موسيقانا وأفكارنا "بحرية"

 

(4)

درست منذ عشر سنوات علم البرمجة اللغوية العصبية..

عزيزي القاريء:

ضع كل ما داخل علامات التنصيص في الفقرة (3)  بجانب بعضهم البعض وستجد الجملة الآتية:

(شخصية لوفو.. الحرية.. السعادة.. المساواة.. الديمقراطية.. عالم أكثر إنصافا.. الحب .. نشر الحب.. نحارب..الحرية الجنسية والدينية )

ألا تري معي كيف تتم برمجة أولادنا علي تلك الافكار المريضة ؟

 ذلك أنهم يحدثون روابط في عقولهم بين كل القيم الرائعة السابقة وبين المثلية..

قف لحظة لتتأمل معي المشهد المرعب عزيزي القارئ..

 هل أضيفك خوفا إلي خوفك؟

الحرية الدينية التي يقصدونها تعني أن تترك المجال مفتوح للجماعات الدينية المتطرفة أيضا.. هل تذكر إسم الجماعة الميكافيللية التي تبرر غايتها دوما إستخدام أي وسيلة؟

 

(5)

(رينبو مصر واضعا علمه ذو الألوان المتعددة فوق الأهرامات)

 بطبيعة دراستي لكافة المعلومات قبل كتابة أي مقال، رأيت علي صفحتهم دعوتهم لـ (كامب) يدعونه (رامبو ).. هدفه إعداد الناشطين ف مجال حقوق وقضايا (الأقلية ) الجندرية والجنسانية..

مكان التدريب: القاهرة ..

سيتم تغطية كل المصاريف الخاصة بالمشتركين وتوفير أماكن إقامة لغير المقيمن في القاهرة.. (من الممول؟)

 مع تذييل الإعلان برقم هواتف وإيميل للتواصل..

وأنا كمصرية أقف هنا لأتسائل.. أين الدولة؟ وأين المجتمع المدني؟

هل حددنا قيمنا الإخلاقية بصورة تنظيمية تشاركية لمصرنا التي نريد؟ هل فعّلناها من خلال منظومة الإعلام والمجتمع المدني  والتعليم ؟؟

الحقيقة لا.. والدنيا (سداح مداح).. وكأن المصري الشاب الذي لم تعده أسرته ولا تعليمه ثقافيا ولا تربويا, قد أصبح فجأة لقمة سائغة في يد جماعات الشواذ  !!

 ثم نأتي مدّعين الدهشة من وجود الآلاف في حفل كالذي رأيناه..

تماما كما ادعينا الدهشة من عدد الشباب المنضم للجماعات الدينية المتطرفة..

 

(6)

سأطرح هنا سؤالين أما الآول فهو:

هل تعتبر الجماعات الداعية للمثلية الجنسية تحديدا  (أقلية)؟

وما هو تعريف الأقلية؟

وكيف بدافع كونهم أقلية تُحفّز لدي فاقديّ الهوية والثقة والأرض الثابتة، روح المحاربين فينطلقوا يحاربوا من أجلهم.. تحت شعار:

-إرفعوا سلطتكم عنّا بقي بجميع أنواعها ..

الأقلية تُعرَّف بأنها فئة ما لها أنماط وانواع مختلفة منها أقلية عرقية ودينية ولغوية ومذهبية وقبلية وسياسية وإقتصادية وإقليمية وثقافية .. وأخص بالذكر هنا الأقلية الأخيرة "الثقافية"..

 

(7)

جمّع قطع  (بازلك) عزيزي القاريء كما اعتدنا سويا في مقالاتي..

في الفقرة (3)  تدعو فرقة ليلي لخلق ( بيئة ثقافية ) كأحد الموسيقين المروجين لفكر الشواذ.. وفي الفقرة (5) تدعو جماعة الشواذ (رينبو) في مصر لإعداد الناشطين في مجال حقوق الأقليات..

لا أعترف بالشواذ ولا بتجار الدين و جماعاتهم المتطرفة (كأقلية) ذلك أني إن فعلت ذلك وجب عليّ أن أعترف بجماعات المغتصبين كأقلية.. والسارقين كأقلية .. والمتحرشين والقتلة المأجورين  وتجار المخدرات والسلاح أيضا كأقلية!

 

(8)

(إفصل الشخص عن سلوكه )

ذلك أهم ما دربت نفسي عليه طوال رحلة حياتي.. أتقبل تماما الشخص مع رفضي التام لسلوكه.. وهذا المنطق لو طبقناه جميعا سيضمّد جراح هذا المجتمع المفتوح علي مصراعيه في كل إتجاه فكريا قبل أن يكون حدوديا..

فنعم أتقبل ان تكون مخطئا في حق نفسك.. وتلك (حريتك المطلقة الشخصية).. ولكني.. أرفض في نفس ذات اللحظة تعديك علي (حريتنا المجتمعية المنضبطة) بنشرك ( لفكرك الإجرامي) علي مستوي ممنهج.

 

والقاعدة الدينية تقول :

" أنت حر مالم تضر "

 

وقاعدة جون سيتيورات ميل أبو الفلسفة الليبرالية في كتابه (عن الحرية ) الفصل الرابع  تقول:

"إذا ما غزا أي شيء حقوقي الإجتماعية فهو يدمر حقي الأساسي في الأمن من خلال الخلق المستمر للفوضي الإجتماعية..

ويعيق حقي في التطور الأخلاقي والعقلي من خلال إضعاف المجتمع وتجريده من الأخلاق.. ومن حقي أن أطلب من الهيئة التشريعية (سن قوانين) ترفع عنّي ما يفعله".

 

 

عزيزي القاريء إذا لم تكن أدركت بعد ..فأعلم أننا في عصر تجارة الإنسانية..

والدولة التي تهمل بناء إنسانية مواطنيها وتحديد (حقوقهم الإجتماعية)، تحتمل من إنحرافهم ما لا يرضيها وكذلك الأسر .

 

قد باءت حتي الآن محاولات المثليين  بالفشل في تزيين صورة  (وحشهم) القبيحة، بصورة ( الجميلة)..

ولكن هل ستستمر كذلك !!

الإجابة متروكة لمن يهمه أمر الإنسان المصري.

 

 

.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق