محمد الدرة.. 17 عاما على رحيل أيقونة الانتفاضة الفلسطينية

الجمعة، 29 سبتمبر 2017 10:00 م
محمد الدرة.. 17 عاما على رحيل أيقونة الانتفاضة الفلسطينية
محمد الدرة
ماريان ناجى

30 سبتمبر 2017.. اليوم هو المتمم للعام السابع عشر على رحيل درة الكفاح، أشهر أطفال فلطسين الشهداء محمد الدرة، الذي وقعت حادثة قتله في قطاع غزة في 30 سبتمبر2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية.

 

وكانت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان، المراسل بقناة فرنسا 2، التقطت مشهد احتماء جمال الدرة وولده محمد، صاحب الـ12 عامًا، خلف برميل أسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية، وعرضت هذه اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، بعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه.

 

"أمطار معدنية".. كانت الرصاصات أشبه بمياه الأمطار التي تنهمر دون توقف، ولكنها لا تنساب بذات النعومة، فقد تركت الطلاقات النارية، علاماتها على جسد جمال الدرة، فما بين الثقوب الجروح التي لم يتمكن الزمان من مداواتها لازال والد "درة الكفاح" يتذكر الليلة الغابرة، التي قضاها على أطراف إحدى شارع بقطاع غزة خلف برميل أسمنتي، قبل أن يفقد نجله صاحب الـ12 عامًا، والذي تحول بين ليلة وضحاها إلى أيقونة الانتفاضة الفلسطينية.

 

كان مشهد البث للحظة وفاة "الدرة" استمر نحو دقيقة كاملة، ذلك على التلفزيون الفرنسى، بتعليق صوتي من رئيس مكتب فرنسا 2 بإسرائيل، شارل إندرلان، الذي لم يشاهد الحادث بنفسه، ولكنه اطلع على كافة المعلومات المتعلقة به، من المصور عبر الهاتف، أخبر إندرلان المشاهدين أن محمد الدرة ووالده كانا "هدف القوات الإسرائلية من إطلاق النيران"، وأن الطفل قد قتل، وبعد التشييع في جنازة شعبية تخلع القلوب، مجّد العالم العربي والإسلامي محمد الدرة باعتباره شهيدًا.

 

في بادىء الأمر، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحمّلها المسؤولية، كما أبدت إسرائيل في البداية، أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية.
 
 
وذكر ثلاثة من كبار الصحفيين الفرنسيين الذين شاهدوا لقطات خام في عام 2004، أنه لم يتضح من اللقطات وحدها أن الصبي لقي حتفه، وأن قناة فرانس حذفت عددًا قليلًا من الثواني الأخيرة، والتي يظهر فيها الصبي وهو يرفع يده عن وجهه، وفي عام 2005، صرّح رئيس تحرير غرفة الأخبار بالقناة أنه لا يمكن لأحد أن يحدد على وجه اليقين من الذي أطلق النيران، ولكن ذهب معلقون آخرون من بينهم مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي إلى القول إن المتظاهرين الفلسطينين قاموا بتنظيم هذا المشهد. وبعد إجراءات قانونية مطولة، أُدين فيليب كارسنتي، المعلق الإعلامي الفرنسي، بالتشهير بقناة فرانس2، واتهامها بالتلاعب في مادة الفيلم.
 
 
حازت لقطة الصبي ووالده على ما أطلق عليه أحد الكتاب "قوة راية المعركة"، وطبقًا لما ذكره جيمس فالوز فإن "أقسى إصدار" للقضية من الجانب العربي هو أنه يثبت فرية الدم القديمة، في حين أن "أقسى إصدار" من الجانب الإسرائيلي هو أنه يثبت استعداد الفلسطينيين للتضحية بأطفالهم عمدًا حتى ولو في حرب معادية للصهيونية.
 
 
وأدى هذا المشهد إلى سقوط قتلى آخرين، وأنحي باللائمة عليه في إعدام اثنين من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي في رام الله، في أكتوبر 2000، وظل سببًا محفورًا في خلفية العالم، عندما أطاحت القاعدة برأس الصحافي الإسرائيلي-الأمريكي دانيال بيرل، في عام 2002 كتب جيمس فالوز أنه لن تظهر أي نسخة حقيقية بشأن اللقطات، تصدق بها جميع الأطراف. وأطلق تشارلز إندرلان على ذلك "المنظور الثقافي"، الذي يرى خلاله المشاهدون ما يروق لهم رؤيته.
 
 
أصدرت محكمة الاستئناف بفرنسا حكمها النهائي في قضية التشهير بالقناة الفرنسية في 26 يونيو 2013، حيث أدانت كارسنتي بالتشهير وألزمته محكمة الاستئناف في باريس بدفع غرامة قيمتها 7.000 دولار، وجاء الحكم النهائي للمحكمة الفرنسية برفض إصدار كارسنتي، الذي وصف فيه مقتل محمد الدرة بأنه "عملية نظمها المتظاهرون الفلسطينيون".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق