الأب والابن وعاشق الحسين.. "عبد الناصر" الذى ظن أنه ملاقٍ «حسابيه»

الإثنين، 02 أكتوبر 2017 06:00 م
الأب والابن وعاشق الحسين.. "عبد الناصر" الذى ظن أنه ملاقٍ «حسابيه»
قبلة جمال عبد الناصر عند تأميم قناة السويس
عبدالفتاح على

قبل أن ينتهى الأجل بأسابيع، كان خالد، على وشك التخرج من كلية الهندسة، جامعة القاهرة، فحاولت السيدة تحية، أن تفاتح الزعيم فى مسألة تجنيد خالد، فاقتربت منه، وقلب الأم يعتصر خوفا على حياة ابنها البكرى، وقالت: أنت ح تبعت خالد للجبهة الأمامية، مش كده؟ ثم نظرت إليه وفى عينيها تمنى أن يقول لا، لكنه ابتسم، ووضع يده فوق كتفها، وقال: «أيوه يا تحية».

لم يدم الحوار أكثر من هذه الكلمات، أو هكذا كتبه الكاتب الكبير عبدالله السناوى، فى مقال له بصحيفة الشروق، لكن أهم ما حدث فى هذا الحوار، نهايته التى تمت بعد سنوات، عندما قصت لابنها ما جرى، ثم أضافت «أنا عارفاه»، وتعنى أنه ما كان يقبل على الإطلاق، إلا أن يكون ابنه مثل بقية المجندين، يدفع ضريبة الدم، لكنه قلب «تحية»، التى أحسن اختيارها، فأحسنت صونا لجبهته الداخلية.
 
لم يكن الفارق كبيرا بين كونه رئيس جمهورية وقائد ثورة، وبين حياة والده فى نفس الفترة من العمر. 
 
كان والد عبدالناصر، يتقاضى 20 جنيها، كانت تكفيه بالكاد للإنفاق على أسرته، فكانت أسرة «مستورة»، أقرب للفقر منها للدعة والراحة، فانعكس «الستر» فى تنشئته على تربية أولاده، حتى بعد أن أصبح رئيسا لأقوى دولة فى المنطقة.
 
وبحسب رواية شقيقه عادل عبد الناصر، التى جاءت على لسانه فى موقع «رصيف 22»، فإن والدهما عندما خرج على المعاش، لم يكن يقدر على التنقل فى المواصلات، فطلب من عبدالناصر، أن يخصص له سيارة من الرئاسة لتنقلاته، فحدث صراع داخل عبد الناصر، بين الرئيس الأمين على أموال الناس، وبين الابن المكلف بطاعة والده، فجمع الرجل بين الأمرين، على حساب «مصاريفه» الشخصية.
 
اشترى عبد الناصر سيارة بالتقسيط لوالده، كى يرضى عنه، وكان يدفع أقساط السيارة من راتبه الخاص، لكن بعد فترة، اشتكى والده من أنه لا يملك ثمن بنزين السيارة.
 
اقترح الأب أن يصدر الزعيم قرارا بتعيينه فى أى وظيفة حكومية، يحصل منها على راتب، يدفع منه القسط والبنزين، لكن عبدالناصر اعتذر له، لأن الأمر مخالف للقانون، فقال له مازحا: «إنت كإنك إديتنى بقرة من غير برسيم».
 
 ومثلما فعل فى المرات السابقة، فعل فى المرة اللاحقة، قرر عبد الناصر زيادة المخصص الشهرى المستقطع من راتبه، كى يكفى بنزين السيارة، إضافة لثمن الأدوية الدورية، التى كانت ضرورية لعلاج والده.
 
لم يترك عبد الناصر مناسبة إلا وكان حريصا على شراء هدية لوالده، خاصة فى عيد ميلاده، فكانت الهدية مرة رابطة عنق، ومرة قطعة من القماش، ومرة راديو، ومرة تليفزيون.
 
بعد توليه الرئاسة، وصلته رسالة من سيدة تدعى «أم جودة»، كانت تعمل فى بيت والده، ولما طعنت فى السن، توقفت عن الخدمة فى البيوت، فلم تجد ما تقوت به يومها من أكل وشرب، فقررت أن تراسل رئيس الجمهورية، التى كانت فى يوم من الأيام جزءا من حياة أسرته.
ما أن انتهى عبد الناصر من قراءة الرسالة، حتى أمر سكرتيره الخاص بأن يصرف لـ «أم جودة» معاشا استثنائيا قدره 15 جنيها.
ظل عبد الناصر يشترى قماش ملابسه من المحلة، مثل أغلب المصريين، ثم يحمله إلى الترزى، ليصنع منه القميص و «البنطلون» والبدلة.. والبيجامة.
 
فى فترة سفره، ألح نجله خالد، على والدته أن تشترى له حقيبة مدرسية مرتفعة الثمن، وكانت تعلم أن والده يرفض الاستجابة لمثل هذه الطلبات، التى يراها استفزازية فى ذلك الوقت.
لكن تحية وافقت على شراء الحقيبة، بعد أن غلبها حنان الأم، فى اليوم التالى، هم خالد بالذهاب لمدرسته حاملا الحقيبة الجديدة، سعيدا ومنتشيا، وما أن فتح باب البيت حتى وجد والده قادما من السفر، فنظر عبد الناصر للحقيبة، وسأله عن ثمنها، فتداركت تحية الأمر، وقالت له، «جبتها من نفسه»، فابتسم عبد الناصر، وقال له «مبروك عليك»، لكن لن تذهب بها إلى المدرسة استخدم القديمة.
فى تلك اللحظة، أدرك خالد أن سعادته بالحقيبة، قد تثير الغيرة والحقد فى نفوس زملائه فى المدرسة، وأن كونه ابن رئيس الجمهورية، عليه أن يصبح قدوة فى التواضع، لا مثالا للتنافس على التباهى.
أثناء مباراة لكرة القدم بملعب المدرسة، حدث احتكاك بين خالد وأحد زملائه اللاعبين، نتج عنه ثلاث غرز لمعالجة الجرح، وعلى الغداء فى اليوم التالى، لاحظ الزعيم الجرح.. فسأل خالد عن السبب، فقال له ما حدث.
 
على الفور طلب من سكرتيره الخاص الاتصال بناظر المدرسة، والتنبيه عليه باسم رئيس الجمهورية، عدم اتخاذ أى إجراءات ضد التلميذ، الذى اصطدم بابنه أثناء اللعب.
نفس الواقعة تكررت، فى نفس المدرسة، لكن هذه المرة مع عبد الحميد «الشقى» فكسرت ذراعه أثناء «هزار» ثقيل بين الأصدقاء، فوضع الذراع المكسورة فى جبيرة لمدة ثلاثة أسابيع، وفى اللحظة الأولى، التى شاهده فيها عبد الناصر، اطمأن عليه، ثم طلب من سكرتيره الخاص، التنبيه على ناظر المدرسة، بعدم لوم أو تأنيب الطالب، الذى تسبب فى كسر ذراع ابنه.
 
حكت مرة الدكتور هدى، أنها وأخواتها كانوا لا يترددون بعد العودة من المدرسة فى سرد ما حدث مع الأصدقاء خلال اليوم الدراسى على والدهم، وكانوا إذا ما حصلوا على درجات مرتفعة، كانوا يحرصون على أن يذهبوا بها إليه، ليوقعها أمامهم، ويفتخرون بنظرة الإعجاب فى عينيه.
 
 أما إذا كانت الدرجات ليست على مستوى توقعاته، فكانوا يكتفون بوضع الشهادة بجوار سريره، حتى يوقعها فى الصباح، فيتجنبون كلمات التأنيب، ونظرات عينيه المعاتبة.
نظرات العينين، كانت العقاب الشديد الذى ينزل بالمخطئ، فلم يعلو صوته ذات يوم فى البيت، رغم كونه الزعيم الثورى، الذى كانت خطاباته تدوى فى أرجاء العالم، وترعب خصومه، وتبث الأمل فى قلوب المؤمنين بالعروبة.
 
 وتقول الدكتورة هدى فى مقالها «أبى جمال عبدالناصر»، الذى نشر فى مجلة «الهلال» عدد يوليو 2002، إنه كان حريصا أن يعلمنا أن الصداقات يجب أن تختار بعناية، ليكون أساسها الصدق، وليس النفاق، خاصة أن كل أولاده كانوا فى مدارس حكومية.
 
كانت تعليماته واضحة وحاسمة فى الوقت نفسه لأولاده، إذا قررتم الاحتفال بعيد ميلادكم مع أصدقائكم، فاحذروا أن يجلب لكم أى صديق أو زميل هدية، فالهدية ممنوعة، خارج نطاق الأسرة، وكانت التعليمات ذاتها لحرس المنزل، ممنوع دخول الهدايا مهما قل ثمنها.
 
كان الأب عبد الناصر يشعر بالسعادة، وهو يجالس أبناءه، يرشدهم، يجيب عن أسئلتهم، مثلما كان يشعر بالفرح، وهو يعلمهم الشطرنج، والدومينو وكرة الطاولة (البينج بونج)، حتى أن خالد كان أكثرهم حرصا على انتظاره مجهزا رقعة الشطرنج، ليبدأ مع أبيه «الدور»، الذى دائما ما ينتهى بتعليمه قاعدة جديدة من قواعد اللعبة.
كانت هدى ومنى ترغبان فى تعلم قيادة السيارة، فانتظرتا فترة طويلة كى يجد من وقته فسحة، يخصصها لهما، فطال الانتظار، حتى ظنتا أنه قد نسى ما وعدهما به، لكنه فاجأهما ذات يوم، واصطحبهما بمفردهما دونا عن بقية أخواتهما، ليعلمهما القيادة. 
 
وفقًا للدكتورة هدى عبد الناصر، كان مزاج الأب مرتبطا بحياته العملية، يتحول البيت إلى كتلة من القلق المتجمد، المنقوش على الجدران، خاصة عندما تكون هناك عملية للجيش، أو للمخابرات، فإذا لم يصبهم التوفيق، يتحول البيت إلى مأتم، ويسود الحزن والكآبة، أما إذا تكللت بالنجاح، يصبح البيت مسرحا للفرح، مثلما حدث فى معركة رأس العش وإغراق المدمرة إيلات. 
 
فى مقالات عبد الله السناوى الكثير والكثير من القصص، التى ترسم ببساطة شخصية الزعيم فى أبسط صورة، نقلها بحرفية شديدة من على لسان خالد عبد الناصر، الذى قدر له أن يعيش مغتربا عن وطنه فترة طويلة من الزمن.
فحكى خالد للسناوى ذات مرة عن علاقة الزعيم بسيدنا الحسين، الذى كان يزوره من حين لآخر، كلما سنحت الظروف، فى الأغلب يصطحب معه سكرتيره الشخصى فى سيارة الرئاسة وخلفه سيارة حراسة واحدة. 
كان عبد الناصر يتبرك بسيدنا الحسين، يقرأ الفاتحة على روحه الطاهرة، ويصلى ركعتين لله، ويزور المقام وحجرة المخلفات، وفى بعض الأحيان تذهب السيدة تحية وحدها للحسين، وكانت تدخل من باب جانبى مخصص للسيدات.
 
أثناء حرب الاستنزاف كان عبد الحميد طالبًا بالكلية البحرية فى الإسكندرية، غاب فترة طويلة، دون أن تراه أمه، فطلبت من الزعيم زيارة ابنها بالكلية فى أوقات زيارة الأهالى، فاشترط عبد الناصر، أن تعامل مثل كل الأمهات، لكن باستثناء وحيد فقط، ألا تغادر السيارة وأن ترى ابنها فيها، حتى لا تحدث أى معاملة خاصة.
 
أبلغوا عبد الحميد أن والدته فى انتظاره، وعليه أن يذهب للسيارة المنتظرة خارج قاعة الزيارة، فرفض فى البداية، خشية أن يعلم والده أنه اخترق قواعد الزيارة فى الكلية، فما كان من قائد الكلية، إلا أن أجبره على الخروج، فجلس بجوارها يأكل السندوتشات، التى أعدتها بنفسها وأحضرتها معها من القاهرة.
 
فى عام 1970، وقبل أشهر قليلة من وفاة الزعيم، كان عبد الحميد فى الكلية البحرية، التى نُقلت إلى سوسة فى تونس. فطلبت السيدة تحية، السفر بالطائرة لرؤيته، فقال لها الزعيم: «انتظرى حتى نجهز طائرة خاصة تنقل كل أمهات الطلبة»، فلم تستطع رؤيته، لأنه تعذر وقتها أن تجهز طائرة تتسع لكل الأهالى، ولم تسافر تحية لرؤية ابنها الغائب.
رغم أن الثورة الليبية، كان أهم داعم لها الرئيس عبد الناصر، فإن الملك الليبى عبد الله السنوسى، الذى جاء إلى مصر ليعيش فيها أيامه الأخيرة، طلب من عبد الناصر أن يجمعه بابنته المتبناة، لتعيش معه فى القاهرة، وشكاه من سوء معاملة الحكومة الجديدة فى طرابلس لها، فاتصل عبد الناصر بالعقيد القذافى وقتها، وطلب منه بشكل حاسم أن تلتحق الابنة بأبيها على الفور.
 
كان فى بيت الزعيم فى منشية البكرى، مربية أطفال اسمها «مبروكة»، وذات يوم خطبت مبروكة، وحتى تكتمل فرحتها، طلبت من الزعيم، أن تخرج زفتها من بيته (المنشية) لبيت زوجها، فوافق الرئيس وحضر بنفسه زفافها، وأعطى «مبروكة» مائة جنيه من ماله الخاص كـ«نقطة زواج».
 
فى البيت الذى اختارت «مبروكة» أن تزف منه إلى بيت زوجها، وهو بيت رئيس أقوى دولة فى المنطقة، هناك يوم يسمى يوم البصارة، وهو يوم الأربعاء، ففى هذا اليوم، يمنع اللحوم بأنواعها، فقد كانت تباع لثلاثة أيام فقط فى الأسبوع بمحلات الجزارة والجمعيات الاستهلاكية بسبب ظروف الحرب.
 
كان الطعام المعتاد على مائدة الرئيس، أرز وخضار ،خاصة الملوخية، التى كان يعشقها، يصاحبها فى بعض الأيام على المائدة لحم أو دجاج، وقد يفاجئ الزعيم الجميع بـ «فول حراتى أخضر» من حين لآخر، بينما كانت «البقلاوة» الحلويات المفضلة عنده، التى كانت تجيد صناعتها السيدة تحية، حتى منعه منها الأطباء بعد إصابته بالسكر.
 
كان فى بيت منشية البكرى مطبخان، مطبخ بالدور الأرضى، مصاريفه من رئاسة الجمهورية، لإعداد موائد الغداء أو العشاء لضيوف الرئيس من الرؤساء والملوك ورؤساء الوزارات، وكبار المسئولين العرب والأجانب، ومطبخ بالدور الثانى، لإعداد طعام الأسرة، مصاريفه من جيب الرئيس فقط، وكان الزعيم يقول لأولاده مداعبا «الدور الأول قطاع عام.. والدور الثانى قطاع خاص».
 
الساعة الثالثة تمامًا من ظهر كل يوم، موعد الغداء فى بيت الرئيس، الموعد مقدس، والرئيس لا يتناول طعامه مع أسرته إلا على الغداء، فلهذا كان الغداء بالنسبة للسيدة تحية شديد الأهمية، لذا كانت حريصة على أن تجعل منه اجتماعا مبهجا، يستحق كل تعب وكل جهد، ومن أجل أن ينعم أولادها بوجبات شهية، قامت ببناء «عشة طيور» فى الحديقة الخلفية للمنزل، كأغلب البيوت المصرية، تربى فيها دجاج وأرانب وديك رومى، وعقب كل وجبة غداء، كان الزعيم يقول لأولاده «أكل أمكم مفيش زيه».
 
فى صباح يوم 10 يونيو– بعد النكسة بأيام- جلس الزعيم على مائدة الإفطار ببيجامة كستور مقلمة، ولم تكن عادته طوال سنوات الرئاسة أن يتناول وجبة الإفطار مع أسرته.
 
كان الحزن يخيم أرجاء الوطن العربى كله، بعد خطاب التنحى الشهير، فما بالك ببيت الزعيم نفسه، ظلت الجماهير، التى حاصرت البيت تنادى على الرئيس، وتطالبه بالتراجع عن قرار التنحى، فذهب إليه خالد، وقال له: «بابا الناس عاوزاك»، فنظر إليه الزعيم، وقال بلهجة حازمة: «مالكش دعوة». 
 
كان عبد الناصر فى الأربعين من عمره، فى نهاية عام 1958، عندما اكتشف الدكتور أحمد ثروت، الطبيب المرافق للرئيس عبد الناصر، إصابته بمرض السكرى، بعد إجراء تحليل روتينى للبول، فرشح ثروت، الدكتور أنور المفتى، أستاذ الأمراض الباطنية بقصر العينى، لمتابعة وضبط نسبة السكر فى دم الزعيم.
 
لم تنجح الأقراص المنشطة لغدة البنكرياس فى ضبط نسبة السكر فى الدم، فما كان من الدكتور أنور المفتى، إلا أن قام باستخدام حقن الأنسولين فى محاولة للسيطرة على ارتفاع نسبة السكر.
 
كان الدكتور أحمد ثروت، يقوم بإعطاء الرئيس عبد الناصر حقنة الأنسولين صباح كل يوم قبل الإفطار، ونجح الدكتور المفتى فى ضبط نسبة السكر، وكان من أهم الملاحظات، التى لاحظها على الزعيم أنه كان ملتزمًا بتعليمات العلاج، ولم يحتاج إلى ضبط نظامه الغذائى، أو عمل «ريجيم»، لأن الزعيم لم يكن بطبيعته نهمًا أو شرهًا للطعام.
 
ووفقا لشهادة الطبيب «المفتى»، كان إفطار الرئيس عبارة عن فول مدمس وخبز وجبن أبيض، والغداء مكونًا من خضراوات وقطعة صغيرة من اللحم إلى جانب الخبز، والعشاء من الجبن الأببض والفاكهة.
 
 استمر الوضع منتظما على مدار سنتين حتى الانفصال السورى عن مصر فى 28 سبتمبر عام 1961، وترك ذلك آثارًا نفسية سيئة لدى عبد الناصر، ساعدت على تذبذب منحنى السكر.
بعد 3 أشهر، استدعى الدكتور أحمد ثروت، الدكتور منصور فايز، أستاذ الأمراض الباطنية والسكر بقصر العينى، لمتابعة علاج الرئيس وحالته الصحية، والسيطرة على تذبذب مرض السكر.
 كان الدكتور منصور، يزور الرئيس مرتين أو ثلاثًا فى الأسبوع، ما لم يتم استدعاؤه، وبالفعل حدث تنظيم وتطوير فى متابعة المرض، وظل الدكتور أحمد ثروت مرافقًا للرئيس بصفة يومية، ويقوم بإعطائه حقنة الأنسولين قبل الإفطار اليومى، ويقوم الدكتور صلاح جبر، أخصائى التحاليل الطبية، بعمل تحليل يومى للرئيس لمتابعة تطورات المرض ومضاعفاته.
 
 ثم اتفق الدكتور منصور مع الزعيم أن يزور الدكتور ناصح أمين، أستاذ التحاليل الطبية المعروف، الرئيس عبد الناصر مرة فى الأسبوع، ليقوم بعمل تحليل شامل لوظائف أجهزة الجسم المختلفة، وبذلك تم استقرار الحالة الصحية للرئيس عبدالناصر، وأصبح المرض تحت السيطرة الطبية الكامل. 
 
اقترب الأجل، ودنت الساعة، فكانت الدقيقة الأخيرة فى حياة الزعيم، كما رواها الدكتور الصاوى حبيب، طبيب الزعيم الراحل، بكل تفاصيلها الصغيرة قبل الكبيرة.
 
يقول حبيب: فى الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر يوم 28 سبتمبر، وصلتنى رسالة تليفونية من سكرتيره الخاص المرافق له، بأن الرئيس يطلب منى التوجه إلى منزله فى منشية البكرى لمقابلته، وتوجهت على الفور، وكان الرئيس مستلقيا على السرير، ورأسه مرتفع كثيرا وقال لى إنه شعر بتعب فى أثناء توديعه أمير الكويت فى المطار. 
 
قمت بعمل رسم قلب، وبدأت فى العلاج، وحضر دكتور منصور الفايز، والدكتور زكى الرملى، وأكدا خطورة الحالة نتيجة وجود (جلطة) انسداد جديد فى الشريان التاجى، الجلطة الأولى فى الشريان التاجى، حدثت فى يوم 11 سبتمبر 1969، وطلبت منه ألا يتحرك وأن يستريح، فرد قائلا: «أنا استريحت يا صاوى» وفوجئت برأسه يميل إلى الجانب الأيمن فجأة، وفى الحال تحسست النبض، وفوجئت بتوقفه.
عبد الناصر والشعب (1)
 
عبد الناصر والشعب (2)
 
عبد الناصر والشعب (3)
 
عبد الناصر والشعب (4)
 
عبد الناصر والشعب (5)

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة