روح أكتوبر.. قصة سقوط الجاسوسة هبة سليم فى قبضة المخابرات المصرية

الأربعاء، 04 أكتوبر 2017 06:00 ص
روح أكتوبر.. قصة سقوط الجاسوسة هبة سليم فى قبضة المخابرات المصرية
شريف عارف
عنتر عبداللطيف

فى كتاب " مقاتلون وجواسيس " لمؤلفه الزميل شريف عارف الكاتب الصحفى وعضو اتحاد الكتاب والصادرهذه الأيام عن " كتاب اليوم" بالتزامن مع احتفالات نصر أكتوبر المجيدة سرد اللواء فؤاد نصار رئيس المخابرات العامة الأسبق والذى كان يتولى رئاسة المخابرات الحربية خلال حرب أكتبر قصة سقوط  الجاسوسة عبلة كامل  أو "هبة سليم" التى جندها الموساد الإسرائيلى وعشيقها فاروق الفقى على ايدى رجال المخابرات والذين استطاعوا خداعها لتأتى إلى ليبيا ومن هناك احضروها إلى مصر ويكون الإعدام مصيرها هى وعشيقها.

6
 
سأل الزميل شريف عارف اللواء فؤاد نصار قائلا :"قلتم إن حروب المخابرات لا تعرف «السلام» ..أو أنها «حروب بلا نهاية».. وخلال هذه الحروب يسقط عشرات الجواسيس من الطرفين.. وهو ما حدث قبل يونيو 67 وحتى أكتوبر 1973.. وتحولت قصص اصطياد الجواسيس الإسرائيليين إلى أعمال درامية.. ما أهم «حروب الجواسيس» التي عاصرتها بنفسك..؟
22
 

يجيب اللواء نصار:" رغم إحكام عمليات التأمين والسيطرة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية كانت تسعى بكل جهد، وبكافة الوسائل إلى تجنيد أكبر عدد من الجواسيس للعمل لحسابها كعملاء خاصة بعد يونيو67.وخلال فترة الإعداد للحرب، لاحظنا أن هناك خطابات بالحبر السري، يتم إرسالها إلى خارج مصر. وتمكنت عناصر المخابرات من اكتشافها، وبفحصها وجدنا فيها عددًا من الخطط الخاصة بتحركات القوات المسلحة.. ومنها بعض الخطط التي ستقوم بتنفيذها في المستقبل القريب.وعلى الفور ذهبت إلى المشير أحمد إسماعيل وأخبرته واستأذنته في مراقبة بعض الأشخاص. وأراد الله أن يكشف هذا الجاسوس من خلال أحد الخطابات التي كان يرسلها.

983
 

يتابع اللواء نصار :"قال الجاسوس بالحرف إنني قمت بتركيب « إريال» على سطح العمارة، واستطيع الآن استقبال إشاراتكم وأوامركم،فأرسلوا الإشارة باللاسلكي. وبدأنا نحصر كل الأشخاص الذين يعلمون بهذه المعلومات. وأي عمارة بها إريال غير تقليدي يتم معرفة صاحبه. وذات يوم كان هناك اجتماع في القيادة العامة للقوات المسلحة، بحضور الرئيس السادات فأخبره المشير أحمد إسماعيل بما حدث وبعد قليل وأنا في الاجتماع تلقيت اتصالاً من عناصر المخابرات لإبلاغي أنهم وجدوا الشقة المستهدفة وبالفعل استدلت عناصر المخابرات سريعًا عن صاحب الشقة. وكان يعمل مهندسًا. فطلبت من عناصرنا معلومات أكثر عن هذا الشخص، وأسلوبه ونمط حياته، فجاءت التحريات لتؤكد أنه مهندس مشهود له بالكفاءة في عمله وهو رجل أعزب، ولكنه يحتسى الخمر، ويقيم بعض السهرات الخاصة في شقته.

q9r7hl7vry1dw4syyv9x
هبة سليم

يضيف اللواء نصار :"وعلى الفور أبلغت الرئيس السادات والمشير أحمد إسماعيل بتفاصيل القصة. وعندما تم استدعاؤه واجهناه بالخطابات المكتوبة بالحبر السري.. فقال: أنتم عرفتم.. وتوالت اعترافاته..فقال: سوف أقول لكم الحقيقة كاملة وافعلوا ما شئتم!..قال: كانت هناك واحدة اسمها عبلة كامل..وكنت أريد أن أتزوجها، ثم وقع خلاف بين العائلتين، وتركت هي مصر وسافرت إلى فرنسا وكانت على اتصال بي.. ومنذ فترة حضرت لزيارة مصر فأخذتها في رحلة إلى الإسكندرية وشاهدت الرادارات الخاصة بالقوات الجوية.. وفى النهاية أخبرتني أنها كانت تعمل في عمل صعب فأخذها اليهود وأعطوها شقة، وعينوها في شركة بمرتب محترم، ثم بعد ثلاثة أشهر «رفدوها» ثم عادت مرة أخرى لمدة شهرين.. وقالوا لها هل تعرفين «فلان الفلاني» والمقصود بذلك أنا.. نحن نريد منه معلومات.. وقالت لي إن كل معلومات سيحصلون عليها منكم سيقابلها مبلغ كبير.. فأغراني الكلام فقلت نعمل «قرشين» وبعدها أسافر إلى فرنسا وأترك مصر نهائيًا.

يعود الزميل شريف عارف ليساله..  هل ترى سيادتكم أن الإغراء بالأموال..يكفى للخيانة أو بيع الوطن..؟

يجيب اللواء فؤاد نصار :"كانت هناك «نغمة» سائدة في هذا التوقيت.. وهي نغمة «اليأس من الحرب» لأن الرئيس السادات قد حدد أكثر من مرة «عام الحسم» وأن الحرب قد تأخرت، وربما أصبح من المستحيل أن نحارب من الأساس!.. إضافة إلى أن المخابرات الإسرائيلية – مثلها كأي أجهزة مخابرات - تستغل نقاط الضعف في أي شخص سواء كان الإغراء بالنساء أو الأموال.. أو المناصب.. أو الهجرة إلى خارج البلاد.. وهذا ما أظهرته اعترافات الجاسوس حينما قال: إنه وصل إلى مرحلة اليأس من الحرب.. وأن القيادة المصرية قد أعلنت أكثر من مرة أن الحرب قريبة.. وهو ما لم يحدث ولم تظهر دلائل تشير إليه.. فطلبت مقابلة الجاسوس بنفسي.. وفى مكتبي جلست معه لأستمع إليه عن قرب.. قال لي: إنكم أعددتم أكثر من خطة وفى كل مرة تقولون أن الحرب خلال شهور.. والحقيقة أنه لن تكون هناك حرب.. ومصر لن تحارب.. كلها أكاذيب.وبعد أن انتهى من كلامه أدركت أنه وقع تحت تأثير نفسي عميق من جانب المخابرات الإسرائيلية.. فقلت له: إن مصر ستحارب.. وستحاكمك بعد الحرب، لأنك خنت الأمانة وبعت بلدك للأعداء. وبعد الحرب سترى النتيجة بنفسك، وتدرك حجم عملك، فإذا انتصرنا ستكون أنت أحد المشاركين في صناعة هذا النصر.. وإذا انهزمنا ستكون هذه الهزيمة بسببك!

مشاهدةفيلمالصعودالىالهاويةالصعود-الى-الهاوية
 

يتابع اللواء نصار :"واتفقنا معه على أن يعمل معنا، ونستغل جهاز اللاسلكي الذي بحوزته لتدعيمه بالمعلومات التي نريد توصيلها للعدو.. والمثير أن هذا «المهندس» كان أحد المصادر المهمة جدًا التي بنيت عليها خطة «الخداع» المصرية لإسرائيل.

يساله الزميل شريف عارف..  ولكن كيف سقطت «الخطيبة» عبلة على الرغم من وجودها في فرنسا؟

يقول اللواء فؤاد نصار:" لقد علمنا أن والدها يعمل مدرسًا في ليبيا، وهي تحبه لدرجة الجنون، لأن أمها متوفاة وهو على علاقة قوية جدًا بها.. فأرسلت مجموعة من رجال المخابرات إلى ليبيا وقلت لهم دعوا أباها يطلبها.وعندما تحضر اقبضوا عليها، وفعلاً كان هناك تعاون مع ليبيا وأخبروا والدهـا أن ابنته مشتركة مع مجموعة من الفدائيين في خطف طائرة، ونحن لا نريد أن يحدث ذلك وهي معرضة لأن تموت ، فأرسل لها بأنه مصاب بمرض القلب وحالته خطيرة ويريد أن يراها قبل أن يموت. فأرسلت له عبلة تقول إن هناك طائرة إسعاف سوف تأتى لك بها أطباء وسوف تأخذك إلى فرنسا للعلاج.. فأخبروني بذلك.. فقلت يدخل المستشفى ويمنع الزيارة بأمر من الأطباء وأن أمامه 48 ساعة وممنوع من الحركة أو الزيارة.

وفعلاً حدث وحضرت عبلة في اليوم التالي ، وكان رجالنا في انتظارها بالمطار. وعند نزولها أخذوها إلى طائرة مصرية إلى القاهرة. وعندما علمت بأمر القبض على المهندس أرسلت تقول لهم كما أخبرها بأن الحالة خطيرة في مصر وهناك استعداد للحرب وأنا هنا معه للاستعداد لهذه الفترة الحرجة. وفعلاً بقيت في مصر طوال فترة الحرب وبعد الحرب تمت محاكمتها وصدر ضدها الحكم بالإعدام.

يسأله الزميل شريف عارف.. هل تم ضبط حالات تجسس أخرى؟!فيرد اللواء فؤاد نصار:" لم يحدث داخل القوات المسلحة أي حالات تجسس".

يذكر أن السينما تناولت قصة القبض على الجاسوسة عبلة كامل أوهبة سليم من خلال فيلم " السقوط فى الهاوية "  والذى يدورحول كيفية تجنيد المخابرات الإسرائيلية  للعميلة عبلة كامل في فترة حرب الاستنزاف لتتجسس على مصر. تم كشفها في باريس، وخطة خداعها بحيث تسافر إلى بلد عربي، ومن هناك استلمتها المخابرات العامة المصرية عبر ظابط المخابرات البطل رفعت جبريل لتطير بها إلى مصر، حيث أحيلت إلى المحاكمة وتم إعدامها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق