شهادة الفريق عبدالمنعم خليل عن يوم العبور

السبت، 07 أكتوبر 2017 02:00 م
شهادة الفريق عبدالمنعم خليل عن يوم العبور
الفريق عبد المنعم خليل
شريف عارف

 فى السادسة من مساء يوم العبور صرخ قائد صهيونى: ما الذى يجرى؟ إنه الجحيم 
 السادات قال لنا: العرب قدموا الطاقة ورأس المال ولا أستطيع مطالبتهم بأكثر من ذلك 
 قواتنا الجوية دفعت بـ 200 طائرة فى قتال انتحارى أدى إلى إصابة قيادة العدو بالشلل 
 جنودنا كانوا يركضون نحو الدبابات الإسرائيلية ويتسلقونها ويقتلون كل أطقمها
كيف استطاع جندى المشاة تسلق ميول خط بارليف الحادة والارتفاع واقتحام الحصون الإسرائيلية؟
 
فى أول أكتوبر 1973 حضر القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس أنور السادات أول اجتماع شامل للاستماع إلى تقارير القادة والرؤساء بشكل عام ومدى استعداد القوات المسلحة لتنفيذ المهمة، مع ذكر الصعوبات التى نواجهها.
 
وجاء تقرير المخابرات الحربية عن الموقف فقال: 
 
- نجحت قواتنا فى الحشد حتى 26/9/1973، وأعلن «ديان» أن مصر وسوريا حشدت قواتها، وعين قائد جديد للقوات المدرعة الإسرائيلية فى سيناء، وأعلنت إسرائيل الطوارئ فى المنطقة الشمالية بواسطة الإذاعة، وأخلت بعض المناطق فى شمال إسرائيل، ولم يحرك العدو أى قوات برية تذكر أمام قواتنا، ولكنه عزز موقفه فى مواجهة القوات السورية بلواء فقط، وكان الاستنتاج أنه ربما يقوم العدو بعملية إحباط جوى وبمدفعية بعيدة المدى، خاصة فى مرحلة عبور قواتنا دون إدخال قوات رئيسية فى مدى مدفعيتنا المتفوقة والمؤثرة، ولقد أوقف العدو أعماله الهندسية أمامنا بالجبهة بعد 16/9/1973.
 
ثم تحدث اللواء أ.ح محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، معلنًا أنه قد تمت مرحلتان من مراحل إعادة تجميع القوات، والمرحلة الثالثة ستتم على فترات لرفع درجة استعداد القوات المسلحة على خطوات، وتسير خطة الخداع الاستراتيجى والتعبوى بالتنسيق مع وزارتَى الخارجية والإعلام، أما خطة الخداع العسكرى فقد تمت بنجاح.
 
كما أشار بأنه حاليًّا من أول أكتوبر 1973 مشروع تعبوى استراتيجى لاستدعاء الاحتياطى وإلغاء الفرق التعليمية، ولم يعلن توقيت الهجوم للآن، والخطط ستنزل تدريجيًّا إلى الأفراد.
 
وأفاد الفريق محمد حسنى مبارك، قائد القوات الجوية، أنه لا تعديل فى الخطة، وتم تنسيق الضربة الجوية المركزة مع سوريا: الضربة الأولى، ثم الضربة الثانية بعد ساعتين.
 
وأوضح الفريق محمد على فهمى، قائد قوات الدفاع الجوى، أن انتقالات كتائب الصواريخ تسير حسب المخطط لتوفير حماية التجمع الرئيسى للقوات البرية فى العمليات الهجومية. وقال الفريق فؤاد أبو ذكرى، قائد القوات البحرية، إنه لا تغيير فى الخطة، والقوات أخذت مواقعها، وبدأت فعلًا الغواصات فى التحرك لتنفيذ مهامها.
 
وقال اللواء أ.ح محمد سعيد الماحى، مدير المدفعية: 
 
- أنا جاهز لتنفيذ المخطط وتمهيد النيران للهجوم 4 قصفات منها قصفة واحدة كاذبة.
 
وتكلم اللواء أ.ح مهندس جمال على عن خطة التأمين الهندسى قائلًا: 
 
- المعركة معركة مهندسين، وتبدأ بنا، وهذا يحتم علينا الإسراع فى فتح الساتر الترابى وتدبير مهمات الكبارى، وحياتنا تتوقف على حماية المعابر، ويجب تركيز الدفاع الجوى لحمايتها.
 
ورد الفريق محمد على فهمى وقال: 
 
- تم توفير كل ما يمكن توفيره لحماية المعابر (يقصد الكبارى والمعديات ومناطق العبور).
 
وأكد الفريق الشاذلى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بأن معدات العبور كافية تمامًا وتأمين أعمال المهندسين متوفر من الأرض والجو.
 
وجاء دور هيئة الإمداد والتموين وتكلم رئيسها، اللواء أ.ح نوال سعيد، قائلًا إن الإمداد وانتظام وصوله يحتاج إلى تركيز فى التصنيع والإمداد بمعدات العبور.
 
ثم تحدث اللواء أ.ح عبدالمنعم واصل، قائد الجيش الثالث، قائلًا:
 
- لا تغيير فى المهمة، والجميع متفهم تمامًا، وتم مراجعة الجيش، وتم التجهيز الهندسى للمصاطب والمنطقة الابتدائية للهجوم، ونحن على استعداد.
 
أما اللواء أ.ح سعد مأمون، قائد الجيش الثانى، فقد أشار إلى أنه قد تم إعادة التجميع، وتم تدريب جميع القيادات واللواءات بكامل معداتها تمامًا مثل الحرب، وهذا حقق نجاحًا، وأنه لا تعديل فى التخطيط الموضوع، ثم قال: 
 
- وبإذن الله سنحقق المهمة، وقد عملت نداء كشحن معنويات للقوات بالجيش الثانى.
 
وهنا قال الرئيس السادات لقائد القوات البحرية: 
 
- البحرية مسئولة عن حماية جنب الجيش الثانى من بورسعيد إلى الشرق، وبعد الاستيلاء على القنطرة ونقط العدو الحصينة شرق بورفؤاد، ويجب أن تقوم البحرية بحرمان العدو من أى تدخل بحرى.
 
وعندما جاء دور منطقة البحر الأحمر قال اللواء إبراهيم كامل إنه لا تغيير فى المهمة، والقوات جاهزة ومعنوياتها جيدة، ولكن الرئيس السادات قال: 
 
- يجب أن نتوقع أن العدو سيعمل ألاعيب، ومعروف ما قام به العدو من نشاط جوى واختراقات فى المنطقة إلى عمق مصر من هذا الاتجاه.
 
وعندما طلب منى تقديم تقريرى عن المنطقة العسكرية المركزية، بدأت قائلًا بثقة فى نصر الله لنا: 
 
- الحقيقة أنى متفائل بالنصر.
 
وبصفتى كنت رئيسًا للجنة الخاصة بالمرور على تشكيلات ووحدات الجيوش الميدانية وقياس درجات الاستعداد أقول: 
 
- إن الروح المعنوية لقوات الجيش الثانى والثالث ووحداتى التى أرسلتها إلى الجيوش للدعم عالية ومرتفعة.
 
وكذا عن الاستعداد القتالى لقوات المنطقة المركزية أقول:
 
- إن الانتشار سيتم فى آخر ضوء يوم 4 أكتوبر 1973، والقوات تستعد فى أماكنها لأعمال التأمين والدفاع، وتم التنسيق مع قوات الحرس الجمهورى.
 
وهنا أشار الرئيس السادات أن للعدو عملاء فى كل المنطقة، ويمكنه عمل أى شىء فى الداخل، والقاهرة بها 6 ملايين، وله عملاء فى السفارات الأجنبية، ويجب تنسيق ذلك مع ممدوح سالم وزير الداخلية وعبدالسلام توفيق رئيس المخابرات العامة ونصار رئيس المخابرات الحربية لإحكام ذلك. وقال عن الشرطة العسكرية: 
 
- حاوِلوا تغيير البيريه الأحمر وكذا الخوذة.
 
وبدأ العميد أ.ح نبيل شكرى، قائد وحدات الصاعقة، بآية قرآنية: «وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ» «صدق الله العظيم». ثم شرح خطة الصاعقة وأن استعداد قوات الصاعقة تمام، والقوات جاهزة للتنفيذ. وطلب سرعة الإمداد التالى لوحداته فى داخل سيناء، ورد عليه الفريق الشاذلى قائلًا: 
 
- نحن ملزمون بالإمداد بعد 48 ساعة.
 
واختتم اللواء أ.ح نوال سعيد، رئيس هيئة إمدادات وتموين القوات المسلحة، موضحًا أن أوضاع القوات والقواعد الإدارية تسمح بخدمة العملية بالكامل وتحمل ضربة العدو للإحباط، وأن الاحتياجات موزعة على أنساق تضمن استمرار القتال، وأن الحملة قادرة على الإمداد، حتى مع تعرض السكة الحديد للتعطيل، كما تم عمل خطة إمداد وتأمين فيما يختص بتعرض موارد الوقود.
 
هذا ما استطاع شريط ذكرياتى تسجيله فى هذه اللحظات الحاسمة فى تاريخ مصر، يسعدنى أننى سجلت بعناية تعليق صانع القرار، ولم تفُتنى كلمة من حديث الرئيس محمد أنور السادات للتاريخ: 
 
قال الرئيس السادات 
 
اليوم واحنا قاعدين نكتب تاريخ مصر الحقيقى بكم أنتم والحمد لله انتهت فترة الآلام والمرارة، وأنا باعِدّ الساحة لكم دوليًّا وعربيًّا وداخليًّا. الساحة الدولية جاهزة بعد ما حدث فى مؤتمر القمة الأفريقى، وبعد مؤتمر عدم الانحياز أكثر من 80 دولة، وكان المؤتمر قويًّا والتيار جارفًا رائعًا بالنسبة للقضية، أما الساحة العربية فقد وصل الموقف العربى إلى أقصى ما يمكن أن نصل إليه قبل بدء المعركة، لا شىء تأخذه بعد هذا من العرب بعد الطاقة ورأس المال، والكل ينتظر ماذا سنفعل، ومع سوريا، فالقائد العام قائد للجبهتين وأخطرهم اليوم بكل شىء، والتنسيق كامل بيننا.
 
السبت السعيد 6 أكتوبر 1973
 
1- يوم العاشر من رمضان - يوم عيد الغفران
 
لقد حضرت بصفتى قائد المنطقة العسكرية المركزية عرضَ الخطة العامة وتقارير الاستعداد على القائد الأعلى للقوات المسلحة يوم أول أكتوبر 1973.
 
ولن أستطيع أن أكتب عن شىء لم أشاهده عين اليقين حتى أكون صادقًا مع نفسى ومع التاريخ، وسأترك هذا لمن هم أجدر منى بكتابة تفصيلاته، فهم القادة الذين اشتركت وحداتهم فى التخطيط والإعداد والتنفيذ، ولكنى سأسمح لنفسى بالتعليق كرجل حضر مراحل الإعداد الطويلة واشترك فى التخطيط، ثم شاء القدر له أن يحضر مرحلة التنفيذ الفعلى قبل غروب شمس يوم 16 أكتوبر 1973 (20 رمضان 1393) كقائد للجيش الثانى الميدانى.
 
2- الضربة الجوية
 
ركزت القوات الجوية المصرية فى تدمير مراكز قيادة القوات الإسرائيلية فى أم خشيب 200 طائرة فى قتال انتحارى عنيف، ونجحت قواتنا الجوية فى شل القيادة الإسرائيلية بها مدة حوالى أربع ساعات كانت كافية لعبور المشاة.
 
وهكذا تمكنت قواتنا الجوية من قذف الرعب فى قلوب قادة إسرائيل وشل قدراتهم على التصرف أو معرفة ماذا يجرى فى قناة السويس.
 
وكيف استطاع جندى المشاة تسلق ميول خط بارليف الحادة والارتفاع واقتحام الحصون الإسرائيلية، وأورثهم الله حصون بارليف وأماكن مبيتهم وراحتهم وما بها من ذخائر وعتاد وغيره، ورفعوا علم مصر خفاقًا على الحصون، تعلن للعالم نصر مصر العظيم وتعلن لكل البشر: الله أكبر، الله أكبر.
 
ويقول أحد الجنود الإسرائيليين وهو فى برج المراقبة فوق موقع حصين من خط بارليف شرق كوبرى الفردان فى قطاع الجيش الثانى، وقد وقع فى أسر قواتنا: 
- كنت أجلس فى استرخاء داخل برج المراقبة وسمعت هديرًا هائلًا أخذ يزداد قوة، إنه سرب من الطائرات النفاثة يمر فوقى، ثم فجأة وجدت عشرات الجنود المصريين يقفزون على الرمال وينطلقون جريًا فوقها والرمال تتوهج بالنيران، وفقدت حاسة السمع كأن الفيلم الذى أشاهده فيلم صامت.
 
وفى السادسة مساء يوم السبت السعيد، أى بعد أربع ساعات قتال، طلبت القيادة الإسرائيلية صورة الموقف من قادة وحداتهم فى حصون خط بارليف.
 
ويقول الإسرائيليون إنه قد أتاحت أجهزة اللاسلكى الأمريكية المتطورة فى مواقع القيادة الفرصة لكل من كان حاضرًا أن يسمع كل ما يجرى داخل الخط المرتبط بهذه الشبكة الدقيقة من الاتصال، أى كلهم فى وضع تصنت لما يجرى فى الحصون المنيعة. أحد ضباط العمليات يصرخ: 

- ما الذى يجري؟ إنه الجحيم!
 
ومن جهة أخرى كانت الدبابات الإسرائيلية تتحرك نحو القناة فى اتجاه حصون خط بارليف للهجوم المضاد كما نسميه نحن المحلى أو السريع من قوات قليلة العدد لنجدة الحصون، وكانت مئات الصواريخ المضادة للدبابات تطلق عليهم من الضفة الغربية 
 
وقد قرأت فى أحد الكتب التى ظهرت بعد حرب 1973 عن قائد إسرائيلى يحكى عن هجوم المصريين يوم 6 أكتوبر قائلًا: 
 
حاولت بعض حصون خط بارليف خوض معارك مع المصريين الذين عبروا القناة ومروا بجوارها، وأطلقت هذه الحصون نيرانها على القوارب العابرة للقناة، وكان بعضها ينشطر فى المياه فيكمل الجنود العبور سباحة. وانطلقوا إلى أعلى الساتر الترابى الشديد الميل ومعهم معداتهم الثقيلة ومعدات أخرى متعددة مثل: أدوات حفر الاستحكامات، الكمامات، الخناجر، الأطعمة، قنابل يدوية ومتفجرات وذخيرة وحقائب أشبه بحقائب «جيمس بوند»، وبداخلها الصاروخ الرهيب ساجر، وانتشر المصريون فى كل مكان على الضفة الشرقية للقناة
 
قررت القيادة الإسرائيلية القيام بالهجوم المضاد الرئيسى يوم 8 أكتوبر 1973 بعد أن تصل فرق الاحتياط وتجميع وحدات الدبابات، وتصوروا أن هذا التجمع الضخم للدبابات والإمكانيات سيحقق لهم استعادة توازنهم، واعتبروا - حسب خططهم - أنه اليوم السابع الجديد فى حرب الأيام الستة عام 1967.
 
وبدأ الهجوم المضاد، واصطدمت الدبابات المهاجمة التى تحميها الطائرات الفانتوم والسكاى هوك والميراج بفرق المشاة المصرية المسلحة بالصواريخ، ومعهم دباباتهم وناقلات الجند المدرعة التى عبرت إلى الضفة الغربية فى اليوم الأول قتال وما بعده.
 
وكانت خطة الهجوم المضاد مقسمة إلى اتجاهات يقود كل منها أحد كبار الضباط الإسرائيليين، وهنا يقف التاريخ ليسطر شجاعة وبسالة الجندى المصرى، فقد كانوا يركضون نحو الدبابات يتسلقونها ويقتلون مَن فيها بغير نهاية لما يفعلون، وكانت المدرعات الإسرائيلية تتحرك نحو مياه القناة بسرعة عالية وفى مجموعات كبيرة، ولكنها كانت تتلقى عشرات الصواريخ وتشتعل وتحاول الانسحاب وهى تحترق، وانتهى الهجوم المضاد وانسحبت الدبابات بشكل غير منتظم ونفدت ذخيرتها واحترقت دروعها، وخسرت إسرائيل الكثير فى اليوم الثالث من القتال، ووقع فى الأسر مئات من الجنود خاصة جنود المدرعات، ومنهم «عساف ياجورى» قائد قوة الهجوم المضاد على جسر الفردان، وشاهده الملايين فى تليفزيون مصر نفس الليلة وهو يتكلم منكسر النفس ذليلًا!
 
واستمر تدفق القوات المدرعة المصرية شرقًا عبر الجسور، ووصل قادة الجيش الإسرائيلى إلى حافة الفشل أكثر من مرة، وتحول الهجوم المضاد إلى الدفاع لصد هجمات المصريين، ولكنهم لم يستطيعوا الصمود ووَلوا الأدبار، وفى اليوم الرابع قتال تبعثرت القوات الإسرائيلية وتفككت، بينما نحن نحسن مواقعنا ونتقدم.
 
وهكذا نجحت القوات المصرية فى اقتحام قناة السويس وحصون خط بارليف القوية، واستطاعوا سحق خط الدفاع الإسرائيلى الأول وإبادة وحدات إسرائيلية مدرعة وأسر مئات الضباط والجنود، ورفرفت أعلام النصر على أرض مصر فى سيناء تعلن أنها ستظل دائمًا مرتفعة وستتقدم قواتنا إلى الشرق بقوة، رافعة أعلامها لترفرف على كل شبر من أرض مصر الطاهرة بإذن الله، وتحقق حلم صانع القرار، ليس فى 10 سنتيمترات من الأرض، ولكن إلى أكثر من 10 كيلومترات والحمد لله.
 
ومهما كانت المتاعب مستقبلًا، فقد كانت ساعة انتصار رائعة بعد هزائم أعوام 1948، 1956، 1967 جعلت «جولدا مائير» يوم 6 أكتوبر 1973 تقول: 
 
- نحن ندافع عن أنفسنا، إنهم هم المعتدون، ونحن لا نريد إلا السلام.
 
مشاعر الحنان والحب والخوف
 
وجاءت الساعة الثانية بعد الظهر يوم السبت العاشر من رمضان، وأعلنت البلاغات المصرية عبور القنال ورفع أعلام مصر عالية على حصون خط بارليف، وهنا شعرت بحنين عجيب إلى رجالى، شعور الحنان والحب والخوف عليهم، وتذكرتهم جميعًا واحدًا واحدًا، وأول ما تذكرت العميد أ.ح فؤاد عزيز قائد قطاع القنطرة وكيف يمكن التغلب على حصون خط بارليف القوية الحصينة أمامه فى القنطرة شرق وهى كثيرة. ثم اللواء عمر خالد فى قطاع بورسعيد، وكانت أمامه نقطة قوية حصينة شرق بورفؤاد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكانت خطة اقتحامها من البر والبحر والبحيرات تحتاج مفاجأة ودقة وشجاعة، وأمامه أيضًا فى الكيلو 10 ونصف تقريبًا موقع آخر حصين على قناة السويس خلاف مواقع حصون بارليف الأخرى. وكان قلبى يدعو الله لهم بالنصر.
 
ومرت أمامى صورة العميد أ.ح عبدرب النبى حافظ فى جنوب الإسماعيلية وموقع الدفرسوار الحصين القوى وما فى عمقه من دفاعات تحميه واحتياطيات للمدرعات الإسرائيلية ومنطقة الضخ والمزرعة الصينية! ولكنى كنت واثقًا أن عبده - وهكذا كنت أناديه - قادر بإذن الله على التغلب على هذه الصعوبات، وهو الذى عايش هذه المنطقة سنوات طوالًا، فقد كان قائد اللواء فى هذا القطاع عندما كنت قائدًا للفرقة الثالثة فى قطاع جنوب الإسماعيلية.
 
أما العميد أ.ح حسن أبو سعدة فقد قص عليَّ رؤيا له قبل العبور بأسابيع، وكان واثقًا من نفسه ورجاله، فهو فى المنتصف وقلت: «خير الأمور الوسط»، برغم أن أمامه حصون بارليف العتيدة فى رقم 6 أمام الإسماعيلية وكوبرى الفردان وغيرها، والأرض شرقًا غرود رملية كثيفة، ولكن الوسط دائمًا قد يتعرض للهجمات الإسرائيلية التى تستخدم الطريق الأوسط الرئيسى إلى عمق سيناء.
 
وسرحت بأفكارى إلى مركز قيادة الجيش الثانى وما فيه من رجال قادرين على إدارة دفة المعركة إلى النصر تحت قيادة الأخ والزميل اللواء أ.ح سعد مأمون، واطمأن قلبى أكثر على تحقيق العبور واقتحام حصون خط بارليف.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق